قدّمتك العلى وكنت زعيما
ديوان السيد حيدر الحلي
قدَّمتك العلى وكنتَ زعيماً=وقصارى رجائها أن يدوما
واستنابتك عن أكارمَ تقفو=هديَهم والكريمُ يقفو الكريما
لم يزدكَ التعظيمُ منا جلالاً=إذ لدى ذي الجلال كنت عظيما
لك فوق النام طودُ جلالٍ=طائرُ الوهم حوله لن يحوما
ما تجلى به لك الحقُّ إلا=وغدا يصفقُ الحسودَ وجوما
فالعجيب العجاب أنك موسى=ونرى مَن سواك كان الكليما
باسطاً بالندى بنانَ يدٍ بيضاءَ=لم يغدُ طرفة ً مضمونا
هي شكلٌ للجودِ ينتجُ دأباً=وسواها قد جاء شكلاً عقيما
أيها المسقمُ الحواسدَ غيظاً=بالنُهى كم شفيتَ فكراً سقيما
أنت لطفٌ لكنْ تجسمت شخصاً=فغدا منّك الجسيم جسيما
كم لعامٍ مسحتَ وجهاً بأندى=من وجوه الغر الغوادي أديا
تلكَ راحٌ كم روحتنا وكفٌ=كم بها اللهُ كفْ عنا الهموما
علمتْنا هي الثنا فانتقينا من=مزايا علاكَ دراً يتيما
ولنا اليوم أنتَ في الأرض=ظلٌ منك نهدي إليك عقداً نظيما
عصم الله دينه بك يا مَنْ=كان من كل مأثم معصوما
لا أرى يملك الحسودُ سوى=ما إنْ عددناه كان فيه ذميما
بصراً خاسئاً وكفاً أشلاَ=وحشاً ذاعراً وأنفاً رغيما
قد تقلدتها إمامة َ عصرٍ=سدتَ فيها الإمامَ والمأموما
قدّمتْ منك واحدَ العصر يا=مَن عاد نهجُ الرشاد فيه قويما
قدّمتْ فيكَ ثاني الغيثِ كفاً=ثالثَ النِّيرين وجهاً وسيما
قدّمتْ منك يا أدلُّ على الله=عليماً ناهيك فيه عليما
قدّمتْ يا أجسُّ للحكم نبضاً=منك طبا بالمعضلات حكيما
قد نظرنا بك الأئمة َ حلماً و=حجى ً راسخاً وفضلاً عميما
وروينا في الدين عنك حديثاً=ما روينا في الدين عنك قديماً
بكَ منهم بدت مناقب غرّ في=سماء الهدى طلعنَ نجوما
هي طوراً تكونُ رشداً لقومٍ=ولقومٍ تكون طوراً رجوما
فأقمْ في عُلى ً ترى كلَّ آنٍ=مقعداً للعدوِّ منها مقيما
لم يكنْ ودُّنا مقالاً علكناهُ=كما يعلك الجوادُ الشكيما
بل وجدناكَ حجة الله فينا=فنهجْنا صراطكَ المستقيما
ولنا اليوم أنتَ في الارض=ظلٌ وغداً نستظلُ فيك النعيما