رفت على وتر الهموم=و حلقت فوق السلاسل
ورقاء يملأها الأسى=و القلب مكلوم و ثاكل
لا عزفها عزف الهديل=و لا تغاريد البلابل
صوت يرجّعه الصدى=فيتيه ما بين المجاهل
و النوح شجو دائم=و اللحظ مفتون و ذاهل
و ينوء جرح راعف=و الدمع في العينين سابل
ظمأ تجود به العجاف=فيشتكي سغب الحواصل
و الريش حزن باهت=و الجسم مهزول و ناحل
في رجفة الزغب البليل=تظل في يأس تناضل
تطوي السحاب بجنحها=بين المشارق و الأصائل
إما وميض البرق=يعروها فيسقيها الغوائل
في قصف ريح صرصر=حيث العواصف و الزلازل
أو حر شمس قائظ=يغتالها فوق الجنادل
أو ذاك صيد فاتك=يمضي فتنطبق الحبائل
كيف السبيل و طرفها=لا زال يحلم بالجداول؟؟
تغفو فيأخذها الخيال=إلى السنابل و النجائل
لغلالة الفرح السعيدة=و التضاحك و الهلاهل
و حرارة اللقيا و شوق=صار للأعماق واصل
طارت فطار بها الهوى=رغم الكوارث و النوازل
نحو المنائر و القباب=و للمكارم و الفضائل
في ليلة كان الضياء=حليفها و السعد ماثل
و العطر ضمّخ روحها=كالزهر مابين الخمائل
حط الفؤاد بروض=سلطان الأواخر و الأوائل
و تمرّغ القلب الحزين=بصحنه بين الجحافل
نادت بأعلى صوتها=و الصوت مهزوز و ذابل
غوث اليتامى و الأيامى=و الثواكل و الأرامل
و الضامن الجنات في=طيب الخلائق و الشمائل
و هو الرضا و المرتضى=و سليل سادات كوامل
و ابن النجابة و التقى=خير الأكارم و الأفاضل
و ابن النبي و حسبه=نسب تتيه به القبائل
باب المقاصد و الرغائب=و الحوائج و المسائل
وهو المؤمل في النوائب=و هو حلال المشاكل
نبع و ماء سائغ=الدفقات ريّان المناهل
و الباسط الكفين في=كرم و منه الجود هاطل
كرم تذل له الرقاب=و تنحني منه الكواهل
ما صدّ يوما طالبا=أو رد آمالا لسائل
و الغاية المأمول و=الأمل المرجّى و الوسائل
هو كعبة الوفاد مافتئت=تشد له الرواحل
و لنور قبته الشريفة=ينتهي قصد القوافل
من كل فج قد اتى=حاف و منتعل و راجل
و إليه تستبق الركاب=فليس تنهكها المحامل
و يؤول كل مضيع=و مشرد بين السوابل
يا سيد السادات يا=كهفي و يا خير الكوافل
يا أنت يا أسطورة في=الدهر ليس لها مماثل
هل أنت نجم ساطع=ام أنت بدر غير آفل؟
نور بهي يملأ الآفاق=طرا و المحافل
و الوصف يعجز فيك و=الأشعار تخجل و المخايل
فالعلم أنت البحر فيه=بلا حدود أو سواحل
و المجد لا يرقى ذراك=فأنت للعليا معاقل
و كذا العهود بغير حفظك=مالها في الكون كافل
أنت الصلاة و أنت=عنوان الفريضة و النوافل
و الحجة العليا و=عهد الله يا خير الدلائل
يا عشق قلبي و الهوى= لولاك فاحشة و باطل
آمنت أنك مبدئي و=عقيدتي رغم العواذل
و برغم كل معاند=يرجو لشيعتك الغوائل
و يحيك في أوجاعها=بطش الدسائس و الحبائل
و يحيل طيب العيش=منها علقما مثل الحناظل
تلك الحمامة و هي تشكو=ضيمها و الحال ماحل
تبكي و دمع العين=للحسرات و الآلام غاسل
و ترى الضماد بقبة=نوراء في ألق المشاعل
إذ تقطر الرّحمات=وافرة و للنعماء وابل
لم تبق من درن التشرد=و التأسي أي حائل
حيث الأمان يلفها=عن كل صياد و نابل
و الصحن صار يضمها=و بسطوة الرمضاء قائل
و حنان كف غضة=تحنو على تلك المفاصل
و تشد من عزم الضلوع=فتستوي مثل الأجادل
لكنها لولا الديار و=شوقها نحو المنازل
و محبة الأوطان فرض=ماله في القلب شاكل
فبها الأحبة و الصحاب=و كل معطاء و باذل
و لأن هجر الأهل و=الخلان لا يرضاه عاقل
لولا التعلق في هواهم=مثل إحكام الجدائل
لبقت و أمضت عمرها=بين المنائر و المناهل
و الذكر و القرآن في=طهر الفرائض و النوافل
و لما اعتراها عن=زيارته الشريفة أي شاغل
لكنها رجعت لموطنها=و دمع العين هاطل
فالوجد في خلجاتها و=الشوق للأعماق واصل!