هجرتِ وما للصبّ صبرٌ على الهجرِ=وخلّفتِه مُضنىً يقول وما يدري
لأيّ الذنوب يا ثريّا تركتني=اُجرَّع من كأسٍ أمرّ َ من الصبر ِ
قضيتُ شبابي في هواك ونعمَ ما=قضيتُ بلا منٍّ إلى آخِر الدهر ِ
أنا الحرّ لكن في هواك مُمَلَّك=كما كان ماءُ البحر طوعَ يد البدر ِ
وكنتُ سليما أجهل الحُبّ والهوى=فليليَ يُسرٌ والنهار بلا عسر ِ
إلى أن بدت شمس الجمال وأشرقت=وشمس الهنا غابت على الرغم بالقسر ِ
فوا عجباً ليلٌ وشمسٌ تقارنا=فكيف ظلام الليل في طلعة الفجر ِ
لكِ اللهُ إنَّ القلبَ رهنُ عذابه=يذوق صلى عذلٍ ويُصلى لظى الهجرِ
أخْذتِ زمامَ النفس منّي فها على=شفا جُرُفٍ هارٍ وفي منتهى الامرِ
صليني ولو في النوم أحي حياة مَن=بجنّته في الخُلد عاقبة الشكرِ
ولا تتركيني للظنون دريئُةً=وفكّي أسير الهجر مِن ربقة الأسرِ
فهل كان ذنبي غيرَ نظرة فجأةٍ=إلى العين حتى صرتُ ملتهبَ الصدرِ
كأنّيَ خلقي مِن سَمومٍ وإنّما=خُلِقتُ مِن الطين المعرَّفِ في الذكرِ
أبا حسنٍ والقولُ جال بخاطري=أصوغ لك الآهآتِ أم زاهيَ التبرِ
أأذكرُ ما أسديتَ للدين والدُّنا=أم المضَّ من تلك الخيانة والغدرِ
لأنْشُرُ ما ضمَّ الزمان مُصارحاً=وإن ساء قوما ما أُصرِّحُ في النشرِ
لقدْ فُقتَ كلّ الناس غيرَ محمّدٍ=وساويتَه إلا النبوّةَ في الأمرِ
وُلِدتَ ولم يضرب بك الرجسُ،طاهراً=تُنقَّلُ مِن صُلبٍ إلى رَحِمٍ طُهْرِ
وغُذّيتَ مِن كفّ أبى الله أنْ تُرى=تُمَدُّ إلى شَين وتدنو إلى وزرِ
وفي حِجِْرخير الخير مَن كان ناشئاً=يكُنْ خيرَهم والخيرُ أجلبُ للخيْرِ
وإذ بعث الله الصفيَّ فلم يكن=سواك له أخٌ لدى السرِّ والجهْرِ
وصَلّيتَ سبعاً ليس ثالثكم سوى=خديجةَ اُمِّ الفضلِ باذلةِ الوَفرِ
و زوّجكَ الله العليُّ كرامة=مِن ٱبنته الزهراءِ والكوكبِ الدّريِ
أبا حسن هل بات غيرُك باذلاً=لمُهْجتِه والموتُ في لمعة البُترِ
لأعْجَبُ مِن قومٍ يرَون نفوسَهم=ذوي مسكةٍ في علم نقلٍ وفي حِجْرِ
ولمْ يجتُلوا في آية الذكر لمحةً=تبيّنُ ما قد كان في طيّة السترِ
فلِمْ حزن الصدّيقُ والحُزنُ واقعٌ على=ما مضى والخوف من مُستقبَلِ الامرِ
أأحْزنه أنَّ الرسولَ مِنَ الشرِّ=نجى سالماً مِن شفرةِ الشرك والكُفرِ؟!
فوالله صُمّتْ عن نداها مسامعٌ=وغُضّتْ عيونٌ وٱستُريحَ إلى النُكْرِ
لقدْ زُحْزِتْ هَنّاك عن مُستقرِّها=فأنّى قرارٌ وهْيَ في مسلكٍ وَعْرِ
أبا حسن قالوا: بدون توسُّم=وهل شيعة الكرارإلا ذوو الفكرِ
أتُهتَضمُ الزهراءُ نفسي فداءُها=على مَسْمعٍ منه ومرئىً ولا يفري؟
أما علموا والعلمُ تلُوُ بصيرةٍ=بأنّك عبدُ الله،طوعُ يدِ الأمرِ
أما هاجر المختارُ وهْوَ ابنُ بَجدةٍ=وقدْ ريمَ أنْ يُفرى وقدْ كثُرَ المُفري
أما ٱستبطنَ الغارَ الذي سارَ ذكرُه=حفاظاً وطوعاً وهْوَ أسطى مِن الدّهْرِ
ولكنها الأبصار تعمى وإنْ عمت=فسيان ترنو الليل أو بُلجة الفجرِ