فضائله ما لها من محيط
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
تبَسَّمَ يا حَبَّذا الإبتسامْ=وَسيمُ الشَّمائِلِ مِن آلِ سَامْ
و رَجَّعَ في صوتِهِ مُطرباً=و أقبَلَ يخطِرُ مِثلَ الحُسامْ
فخَلِنا في صوتِهِ مُطرِباً=و شَمساً و لكِنها في ظلامْ
براحَتِهِ شبحٌ نَيِّرٌ=رشيقٌ أنيقٌ رقيقُ القوامْ
فقُلنا هوَ الجامُ مِن غيرِ راحٍ=أوِ الراحُ صُوِّرَ في شكلِ جامْ
فقالَ مساكينُ أهلُ الكلامِ=أبوا لِقواعدِهِ الإنثِلامْ
أبَيتُمْ لِذِي القِسمةِ الاتّحادَ=و لِلجَوهرِ الواحِدِ الإنقسامْ
و ذا الجامُ عندي عَين المُدامِ=بغير اشتِباهٍ فَهَل مِن كلامْ
و ها هوَ في راحَتِي فانظُرُوا=فإن بانَ فرقٌ فقولوا سلامْ
و هذا فَمي جوهَرٌ واحِدٌ=و ها هوَ يُقسَمُ بالإبتِسَامْ
فقُلنا حكيمٌ و لكِن أَبِنْ=أريقُكَ مِن عَسَلٍ أم مُدامْ
و ثَغرُكَ مِن بَرَدٍ أم أُقاحٍ=و صَدرُك بَلُّورةٌ أم رُخامْ
لَعَلَّكَ مِن عُلماء الهِرَاتِ=تُحللُ بالرأيِ فِعلَ الحَرامْ
و إلا فَفِي أيِّ شرعٍ أُبيحَ=دِماءُ الأنامِ بغيرِ اجتِرامْ
فهَل ذُمَّ عِندَكَ أهلُ الهَوَى=بِغَير الوَفَاءِ و حِفظِ الذَّمامْ
فَمَالَكَ لا تَرْحَمُ المُستَهامَ=و لا تَرعَوي لِصَرِيع الغَرامْ
أتمنَعُ مَرضىْ هَوَاكَ الشِّفا=و ريقُكَ فِيهِ شِفاءُ السُّقامْ
و ليتَك خلَّيتهُم و الهوى=و كُنتَ أدنَيتَهُم لِلحِمَامْ
بِزجِّ الحواجِبِ موتورَةٌ=تُهَيَّىْ لِرَشقِ نُفُوسِ الأنامْ
وَ لَسعِ عقَاربَ مِن فوقها=ثعابينُ يرفَضُّ مِنها سِمَامْ
فغُضَّ الجُفُونِ قليلاً فَقَدْ=ترادَفَ مِنها علينا سِهَامْ
و عَسَّالُ قَدِّكَ لا تُثنِهِ=فأنفُكَ ماضٍ كَحَدِّ الحُسامْ
بَهِيٌّ يُضيءُ كَسَيفِ الوصيِّ=وصيِّ النبيِّ عليهِ السلامْ
أبي وُلدِه صِنوِهِ صِهرِهِ=أخِيه مُواسِيهِ عِندَ الزُّحَامْ
و قاضٍ لِدينٍ و دَينٍ مَعاً=لهُ و عَلَيهِ و كَهفِ اعتِصامْ
و فادِيهِ بالنَفسِ حيثُ التَجَىْ=إلى الغارِ مِن شَرِّ أهلِ الخِصامْ
تَقَدَّسَ ذاتاً و أصلاً و فَرعاً=مِنَ الوَصَمَاتِ و شَوبِ الحَرامْ
أبُوهُ أبَو طالبٌ سيِّدُ ال=أباطيحِ فَخرُ الصَّفا و المَقَامْ
بِمَكَّةَ قامَ بِنَصْرِ النَّبيِّ=وَ مَنْ عزَّ ناصِرَهُ لا يُضَامْ
فأصدِقْ بِنَظمِ أخي الإعتِزالِ=عَبدِ الحَمِيدِ بَديعِ النِّظامْ
(فلولا أبو طالبٌ و أبنَهُ=لَمَا مَثُلَ الدِّينُ شَخصاً فَقَامْ
تَكَفَّل عبدُ مُنافٍ بأمرٍ=و أُوذِيْ فَكَانَ عَلِيٌّ تَمَامْ
فِلِلَّهِ ذا فاتِحاً للهُدى=و لِلَّهِ ذا لِلمَعَالي خِتامْ)
رَجِعنا و فاطِمَةٌ أمَّهُ=نَتيجَةُ عبدِ مَنافِ الكِرامْ
وَ زَوْجَتَهُ الطُّهْرُ سِتُّ النِّسا=بِضعَةُ خَيرِ رِجَالِ الأنَامْ
وَ مِن وُلدِهِ الحَسَنانِ اللّذانِ=هُما خيرُ شُبّانِ دَارِ السَّلَامْ
و صارِمُه ذُو الفِقَارْ الّذي=بِهِ قَوَّمَ الدّينَ حتَّى استَقَامْ
و دَاخَ بِهِ الكُفرُ حتى غَدَا=يُوازِنُ مَارِقَ بَيضِ النَّعامْ
و أخمَدَ أنفاسَ أنصارِهِ=و ألصَقَ آنافَهُمْ بالرّغامْ
فَسَلْ عنهُ بدراً و شِعبَيْ حُنينٍ=و أشباهُ ذَينٍ فَكُلٌّ حذامْ
مَعَالِيهِ أشهَرُ في الخافِقَينِ=مِنَ البَدرِ يَنشَقُّ عنهَ الغَمامْ
وَ مَعنَاهُ جَلَّ عِنِ الإكتِنَاهِ=فَسْيَفُ التَفَكُّر فيه كُهامْ
مَليكُ التَّصرُّفِ في المُمكِنات=فَمهما يَشأ يأتِ حَسب المَرَامْ
فَرَدَّ بِبَابِلَ شَمسَ النَّهارِ=و قد أسدَلَ اللّيلُ جُنحَ الظَّلامْ
وَ رَوَّحَ طُغيانَ ماءَ الفُراتِ=وَكَلَّمَهُ الحُوتَ بعدَ السَّلامْ
كما كَلَّمَتْهُ وُحُوشَ الفَلاةِ=بِلَفظٍ فصيحٍ تَعِيهِ الأنامْ
و أنْشَرَ مَن ذاقَ طَعمَ المَمَاتِ=و أنطَقَهُمْ وَ رُفاتَ العِظامْ
و رَوَّعَ بعضَ عُتاةِ العِداةِ=بِتَصيِيرِهِ القَوسَ أفعى أُكامْ
و لَو لَم يُعدِهَا إلى القَوسِ إذْ=تَضَرَّع عاجِلَهُ الإلتِقَامْ
وَرَدّ الأباضيَّ كَلباً فَلاذَ=بِهِ باكياً بِدُمُوعٍ سِجامْ
فَصَيَّرَهُ بَشَراً كَامِلاً=تَبَارَكَ مُعطيهِ هذا المَقَامْ
و كَمْ لألَئِكَ مِنْ نُظَرَاءَ=إحصَاء أيسَرِهَا لا يُرامْ
فضائِلُهُ ما لَها مِنْ مُحيطٍ=و مَركَزُها في قُلُوب الأنامْ
هِيَ الشَّمسُ لكنها لا تَزَالُ=تهدِي الكِرامَ و تُغشي الطُّغَامْ
و في النَّاسِ صِنفانِ غالٍ و قالٍ=و قد بانَ أُولاهُما بالملامْ
بَرِئْتُ إلى خالِقِي مِنهُمَا=وَ لا سِيَّما (..)
أيَا قاسِمَ النَّار خُذنِي إلَيك=إذا حَضَر النَّاسُ للإقتِسَامْ
رَضِعْتُ وُدَادَكَ وَقْتَ الرّضاعِ=فَمَازَجَ لَحمِي وَ مُخَّ العِظَامْ
فَكُنْ شافِعِي يا شَفيعَ الذُّنُوبِ=فَإنَّ صِغارَ ذُنُوبي عِظَامْ
إذا اعتَصَمَ النَّاسُ بالصَالِحَاتِ=فَأنتَ مَلاذيَ و الاعتِصَامْ
وَ أصْلِي و فَرعِي و فَرعَيهِمَا=وَ وَاعٍ و مُنشِئُ هذا النّظامْ
صَلاةُ السّلامِ و رِضوانُهُ=عليكُمْ سلاطينُ دَارِ السَّلامْ