روِّض الشِّعْرَ من لُبَابِ الخَوافِقْ=واسْتَعِذْ بالإلَهِ مِنْ كُلِّ رَامِقْ
يَا خَليليْ وَ في العناءِ التقاءٌ=حولَ صَمْتٍ يَحومُ في نَفْسِ عَاشِقْ
سَادِراً و الظُّنونُ ماءُ الحَنَايا=كَيفَ تُحيي الظُّنونُ قلبَ المُفارِقْ؟
عَجَبي فالعتابُ من فيك يَحْلو=و هْوَ صَْفوُ الحَياةِ كالنَّهْرِ رَائقْ
هَمْهَماتٌ تَجولُ و النَّفْسُ تحْكي=مِنْ لِسَانٍ مُتَيّمِ الحُبِّ صَادِقْ
في مَرايا تَأمُّلٍ و انتباهٍ=أَمَنَ الدَّهْرُ شَرَّهَا و الطَّوارِقْ
طالَ هَمْسٌ و لَيْسَ للوَصْلِ أَمْسٌ=فَكَأَنَّ الْزَّمانَ في الهمْسِ غَارِقْ
و كلامٌ يجرُّ أحْلى كلامٍ=وابتسامٌ يظلُّ في القلبِ عَالِقْ
وَشْوَشَاتُ الحَنينِ تَرنيمُ طَيْرٍ=فوقَ أَيْكٍ مُعَطَّرِ الزَّهْرِ عَابِقْ
و رَذَاذُ النَّدى على الزَّهْرِ ثَغْرٌ=للبِتِلاَّتِ في حَنينٍ يُعَانِقْ
نظرةٌ فابتسامةٌ فانفعالٌ=فرواءٌ بأعذبِ الماءِ دافقْ
و ورودٌ تفوحُ أزكى عَبيرٍ=و ثمارٌ تطلُّ من كفِّ عاذقْ
و عيونُ المَها كلامٌ و شعرٌ=ما روى سحرَها مدى العمرِ ناطِقْ
قلت يا خلُّ فاستمعْ نبضَ قلبي=و حديثُ القلوبِ يا صاحِ شائقْ
قيلَ أنَّ الغديرَ عيدٌّ بهيجٌّ=يملأُ الأرضَ غربَها و المَشَارقْ
فرحةٌ مَا رَعَتْ جنونَ اشتياقي=و حنينا لروضةِ العطرِ سَابقْ
كنتَ من فيضِ نبعِه مُستزيداً=شارباً منْ هَواهُ أو كنتَ ذائقْ
شَطُّهُ البَحْرُ في عَطاءٍ و بِرٍّ=و مدى الدَّهرِ لنْ ترى البِرَّ نافق
يا غديرَ الحبيبِ رِفْقا فقلبي=آثرَ الوَصْلَ دونَ كلِّ المَناطقْ
نحوَ خمِّ العُلا نبيُّ البَرايا=سَار بالنَّاسِ في رحيبِ الفَيَاهِقْ
مُشْرِقَ الوَجْهِ في صفاءِ انشراحٍ=و يقينٍ مُيَسَّرِ الخَطْوِ واثق
جاءَ بالأمرِ من إلهٍ عليمٍ=ليتمَّ النعيمَ بينَ الخَلائقْ
رَفَعَ الكَفَّ عَاليا في شُموخٍ=مثلَ سيفٍ مُجَرَّدِ الغِمْدِ دَالِقْ
ثمَّ خَصَّ الوَصِيَّ أَمْراً خَطيراً=أوغلَ الحقدَ في خيالِ المنافق
قالَ مَن كانَ يَرتضيني نبيّاً=و لنهجي مصاحباً و المُرافق
فعليٌّ إليه أضْحى وليّا=و هو بالأمرِ مُستحقٌ ولائقْ
و جديرٌ بكلّ مجدٍ أثيلٍ=سارَ كالنَّجم في ذرا العِزِّ سامِقْ
باتَ ذُخْراً لِمَنْ يَرَاهُ ادِّخاراً=و سِنَاداً لحادثاتِ المَهَارِقْ
حارَ فيه الزّمانُ طوراً فغالى=بعضُهم و انطوى بمثواهُ ذالق
و قلاهُ اللئيمُ يا بئس قلبٍ=كان بالحقدِ مظلمَ النَّفسِ حانقْ
و تردّى بالعارِ و النّارِ طاغٍ=لودادِ الوَصِيِّ شَاءَ العَوائِقْ
حارَ فيه الزّمانُ و البَعْضُ أَمْسَى=مثل حالي متيّمَ الوجدِ عَاشِقْ
فهْوَ سِرٌّ يَطَالُ أَقْصَى كَياني=و ضُلُوعي و خَافِقي و الرَّوامقْ
وَ هْوَ كَالدَّمِّ سائرٌ في عُروقي=بَلْ هُوَ الرُّوحُ نبضُها في الخوافقْ
يا عليٌّ و ألفُ عينٍ بقلبي=غيرَ أنَّ الهَوى بذكراكَ شائق
لستُ أرجو سِواكَ مَا طالَ عُمْري=بين طفلٍ و راشدٍ أو مُراهق
أنت في طينتي و في بَدء نشْئي=عالمَ الذرِّ قبلَ خَلْقِ الخَلائقْ
أنتَ لولاكَ ما برى اللهُ شمساً=تهتدي من هُداك بين المَشارقْ
و سُهولاً مأهولةً أو جبالاً=و نعيماً مُزدانةً أو حَرائقْ
أنتَ لولا عَطاكَ بينَ البَرايا=ما شدا صادحٌ و لاطافَ بارقْ
أنتَ لولا هواكَ بين الحَنايا=ما بدا للضَّلالِ و الحقِّ فارقْ
يا وليّي و نِعمتي و اكتمالي=و مَلاذي و مَلجئي في الطَّوارقْ
و مُعيني مِن الكروبِ اللَّواتي=صرتُ مَابينهنَّ رِهْنَ الصَّواعِقْ
جئتُ و الرُّوحُ في رَجاءٍ و قَصْدٍ=و هي تشكو إليك يا خيرَ راتقْ
جئتُ في جُعْبتي سوادُ الخَطَايا=و ذُنُوبي و مُردياتُ البَوائق
و ضياعٌ يلفُّ أوتارَ قلبي=مثل عبدٍ مشرَّد الخطوِ آبقْ
و هُمومي تزيدُ آلامَ روحي=في كهوفٍ تمورُ بينَ النَّواعِقْ
و الأمانيْ رَمَسْتُها في لحودٍ=ما اعتراهُنّ في دجى الليلِ فالقْ
ليسَ لي ما أُعيذُ من شرِّ نفسي=و الهوى و الورودِ بين المزالقْ
غيرَ حُبٍّ لحيدرٍ أرتجيهِ=ساعةَ الموتِ و ارتعادِ الفوائقْ
و أراهُ الضِّياءَ في ليلِ قبري=و رفيقي و مؤنسي في الغواسِقْ
و يداهُ السبيلُ لي في صراطي=و نجاتي من التهام الحرائقْ
شربةً من يديه فالنَّفسُ ظَمْأى=ما روى كأسَها مدى العمر داهق
و بروض الجنان منّيت نفسي=و رياض مبثوثة و النمارق
ليس لي غيرُ حبِّه من شفيعٍ=و أنا في النعيمِ و الخلدِ واثقْ