في رثاء الإمام الحسن (ع)
الشيخ محمد علي الاعسم
ما كان أعظم لوعة الزهراء=فيما به فجعت من الارزاء
كم جرعت بعد النبي بولدها=غصصاً لما نالوا من الأعداء
ما بين مقتول بأسياف العدا=دامي الوريد مرضض الأعضاء
ظمآن ما بل الغليل وشارب=سماً يقطع منه في الأمعاء
بأبي الذي أمسى يكابد علة=ما أن يعالج داءها بدواء
ما ان ذكرت مصابه إلا جرت=عيني وشب النار في أحشائي
ولأن بكت عيني ببيض مدامع=فيحق أن تبكي بحمر دماء
لم أنسه في النعش محمولاً وقد=بدت الشماتة من بني الطلقاء
وأتوابه كيما يجدد عهده=بأبيه أحمد أشرف الآباء
ولرب قائلة الا نحو ابنكم=لا تدخلوا بيتي بغير رضائي
شكوا بأسهم حقدهم أكفانه=وأبوه أن يدنى أشد إباء
أو كان يرضى المصطفى أن ابنه=يقصى وأن يدنى البعيد النائي
لهفي على الحسن الزكي المجتبى=سبط النبي سلالة النجباء
قاسى شدائد لا أراها دون ما=قاسى أخوه سيد الشهداء
ما بين أعداء يرون قتاله=وبشيعة ليسوا بأهل وفاء
خذلوه وقت الاحتياج اليهم=وقد التقى الفئتان في الهيجاء
صاروا عليه بعد ما كانوا له=ولقوه بعد الرد بالبغضاء
حتى أصيب بخنجر في فخذه=وجراحة بلغت إلى الأحشاء
فشكا لعائشة بضمن الوكة=أحواله فبكت أشد بكاء
حال تكدر قلب عائشة فما=حال الشفيقة أمه الزهراء
لا نجدة يلقى العدو بها ولا=منجى يقيه من أذى الأعداء
ضاقت بها رحب البلاد فاصبحوا=نائين في الدنيا بغير عناء
يتباعدون عن القريب كأنهم=لم يعرفوه خيفة الرقباء
أوصى النبي بودهم فكأنه=أوصى لهم باهانة وجفاء
تبعت أمية في القلا رؤساءها=فالويل للأتباع الرؤساء
جعلوا النبي خصيمهم تعساً لمن=جعل النبي له من الخصماء
فتكوا بسادتهم وهم أبناؤها=لم ترع فيهم حرمة الآباء
فمتى تعود لآل أحمد دولة=تشفى القلوب بها من الأدواء
بظهور مهدي يقر عيوننا=بظهور تلك الطلعة الغراء
صلى الإله عليهم ما اشرقت=شمس النهار واعتبت بمساء