في رثاء البضعة الزهراء (6) الشيخ حسن القيسي البحراني
مالي أرى لوامتي تلحوني=وبلومها وعتابها تنحوني
وتقول لي: قل لي بربك صادقاً= فعلام أنت مدى المدى بأنينِ
أفهل ترى أجرى دموعك وكفاً=فقد الأنيس ووحشة المسكونِ
إن المنازل إن بقت مهجورة= أشجت فؤاد أخي الجوى المفتونِ
فمنازل الأحباب إما أقفرت=ورأيتها تشجيك أي شجونِ
فاحمل وكن في الدهر صبارا فما= ذا الدهر يوما إن وفى بأمينِ
فالدهر جور والزمان عداوةٌ= واعلم فليس الدهر بالمأمونِ
غدرٌ وظلمٌ دأبه ومضرةٌ=أو ليس ذلك طبع كلِّ خؤونِ
فعليك بالصبر الجميل فإنه=درع حصين كان أي حصينِ
ودع الوثوق من الزمان فإنه=يعدو عليك بحقده المدفونِ
فمن الذي أمن الزمان وشره=إلا وعاد بصفعة المغبونِ
أوما تراه كيف يلعب قاسياً=بالمؤمنين كلعبة المجنونِ
وفعاله بالطهر سيدة النسا=أم الهداة وبنت خير أمينِ
أخنى عليها بالمضرة والأذى=حتى قضت بالويل والتوهينِ
ما افتر مبسمها ولا عرفت لها=يوما من الأفراح والتزيينِ
حتى قضت محزونة مكروبة=مثل الضرام بقبلها المحزونِ
لقيت أباها وهي غضبى والشجا=في حلقها حتى قضت بأنينِ
ودعته: لما غبت عني يا أبي=هاجت عليَّ بلابلي وشجوني
وعليَّ جاروا يا أباه بحقدهم=فكأنهم يبغونني بديوني
قد أسقطوا مني الجنين بحقدهم=جهراً وبين الباب قد عصروني
كسروا ضلوعي يا أباه بغدرهم=لطموا وحقك يا أباه عيوني
أبتاه لو عاينتهم لرأيتهم=مملوءة أحشاؤهم بضغونِ
تالله لو عاينتها لرأيتها=تدعو أباها دعوة المغبونِ
ثكلى تلوذ بقبره تدعوه يا= أبتي الحنون ويا أعز حصوني
أبتاه إني قد سئمت معيشتي=يا ليت حان اليوم مني حيني
لشجتك بنت المصطفى بحنينها=الله أيَّة محنة وحنينِ
فعليك يا بنت النبي تلهفي=وفداك مني ما حوته يميني
ولك الفدا روحي وقد عز الفدا=أفدي التي راحت فدىً للدينِ
تالله يا آل النبي محمد=أرزاءكم جلت عن التبيينِ
ولقد بكت لماصبكم أهل السما=وكذاك أبكى ساكني الأرضيينِ