دعوت حمى الأحباب - ذكرى فاجعة البقيع محمد عبدالرضا الحرزي
دعوت حِمى الأحباب ذكرى فاجعة البقيع
دَعَوتُ حِمى الأَحْبابِ يا مَوْطِنَ الإلْفِ=و يا غُرَّةَ الأمجادِ شامِخَةَ الأنفِ
و يا مَشرِقَ الأقمارِ ما انفكَّ زاهِراً=بِلَيلَتِكَ الأقدارُ باسِمَةُ الطَّرف
قَضَيْنا رَبيعَ العُمرِ فيكَ و إنَّما الحياةُ=بِبَعضِ العُمرِ جُزءٌ مِنَ الحَتفِ
و كنا كسِمطِ اللَّيلِ نَطوي حَديثَنا=قَرائنَ أشواقِ الجَميلِ مِنَ العَطفِ
إلى أنْ أدارَ الدَّهرُ كَفَّ صُروفِهِ=و لَيْتَ يَدَ الأيامِ مَجذوذةَ الكفِّ
فأضحى شَتاتاً جمعُنا و تألَّبت=علينا غِلاظُ الدَّهرِ مَشحوذَةَ الصَّرْفِ
فصِرْتُ أُسَلي النَّفسَ في ذِكرِ ما مضى=و أُطفي لَهيبَ الشَّوقِ في لُجَّةِ النَّزفِ
و أرثي تُراثَ العاشِقينَ كما غَدَت=مَراثي بَني الزَّهراءِ في واجِبِ العُرفِ
بَكيتُ قُبوراً في البَقيعِ لعُصبَةٍ=بهم تَمَّ دينُ اللهِ في مُحكَمِ الصُّحفِ
و هَدَّ جِلادي دارِسُ الرَّبعِ مِنهُمُ=تَمُرُّ به الأحزانُ من بعدِ ما عُفّي
قُبورٌ جَبينُ الشَّمسِ دونَ تُرابِها و=خَيْطُ جميلِ الصُّبحِ في رَملِها يَسفي
لَكَ اللهُ يا حُكمَ الزَّمانِ لحادِثٍ=تَعَرّاكَ في شوال عن خِطَّةِ الخَسفِ
لِفَتوى يهودِ الدينِ لما تَحالَفوا على=فِعلَةِ الشَّيطانِ في ذلِكَ الحِلفِ
فَراموا قِباباً في البَقيعِ فهدَّموا=و حادوا بذاك الفِعلِ عن دانِي القطفِ
و ظنوا بأن يُمحى بذلك ذِكرُ من=غدت عن لِسانِ المدحِ أفعالُهُم تَكفي
ألا قُلْ لِمَن أفتى بِهَدمِ قُبورِهم=تَوَطَّنت عن فَتواكَ مُنهارَةَ الجُرفِ
فقد جِئتَ إدَّ الفِعلِ عن شَرِّ قَبضَةٍ=تَجيءُ بيَومِ الفصلِ مَشلولةَ الكَتفِ
فدع عنك ضُرَّ القَوْمِ إنَّ قبورَهم=لها في ذراري العرشِ عالِيَةُ السَّقفِ
لهم في رِياض القُدسِ خيرُ مَنازِلٍ=لدى أكؤسِ الوِلدانِ مَعسولةَ الرَّشفِ
و حاذِر لهم في الدَّهرِ كَرَّةَ قائمٍ=لأخذِ تِراتِ الآلِ إذ جاءَ يَستَشفي
غدات يُعيدُ الحقَّ في كفِّ أهلِهِ=كما منه كانت قبلُ مُصفَرَّةَ الكفِّ
هنالك يومُ الفتحِ ما شِئتَ فادَّرِع=و يُعرَفُ بَأسُ الطَّودِ في شِدَّةِ العصفِ
ألا إنَّهُم رَغمَ الأُنوفِ على المَدى=سلاطين خَلقِ اللهِ في باذِخِ الوصفِ
و هُم نِقمَةُ الجبارِ ذو البطشِ و العُلا=وهم رَحمةُ الرَّحمنِ ذو البرِّ و العطفِ
هم الغَوثُ و الرُكنُ المَنيعُ جِوارُهم=وهم رايةُ الآجالِ في أُهبةِ الزَّحفِ
أحِبايَ خيرُ الناسِ بل سادةُ الوَرى=مَلاذي لدى الإعسارِ بل إنَّهُم كَهفي
خُذوها بَني الزهراءِ عن نفسِ رامِقٍ=تجود بها الأنفاسُ مرموقَةَ الحرفِ
تَؤُمُّ دِيارَ الخيرِ خيرُ نَجائِبٍ إلى=دارِ من أهواه في عَرصَةِ الطَّفِ
لدارٍ تُفدّى بالنَّفيس بأنفُسٍ لها=من شَقيقِ الشَّوقِ دائمةَ الإلفِ
فهاك حسينَ الشَّوقِ صَفوَ قَصيدةٍ=إليك دوامَ العُمرِ أشواقها تُصفي
إليك من القِنِّ الفَقيرِ هديَّةً تَقبَّل=أبا السَّجاد من ليس بالجِلفِ
ولستُ بمَدّاحٍ صَنيعَ سِواكم=وكُلُّ صَنيعِ الدَّهرِ عن فَضلِكُم يقفِ
وسيان كلبُ الصَّيدِ و الليثُ إن أتى=عليهم نوالُ السُّحبِ فالكلُّ يستحفِ
عليكم سلامُ اللهِ ما دام ذِكرُكُم=وما دام ذِكرُ اللهِ في سورةِ الصَّفِ
محمد عبد الرضا الحرزي