في رثاء البضعة الزهراء (10) الشيخ حسن القيسي البحراني
قال رحمه الله يرثي السيدة الزهراء (ع)
أو ما ترى عينيك تهمي أدمعا=فلما وكيف تريدها أن تهجعا
كلفتها شططاً إذا شئت الكرى=منها وذلك مثله لن يُسمعا
أرأيت محزوناً يلام على البكا=كف الحمامة في الدجى أن تسجعا
إن الحزين إذا تمادى حزنه=تلقاه يتخذ البواكي مفزعا
يا عين مالك تهملين مدامعاً=حمراً أخال بك المدامع أترعا
ما آن للأجفان من جريانها=تلك المدامع بالبكا أن تقلعا
بالله يا أجفان عيني فاقلعي=عن ذا المسيل فإن سيلك قد دعا
مني الخدود بها القروح من البكا=بالله يا عينيَّ سدي المنبعا
تالله ما أجراك سيلاً سائلاً=يهمي كما أهمى السحاب وأهمعا
إلا مصاب الطهر بنت محمد=أم الأئمة حين همَّت بالدعا
فقدت أباها فاستطال بكاؤها=ومصابها قد راح يكوي الأضلعا
بأبي التي قاست أشد بليةٍ=ومصائباً كسواد ليل لو وعى
معشارها جبلٌ أشمٌ لانثنى=متفجراً من وقعها وتصدعا
لم أنسها تبكي بأعظم وحشةٍ=كالليل إذ يبدو ظلاماً أسفعا
ورأت أباها للمقابر ماشياً=وإلى المنازل شخصه لن يرجعا
ودعت بابنيها تئن بلوعةٍ=إبنيَّ قوما عاجلاً وتودعا
فاليوم جدكما تجهز راحلا=نحو القبور وبعدها لن يرجعا
فتصارخ السبطان أيُّ تصارخٍ=يوهي أشد الراسيات وأرفعا
لهفي لها بين الجدار مروعة=قد كسروا منها وربي أضلعا
لهفي لها قد أنبتوا في صدرها ال=مسمار فانبعثت دماها همَّعا
لهفي لها لما رأت لحميِّها=جهراً يقاد مهرولاً قد لوَّعا
خرجت تجر وراءه أذيالها=والعين من ألم تسيل الأدمعا
تدعوهمُ: خلُّوا ابن عمي عاجلاً=أو لا فإني سوف أكشف بالدعا
وأروح أشكو للجليل ظلامتي=وبغير حيدر إنني لن أرجعا
لهفي لها ملطومة العين التي=قد راح منها نورها وتسفعا
لهفي لها بالسوط ورَّم متنها=فإذا بها راحت تئن توجعا
يا بنت أحمد ما أشد مصابكم=خطب له قلب الصبور تصدعا
صلى عليك الله ما هبت صبا=وتجمعت زمر الحجيج تجمعا