قد روينا عن فاطم الزهراءِ=بضعةِ المصطفى حديثَ الكساءِ
دخل البيت ذات يومٍ عليها=وشكا الضعفَ سيدُ الأنبياءِ
قلتُ يا والدي أعيذك باللهِ=من الضعف والضنا والعناءِ
قال هاتي لي الكساءَ اليمانيَّ=وحسبي بأن يكون غطائي
فامتثلتُ الأمر الكريمَ وأب=صرتُ محياه مشرقاً بالبهاءِ
ولضيق الخناق في اللفظ قالتْ=وجههُ البدرُ كاملاً في الضياءِ
ثم لم تمضِ ساعة فغشاني ال=حسنُ الطهرُ بالسلامِ الفجائي
وعليكَ السلامُ قرةَ عيني=وسويدا الفؤادِ في الأحشاءِ
وانثنى سائلاً فقال أمسكٌ=عند أمي يضوعُ في الأرجاءِ
أم تراني شمَمْتُ رائحةً من=نفحِ طيبِ المحبوِّ بالاصفطاءِ
قلتُ هذا النبيُّ يا من به قد=باهلَ اللهُ سائر الأبناءِ
نام تحت الكسا، فجاء إليه= مع أسنى تحيةٍ وثناءِ
قائلا يا حبيبَ قلبي فحقق=بدخولي مع الحبيبِ رجائي
فاستجابَ النبيُّ بالإذن فوراً=إنهُ لم يزلْ مجيبَ النداءِ
حضن الليثُ شبلهُ، قالتِ ال=طهرُ فجاء الحسينُ في الأثناءِ
قائلاً يا ابنة الكرامِ سلامٌ= وصلاةٌ عليك ستَّ النساءِ
وعليكَ السلامُ فلذة قلبي=بل فؤادي يمشي على الغبراءِ
وأعادَ السؤالَ عندك طيبٌ=عبقتْ فيه سائرُ الأنحاءِ
أكبر الظن أنه طيبُ جدي=مصطفى الفضل من بني حواءِ
قلت ذا جدك النبي قريناً=لأخيك الزكيِّ تحت الكساءِ
فمضى نحو جده عن غرامٍ=ثم حياه سيدُ الشهداءِ
قائلاً هل يجودُ بالإذن جدي=فهو للجود معدنٌ والسخاءِ
أن يكون الحسينُ تلو أخيه=ثاني اثنينِ ثالث القرناءِ
أترى المصطفى يرد حسينياً=لا وذي العرشِ صاحبِ الكبرياءِ
أشرق الفرقدانِ في ذي السماءِ=واستمدا سناهما من ذكاءِ
قالتِ الطهرُ فاطمُ الزهراءُ=وكفانا بفاطم الزهراءِ
ثم جاء الوصي خير البرايا=ألفَ أهلاً بسيد الأوصياءِ
ثم حيا بكل ودٍّ وشوقٍ=ما أحيلى تحية الأكفاءِ
وهي ردت عليه رداً جميلاً=وهما من هما من البلغاءِ
نفَحَ الطيبُ فاستهامَ ادِّكاراً=لشذاهُ من قبل عهد حراءِ
قال يا فاطمٌ أرائحةٌ من= طيب خلق النبي رب العلاءِ
قلتُ هذا أبي وسبطاه ضاءوا=تحت هذا الكساءِ هذي السماءِ
هو صنو النبيِّ، لم نرَ صِنواً=كان عن صنوه من البعداءِ
فأتى للنبيِّ يدفعه ال=شوق وحيَّا بدافعٍ من ولاءِ
قائلاً يا حبيب قلبيَ سمعاً=لندائي، ولا ترد دعائي
عجل الإذن بالدخول عليكم= يا فدتكم نفسي، وقلَّ فدائي
أخرَجَ المسلمينَ إلا علياً=يوم سدِّ الأبوابِ دونَ مراءِ
أتراه يرد اليوم، كلا=إنه لم يزل من القرباءِ
خَفَرَاً في الكساء وافى،ولكن=فَرَطَاً كان ليلةَ الإسراءِ
غبطتهم،وحقَّ لو غبطتهم=فاطمُ الفضلِ فاطمُ العلياءِ
فأتت نحوهم وأبدت سلاماً=ابتداء، لكن بغير انتهاءِ
طلبت بالدخول إذن أبيها=سيدِ المرسلين والأنبياءِ
أيضيقُ الكساءُ عنها وكم قدْ=وسعتها من آية في الثناءِ
واتل آيَ التطهير أو آية القر=بى ترَ الأمر واضحا للرائي
ولكم لفَّهم ونوَّهَ فيهم=أحمدٌ في عباءة أو عباءِ
حسدت ذلك الكساءَ سماءٌ=زُينت بالبدور والجوزاءِ
كيف لا وهو من حكيم خبيرٍ=كان عرش المليك والوزراءِ
صفوة الله زبدة المخض لما=خلق الله سائر الأشياءِ
وهم المجدُ ربّه قد بناهُ=لبنة فوق لبنة في البناءِ
وهم علة الوجودِ، ولولا=هم لظل الوجود رهن فناءِ
ورأيتَ النجومَ في فلك لم=تسرِ، والفلكَ ما جرت في الماءِ
يوم نادى الإله كل ملاكٍ=وبسكان أرضه والسماءِ
فومجدي وعزتي وجلالي=وأنا العز والفخار ردائي
ما خلقت السماء والأرض إلا=حبَّ أهل الكساء من أمنائي
حب أهل الكساء والعلل الخم= س وهل تعلمون من هؤلاء؟
هؤلاء الزهراء ثم أبوها=وعلي وابناهما أصفيائي
فدعاه الأمينُ ربِّ فعجل=ليَ بالإذن يا رب العطاءِ
فكفاني فخراً بأني فيهم=سادساً كنتُ ساعةَ الإحصاءِ
فأتاه الأذن الكريم، وحقاً=موسمُ البشرِ ساعةٌ من لقاءِ
عَلِمَ الروحُ أنه بهبوطٍ= لهمُ حاز غاية الارتقاءِ
فانتهى للذي قد اختاره من= خلقه ذو النوالِ والآلاءِ
وحباهُ تحيةً، من تراه=غيرَ هذا للرسول أهل الحباءِ
وأعاد الثنا عليه من الله=وكان الشكورَ للنعماءِ
قائلاً إن ربك الحق آلى=بعلاه ومجده اللانهائي
إنه ما برا الخليقةَ إلا=لكم وحدكم بلا استثناءِ
وحباني بإذنه بدخولي=معكم، فحباني بإذن ثنائي
صدر الإذنُ من نبيٍّ عظيمٍ=فاكتسى الروح حلة السراءِ
ولقد عاد فخره واضحا في= عالم الأمر كاملاً في الجلاءِ
قصب السبق حازها في سباقِ ال=فخر عند الأملاك والسفراءِ
وتلا آية من الوحي فيهم=طهرتهم جهرا من الأسواءِ
ولقد ثابر النبي عليها=كل صبح مكرِراً ومساءِ
وإذا بالوصي يسأل طه=وهو والله سيد الفصحاءِ
ولكم عالمٍ يساءل حتى=ينجلي الأمرُ خالصاً عن خفاءِ
أي فضل لنا بمجلسنا هذا=لدى الحق قاسم الأنصباءِ
فأجاب النبي هذا حديثٌ=إن جرى في محافل الأحياءِ
نزلت طيلةَ اجتماع عليهم=رحمةُ الله أرحمُ الرحماءِ
وبهم أحدقت ملائكة الله=وقد أسعفتهم بالدعاءِ
وقد استغفروا الإلهَ لهم إذ=نحن كنا لهم من الشفعاءِ
فاجاب الكرارُ فزنا وفازت= شيعةٌ خيرُ شيعةٍ سعداءِ
ثم قال الهادي ومن قد حباني=لاختياري لوحيه واجتبائي
إنَّ ذكرى حديثِ مجلسِنَا هذا=دواءٌ لجملة الأدواءِ
حيثما يجري في أناسٍ وفيهم= مبتلىً كان دافعاً للبلاءِ
وإذا كان فيهم ربُّ غمٍّ=زال ما به من الغمَّاءِ
وإذا كان فيهم ذو احتياجٍ=قضيت حاجُهُ بخير قضاءِ
عندها قال حيدرٌ قد سعدنا=وإلهٍ للكعبةِ الغراءِ
وكذا شيعةٌ لنا سُعدوا في= هذه الدار ثم دار الجزاءِ