هذه القصيدة هي قصيدة مشتركة بيني و بين أخي العزيز الشاعر أحمد هلال ، وقد وفقنا الله عزَّ وجلَّ لإلقائها في سلطنة عُمان الشقيقة في أمسية رثائية بمناسبة الأربعين .
أنتَ السماءُ التي غيماتُها نَحْرُ= وقدْ أُريقتْ ،فمن تخضيبِها القَطْرُ
كأنَّ جُرحَكَ بحرٌ عَبَّ من دمِه =موجُ المنايا التي لم يحوها بحْرُ
تنداحُ من نزفكَ الجبّارِ ملحمةٌ =حمراءُ ،ينداحُ منها بِاسْمِكَ النَصْرُ
لا زلتَ تختصرُ الأزمانَ في زمنٍ= يمتدُّ بالدّمِ ما إنْ ينتهي العمرُ
أجّجتَ في لُغةِ الأضواءِ قافيةً = حيث النهاياتُ لا يأتي بها الشِعْرُ
هذي وجوهُ الأضاحي لا يزالُ بها = من نورِ وجهكَ نورٌ أيَّها البدْرُ
إيهٍ رزايا حُسينٍ هل لأمّتِنا =صَبْرٌ إذا كَلَّ عن تهوينكِ الصبرُ؟
أكادُ أقتلُ نفسي كي أُخلِّصَها =من ذا الأنينِ الذي قد مَلَّه الدهرُ
لَوَ أنَّ من ماتَ يدنو من مسامعِه =نوحي ، لأَخْرَجَه من قبرِه الذُعْرُ
دمعي يتيمُ عيوني بعد أن رحلتْ =عن عَالَمِ النورِ، فَالظَلْمَا لها قبْرُ
يندسُّ ليلُ الأسى في صبحِ مُقلتِه= فيُمسكُ الدمعَ عن إشراقهِ سِتْرُ
تنامُ في صدره الزهراءُ هانئةً= و دفؤها أضلعٌ أودى بها الكسرُ
و حيدرٌ وردةٌ في روضِ منحره= بصارمِ الحقدِ يفري عطرَها الشمرُ
و زينبٌ غيمةٌ تُلقي ظلالَ أسىً = على تريبٍ صَلاه الحرُّ و القفرُ
كالموتِ في أخذه أرواحَنا أخذت = أحشاءنا حرقةٌ ، فقلوبُنا جمرُ
لسنا إذا الخطبُ أعيتنا فداحتُه = عن حملِه ، لم يُطقْ أكتافنَا الإصرُ
واحرّا قلباهُ .. رأسٌ ليسَ في جسدٍ = و الرمحُ بينهما جارٍ به الأمرُ
يا من تزورونه زوروه في عجلٍ= ولا تُطيلوا ، فإنَّ مُصابَه مُرُّ
مُرّوا على الجسمِ ،جسمِ الدين مُعتفراً= فوق الثرى ، فالأسارى قربه مَرّوا
علّيتُ رأسي على رمحٍ كما صنعت= بكَ القنا فتنادى حينها الثغرُ :
الجسمُ في كربلا مُلقىً بلا كفنٍ = و الرأسُ في سفرٍ تحدو به السمرُ
ما بالُ قومٍ رسولُ اللهِ خصمُهمُ =غداً إذا قامَ في كلِّ الورى الحشرُ
لا ليس يوجد قلبٌ يستطيعُ له= صبراً ، و ليس لمكسورٍ بهِ جبرُ
أبعدَ أنْ نشبَ السهمُ المثلّثُ في = فؤادِه ، كيفَ لا يهوي به المُهرُ ؟