أولا: مبحث التوحيد
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
المبحثُ الأولُ في التوحيدِ=لذِي الجلالِ المُبدئ المُعيدِ
أجلى الجلياتِ ثبوتُ الصانعِ=و كم عليهِ من دليلٍ قاطعِ
سبَّحَ كلُ ممكنٍ بحمدِهِ=مُعترفاً بأنه من وُجدِهِ
و في البديهيَّ لدى الأذهانِ=و الواضحِ الغني عن بُرهانِ
أن الذي يوجدُ في الأعيانِ=قسمانِ واجبٌ و ذو إمكانِ(1)
فواجبُ الوجودِ ما لا يرتفع=وجودهُ أصلاً بعكس الممتنع
و ممكن الوجود ما لم يجب=أو يمتنع إلا بأمرٍ أجنبي
و مُوجِدُ الوجودِ موجودٌ كما=لا يقتضي المعدومُ إلا عَدَما
فبانَ أن لولا القديرِ ذو القِدم=لم يخرُجِ العالمُ من كتمِ العدم
و دلَّ كلُّ ممُكِنٍ موجودِ=على وجودِ واجب الوجودِ(2)
و من لوازم الوجوبِ العيني=أن لا يكون صادقاً في اثنينِ(3)
لأنهُ يكونُ جنساً لَهُما=فيقتضي الفضلَ لِكلَّ منهُما
فيلزمُ التركيبُ و هو وَصفُ=يستلزمُ الإمكان هذا خُلفُ
و إن تشأ فاجنح إلى التمانُعِ=فالسمعُ فيه حسبُ أيَّ قاطعِ(4)
و خلقُ ذي التغيراتِ و الحِكَم=دلَّ على القُدرةِ و العِلمِ الأتَم(5)
و مُقتضى التجرُّدِ العُمُومِ في=تعليقهما و ذا غيرُ خَفِي
و مُقتضى العِلمِ أعَمُّ مُطلقاً=إذ في سِوى المُمكنِ لَن يُحَقّقَا(6)
باقٍ، قديمٌ، عالِمٌ، قديرُ=حيٌّ، سميعٌ، مُدركٌ، بصيرُ
و الأمرُ و النهيُ و خرقُ العادةِ=أجلى البراهينِ على الإرادةِ(7)
و ذُو كلامٍ حادثٍ سمعاً عُلِم=يوجَدُ فيما ليس مُعتادِ الكلمِ(8)
و السمعُ في نحوِ الكلامِ مُعتمد=ولا يدورُ لاختلافِ المُستند
و الصدقُ في إخبارهِ جلَّ يجب=و مُقتضى وُجوبهِ سلبُ الكذب
و ليس ما في الكونِ من صفاتهِ=بزائدٍ بل هيَ عينُ ذاتهِ
ضرورة استغنائهِ القديمِ=فيما بهِ الكمالُ عن صميمِ
وصفُ الحياةِ عائدٌ إليهما=مفهومُهُ يجمعُ مفهوميهما
و السمعُ و الإدراكُ ثُمَّ البصرُ=عِلمٌ كما انَّ الكلامَ أثَرُ
و العِلمُ بالمصلحةِ المُفادة=بِفعلهِ جلَّ هِيَ الإرادة
تِلكَ الثَّمانِ في الثُّبُوتياتِ=تُعَدُّ واسمع سبعُ سلبياتِ
ليس بجسمٍ لا ولا جِسماني=و لا زماني و لا مكاني
و لا مُرَكَّبٍ و لا مرئي=كلاَّ و لا حاوٍ و لا مَحوِي
جلَّ عنِ الرؤيَةِ في الأعيانِ=و لو يُرى ما قالَ: لَن تراني
و كونهُ لِحادثٍ مَحَلاَّ=و العكس في أوجِ المُحال حَلاَّ
لأنَّ ذا الإمكانِ و المعايبِ=أنَّى لهُ كِبرياءُ الواجِبِ
و ضابطُ المَيتَةِ و المسلُوبِ=في وصف من يختصُ بالوجوبِ
عقلاً ثُبوتُ لازمِ الوجوبِ=و نظمُ ما نافاهُ في المسلوبِ
كَكِبرياءٍ و بقاءٍ و قِدَم=و كاحتياجٍ و ابتهاجٍ و ألَم