يا نورساً نُذِرَتْ له الآفاقُ = بجناحه يتعلَّقُ الإشراقُ !
البحر يوشك أن يحلِّق تحته = و لأجله تتمحرب الأحداقُ !
تحت المياه يمدُّ ريشَ جناحه = فتطير حول جناحهِ الأعماقُ !
يا سيدي و إذا أطرتَ بحارنا = فبأيِّ شطٍّ تسهر العشاقُ ؟!
يا سيدي و أنا بحبِّكَ غارقٌ = ثَمِلَتْ على أنفاسه الأشواقُ
مهما استغثتُ يعود يسحبني الهوى = نحو القعور , تلفُّني الأطواقُ
فإذا وصلتُ إلى اللآليء جثةً = عادت بفضل حنانها الأرماقُ
منذ الولادةِ قد عرفتك نغمةً = طلْقُ الأمومةِ لحنُها الرقراقُ
ما زلت أبحث عن عيونك في السما = حتَّامَ أسهرُ و البدور محاقُ ؟!
فأجابني القمرُ المضيءُ صبابةً = و النور من فرط الهيامِ يُراقُ :
لا تبحثوا عن حيدرٍ بسمائكم = و الشوق يعرف من هو المشتاقُ !
يا أيها الوطنُ المكللُ عزةً = حَرَستْ حدود ترابهِ الآماقُ
سافر على متن العيون ملاحةً = ما زال يصهلُ في الدموعِ براقُ !
أسرج جراحك و الجراح بقدر ما = نَزَفَتْ يُسَالُ لأجلها الترياقُ
رَبَضَتْ على كفيكَ ألوية الإبا = وحْياً إلى رسُلِ الوفا سبَّاقُ
يا من تحدَّر في العداةِ جهنَّماً = و بسيفه ناب الردى برَّاقُ
لكنَّ للأيتامِ عندك دمعةٌ = و تبَخرَّت إذ هدَّها الإرهاقُ
ما كان قلبك قاسياً في نبضه = يا من تصلِّي خلفه الأخلاقُ
قد قال بعضٌ أن فيك دعابةً = و بأن عَطْفَكَ في الدنا إملاقُ
لم يدرِ أنَّكَ كالبحار بهدأةٍ = من ثم يأتي بعدها الإغراقُ !
عَكَفَتْ على عينيكَ ألفُ حمامةٍ= في ريشها وطنُ الدما مهراقُ
ها قد أتتكَ كسيرةً و هديلُها = تلهو به الأجراس و الأبواقُ
الحزنُ يصلبُها و ما صلبانُه = إلا السيوفُ تسنُّها الأعناقُ
في النَّطْعِ رفَّ دمٌ عبيطُ كأنَّما = هذا الرفيفُ لعشقها مصداقُ
فتصاعدت للأفق قافلة الدما = و هناك كانَ مع السماءِ عناقُ
مذاك رغم الدهر , رغم سنينه=للآن تَشْخَبُ في الدِّما الآفاقُ !
يا سيدي و الحبُّ دون عذابِهِ = حُلْمٌ تُجامِلُ كُنهَهُ الأحداقُ !
فامدُدْ جراحكَ للمحب عباءةً = حمراءَ ينسجها الهوى الحرَّاقُ
فالحبُّ إن لم يقترن بمدامعٍ = فمآلُه رغم اللقاءِ فراقُ
أَحْرِقْ مُحبَّكَ في الهوى يا سيدي = فالعودُ سرُّ عطورِهِ الإحراقُ !