أظلم شرق الدنيا ومغربها
ديوان السيد حيدر الحلي
أظلم شرقُ الدنيا ومغربها=لما توارى في الترب كوكُبها
وكادت السبعة الطباق معاً=تطوى وكاد الفناء يعقبها
والأرض في أهلها قد اضطربت=وأوشك الإضطرابُ يقلبها
والناس في حَيرة ٍ بأجمعها=لم تدرِ في الأرض أين مذهبها
أوهت صفاة الإسلام حادثة=حقَّ لكل الأنام تندبها
قد قصمت عروة التقى وعلى=أفق سما الدين مُدَّ غيهبها
فغودرت جاهلية ٌ ومن=الرشاد لا مرشدٌ يقرّبها
قد عاد أهل الإلحاد ينتهز=الفرصة منهم من كان يرقبها
وراح راعى الضلال ممترياً=ضرعَ لبون الفساد يحلبها
اليوم قضبُ الحمام طبّق=في مفاصل المكرمات مقضبها
جذَّ بها كفُّها وجبَّ به=سنامُها بل وفلَّ مضربها
اليوم أودى محمدٌ حسنُ=الأفعال أزكى الأنام أطيبها
إن ناح حزناً عليه مشرقها=جاد به بالنياح مغربها
أرفعُ كل الورى مقامَ عُلى ً=معظمٌ للثناء أكسبها
أسمحُها راحة وأحسنها=خَلقاً للمدح أجلبها
أبلغُها في المقال، أعلمها=أطيبُ منها فرعاً وأنجبها
أربطُ منها جاشاً وأوقرُها=حوّلها في الخطوب قلّبها
قد ضل إلا إليه وافدُها و=ضاق إلا عليه مطلبها
إن شمل العالم العقوقُ معاً=أو كاد جهل الأنام يغلبها
فذاك في حلمه يدبّرُه و=ذي بأخلاقه يؤدّبها
لنفسه ما يزال في طلب=الرا حة يومَ المعاد يتعبها
في طاعة الله كان يجهدُها=وفي رضاء الإله يغضبها
من مرديات الهوى ينزهُها=وعن دنايا الأمور يحجبها
مرتبة ٌ زاحم النجومَ على=الأفُق لفرط العلوِ منكبها
فهمٌ على المشكلات يطلعُه=ليس عليه يخفى مغيّبها
لو قارعته الخطوبُ مجهدة ً=لهان منها عليه أصعبها
وإن عرا الخلقَ حادثٌ جللٌ=فالناس طراً إليه مهربا
فيا لها من رزيَّة عظمت=أهونها قاتلٌ وأصعبها
صبراً جميلاً على غروب=ذكاً كان بخير الجنان مغربها
وأنَّ قبراً قد حلَّه حسنٌ=أزكى أراضي الدنيا وأطيبها
لقبره استقى سحاب حياً=والسحب من راحتيه صيّبها