بقية السيف
عَواطِفُ القلبِ أَم خَوانَةُ الجَلَدِ=أَم ذِلَّة الكَلبِ أَبكَت شيمَةَ الأَسدِ
أَم أنها مِنْ طِباعِ الماءِ واحِدَةٌ=أَبْدَتْكَ يا ابنَ النَّدى في الحالَتَيْنِ نَدِ
تَبكي عِداكَ وهذي ذاتُ حيدرةٍ=و تلكمُ تَيمُ عادت في ضَلالِ عَدِ
وتِلك فاطِمُ في الأَعتابِ حينَ هَوت=لاقَت رُقيَّةَ في قيدٍ من الكَمَدِ
ما أَشبَه اليومَ بالأمسِ الذي انتَحلَت=فيه البُغاثُ صِفاتَ الأجدَلِ النهدِ
وأيُّ يومٍ أحالَ الدهرَ معركةً=فغادر الوِدَّ في جوٍ من اللِدَدِ
حتى استلدَّ على سِبطِ النبي ضُحىً=وجاءَ يسعى على أرضٍ من الحسدِ
ورام أبنا عليٍّ أَن تُذَلَّ لهُ=وذاك ما يُضحِكُ الثكلاء في الولدِ
أبناءَ هندٍ وأينَ الفَضلُ عندكُمُ=ممن أقاموا السما فضلاً بلا عمدِ
وأَين أَنتم ومن كادت عبيدُهمُ=تُفاخِرُ الرُسلَ بالإجلالِ و العِدَدِ
كلاكما شِرعَةٌ تُؤتى و لا كَهُموا=عَيْنُ الصَّفاءِ وأنتم مَوْرِدُ النَّكَدِ
إنَّ الحَقودَ إذا ما اعتلَّه رَمَدٌ=أبادَ عينيك كي يُشفى مِنَ الرَّمدِ
فَحسبُكم آلَ هندٍ مَفخَراً أبداً=بِأنَّ لاعِنَكُم يَنجو من الشِدَدِ
ولو أُمِرتُ بكم ما كُنت عائِفَكم=حتى تَبيضَ المها حوتاً على وَتَدِ
وَكم تَذَكَّرتُ يومَ الطفِ موقفَكُم=حتى أَسَلتُ به يومَ الجَوى كَبِدِي
يوم التقَيتُم ويا شتانَ بينكُمُ=لكنها الأرضُ من حيٍّ و مُلتَحِدِ
يوم الطفوف ويا تَعساً إذا لَطَمَت=على سوى الطف فوق الوَجنَتين يدي
و وَيلُ عينيَ إن لم تبكِه حِمَماً=من قلبِ قَلبِ حَشاً بالوجدِ متقدِ
لغيرِه قد وجدت الحُزنَ منقصةً=ودونَهُ قد رَأيتُ العيشَ ذا أَوَدِ
وذاك لا سَفَهٌ كلا ولا شِيَةٌ=ولا نَقيصَة ُ حظِ العقلِ بالرَشَدِ
لكنَّه المَكثُ بعد السيلِ حين طَما=في الأرض مايَزَ بين النفعِ والزبدِ
فَهاكها زينبَ الحوراء لعلعة ً=تُزجي العَناءَ على بَحرٍ من الرَّغدِ
تُنشي المراثيَ إلا أنَّها مِدَحٌ=ذِكرى أبي الفضلِ في أحشاءِ مُنتهِدِ
حَجرٌ على غيره ذِكرُ الوَفا أبداً=إذ لم يَدَع في الوَفا جُهداً لِمُجتهِدِ
و لن يُرى مِثلُه يومَ الإخاءِ فتىً=إلا أبوهُ ولولاهُ لَقٌلتُ زدِ
فَردٌ ولو بَعضهُ في الخَلقِ كُلِّهِم=أَلفَيتَ كُلاً نبياً في الأنامِ هدِ
وأروعٌ لو قَطَعتَ الدهرَ مفتكِراً=فيه ضَلَلت على بِدءٍ بلا عَوَدِ
ومن يكن دهرُه من صُنعِ همتهِ=أنالك القربُ منه حالَ مبتعد ِ
وكيف تسمو له أسمى النفوسِ وقد=فدَّاهُ بالنَّفسِ وجهُ الواحد الأحدِ
هَولٌ تُحيطُ بِه الأهوالُ حيثُ سرى=حتى ولو سارَ في الأوهامِ والخلدِ
مُستِأسِدُ البأسِ مَأمونُ الجوارِ سما=كأنَّه الدهرُ في رفقٍ وفي جَلَدِ
لو أنذَرَ الشَّمسَ يوماً ما بِمَعرَكَةٍ=لأمستِ الناس في ليلٍ إلى الأبدِ
تُريكَ سطوتُهُ بالأمسِ بطشَ غدٍ=كما يُريكَ نَداهُ الأمنَ بعد غدِ
إن لم يكن من بني الزهراءِ فهو لهم=كالظِّلِ و الظلُ يحكي هيكَلَ الجسد
فأين موسى وقد نُودي بوادِ طوى=أمناً ونَعلَيكَ فاخلَع فيه و ارتشدِ
مِنَ الذي خَلَعَ الكفين حين دُعي=لدى الإخاءِ و لبّى غير مرتعدِ
يدٌ كَأَن قد شأت في المَجدِ صاحِبَها=لذا هَوَت قَبلهُ فَخراً ولم تحدِ
عباسُ لما أتته زينبٌ وشكت=ضَجَّت أرامِلُ جَيشِ الكفرِ بالبلدِ
أُخَيَّ مثلك عارٌ لو دُعي لبلا=والفضلُ في الجودِ قبل السُّؤلِ إن تَجُدِ
فَقَرَّب المُهرَ و انتاشَ اللِّوا وتلا=اليوم قد خُلِقَ الإنسانُ في كَبَدِ
وجاء يَعدو إلى جيشِ العدى غضِباً=أفديهِ مُحتَشِداً يعدو لمُحتَشِدِ
فلو رَأتهُ النَّصارى يومَ غارَتِهِ=قالت هو الله لم يولد ولم يلدِ
عالٍ على متنِ عالٍ في الهياج علا=كأنَّه مُنجِدٌ في مَتنِ مُنتجدِ
يسطو على الجمعِ لا نكسٌ و لا وَجِلٌ=تظُنُّه الجمعَ في أثوابِ مُنفَرِدِ
لما التَقَتهُ الأعادي قال قائِلُها=إنَّ الشجاعةَ تردي كثرةَ العددِ
كأنَّما اللهُ أنشاهُ ليُعلِمَنا=أنَّ المنيةَ للإنسانِ في رَصَدِ
و أغلَبٌ لا تراهُ ضاحِكاً أبداً=إلا و صمصامه يبكي على القددِ
ترى به حيدرَ الكرارَ في أحُدٍ=وحمزةَ الأسد المخشيَّ في أحُدِ
واللهِ لولا نفاذُ الموتِ فيه لما=أبقى لآلِ الخنا لحداً لمُلتحِدِ
قُل للقيامَةِ قومي بعدَ مقتلِه=كي لا تُرى زينبٌ مدميَّةَ العضدِ
كي لا تُرى في السِّبا نسوان حيدرةٍ=يقودها السوطُ من هضمٍ إلى صَفدِ
تنعى وليتَ علياً كان ينظُرُها=لقال يا شمسُ عن حدِّ الحِمى ابتعِد
مَغلولة الكفِّ والأعناقِ باكيةً=نصب العيونِ بدت مَحنية الكَتَدِ
الله يا من على رملِ الطفوفِ عدت=وعينها تَنفُثُ الأحزانَ في العقدِ
تعدو و تَندِبُ واغوثاهُ صارخةً=وشيخُها نَهبُ مسلولٍ ومُطَّردِ
عارٍ على حَرِّ أرضِ الطفِ منجدلٌ=لهفي عليه تَريبَ الجانبين صدِ
لم تُبقِ منه العِدى شلواً لدافِنِهِ=تَسومُهُ الخيلُ ما تهوى من الطَّردِ
فأين عنهُ ليوثُ الغابِ من مُضرٍ=وأين فِتيانُ عَلْيا بيضةِ البلدِ
وأين من هاشمٍ بيضٌ و أفئِدَةٌ=إذا دنا الرَّوْعُ قالت للنسورِ فدِ
أبلغهُمُ أنَّ في الركبانِ زينبَكم=ورأسَ سيِّدِكم لابنِ الزُّناةِ هُدِ
وأنَّ قرآنَكم عفَّت معالِمُهُ=وغيركم ناصراً والله لم يَجِدِ
وأنَّ دينَ الورى قد باتَ يحكُمُهُ=من لا يعي الفَرقَ بين السبتِ والأحدِ
من بطنُهُ و حِجاهُ في المَقالِ سوى=تظُنُّه البعرَ في ثوب من البَرَدِ
من كلِّ ذي نسبٍ أخنا و أُمِ أبٍ=لم تدرِ مَنْ بعلُها في نِسبةِ الولدِ
أعاذنا اللهُ منهم إنهم همجٌ=إذ لا يُرى جمعُهم إلا على البددِ
إني أُجِلُّ لساني عن هجائهِمُ=وحسبه الكلبُ ما يلقى من الأسدِ
وغيرُ قول الفتى ما كانَ يُضمرهُ=النار في القولِ غيرُ النارِ في الجسدِ
بقيةُ السيفِ أبقى عزَّةً و إبا=ودون نَيلِ الأماني ضَربةُ العمدِ
Testing
الاثنين 14/1/2008
الموافق 5 محرم الحرام 1429
محمد عبد الرضا الحرزي