قف بالغريّ
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
قِف بِالغَرِيِّ مُقبِّلاً عَتَبَاتِهِ=وَالثُمْ ثَراهُ ناشِقاً نَفَحَاتِهِ
مُتَأمِّلاً ذَاكَ المَقَامَ فإنَّهُ=رَوضٌ بَرَاهُ اللهُ مِن جنَّاتِهِ
رَوضٌ تَضَمَّنَ مَنبِعَ النُّورِ الَّذي=شَمسُ الضُحى مِن بَعضِ إشرَاقاتِهِ
أُعجوبَةً الكَونِ الذي لِجَلالِهِ=تَاهَت عُقولٌ في مَدَى غايَاتِهِ
جبريلُ في حَرَكَاتِهِ ميكَالُ في=مَلَكَاتِهِ عِزرِيلُ في فَتَكَاتِهِ
أُنمُوذَجُ الفَضلِ الَّذي قد فَاقَ في=كُلِّ الفَضَائِلِ جَامِعِيْ أشتَاتِهِ
البَحْرُ يَغرَقُ في صِفاتِ كَمَالِهِ=و العَقلُ يُبهَرُ في كَمَالِ صِفاتِهِ
شَبَحٌ خَفيُّ السُّنحِ ما اطَّلَعَ امرئٌ=غيرُ الرَّسولِ على حَقيقَةِ ذَاتِهِ
نُوحٌ و آدَمُ شُرَّفَا بِجِوَارِهِ=يا فَوزَ قَومٍ حَاضِرِيْ حَضَرَاتِهِ
لا سَيَّمَا يومَ الغَديرِ فإنَّهُ=في الفَضلِ فوقَ الكَونِ في عَرَفَاتِهِ
فانهَض إلى الفَضلِ الذي مَنْ حازَهُ=يَظفُر بِسَعْدِ حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ
فإذا بَلَغتَ إلى عِتَابِ قِبَابِهِ=فالبَثْ تِجَاهَ القَبرِ خَيرِ جِهاتِهِ
مُتَوَخِّياً إذنَ الإلهِ فإنَّهُ=يُلقى إلى المأذون في عَبَرَاتِهِ
فإذا هَمَتْ عيناكَ مِن شوقٍ إلى=مَولاكَ أو ذِكراكَ رِفعَةُ ذاتِهِ
فادخُل دُخُولَ مُسَربَلٍ بِوَقَارِهِ=مُتَحَنِّكٍ بالفَضلِ مِنْ أحبَاتِهِ
وَقُلِ السلامُ عليكَ يا مَولايَ يا=مَن حُبُّهُ في القلبِ مِن حَباتِّهِ
يا مَن تَشَعشَعَ نُورُهُ في قلبِ مَن=يَهواهُ كالمِصباحِ في مِشكاتِهِ
يا مَن زيارَتُهُ تَحُطُّ الوِزرَ عَنْ=مَنْ زارَهُ وَتَزيدُ في حَسَناتِهِ
يا مَن تَسَربَلَ بالإمامَةِ مِن لَدُنْ=رَبِّ العُلى بِالنَّصرِ في آيَاتِهِ
وَمُفطَّراً بالسَّيفِ مَفرِقُ رأسِهِ=عِندَ اقتِرانِ صِيامِهِ بِصلاتِهِ
حتَّى غدا المُحْمَرٌّ مِن فَيضِ الدِّما=يَهمي على المُبيَضِّ من شَيباتِهِ
فكأنَّهُ سَيفٌ لَهُ يَومَ الوَغَى=قد ورَّدَت عَلَقُ الدِّمَا صَفَحاتِهِ
في فَتكِ سُعلاةِ الشُّرَاةِ بِحَيدَرٍ=عِبَرٌ لِمُبتاعي الهُدى وُشُراتِهِ
أو لا حَقَارَةُ هَذِهِ الدُّنيا لَمَا=فَتَكَت بِضَرغَامٍ يَداً سُعلاتِهِ
تَبَّاً لِدَهرٍ يَعكِسُ المَحمُودَ مِن=عاداتِهِ رَغماً على سادَاتِهِ
الصَّقرُ قد كانَ القَطَا لَقَطَاتُهُ=وَاليَومَ أصبَحَ لَقطَةً لِقَطَاتِهِ
أردَى الإمامُ لِشَجَّةٍ مأمونَةٍ=لَحِقَتْهُ مِن قَبلِ انقِضاءِ صَلاتِهِ
تَبَّت يَدَاهُ و شُلَّتَا كِلتاهُما=هذا جَزَاءُ عَطَائِهِ وَصَلاتِهِ
ما عَقرُ كَلبِ ثَمودَ نَاقَةَ صالِحٍ=مِن عَقرِ حَيدَرَة عَقورَ شُراتِهِ
أتُشَجُّ هامَةُ مَن عَلَت أقدَامُهُ=كَتِفَيْ رسُولِ اللهِ في مَرضَاتِهِ
أمَنَاكِبُ المُختارِ تَحتَ نِعالِهِ=وَمَضَارِبُ البَتَّارِ فَوقَ شُواتِهِ
أيُّ الفَوَادِح في فُؤادِ مُحَمَّدٍ=وَفُؤادِ فاطِمَةٍ أجَلَّ بَنَاتِهِ
لَوْ عايَنَاهُ مُغَسَّلاً بِدِمَائِهِ=مُلقىً طَريحَاً في سِياقِ وَفَاتِهِ
يُغشى عَلَيهِ مِنْ نَزيفِ دَمٍ وَمِنْ=لَسَعَات سُمٍّ مُوجِبِ لِسُبَاتِهِ
نَبَتَ العَرَاءُ مَكَانَ وَردِ خُدُودِهِ=و ارتَدَّ ابرِيزاً عَقيقُ شِفاتِهِ (1)
لَهْفِيْ لِصَوَّام الهَجيرِ على الطّوى=لِلضَّعفِ ليسَ يَصومُ مَفروضَاتِهِ
لَهْفِيْ لِقَوَّامِ الكَثيرِ مِنَ الدُّجى=لِلعَجزِ لَيسَ يَقومَ في صَلَواتِهِ
لَهْفِيْ لِقَسَّامِ السَّعيرِ مُقَسَّماً=مِنهُ القَذالُ بِسَيفِ شَرِّ عِدَاتِهِ
لَهْفِيْ عَلى الوَجهِ المُنيرِ مَعَفَّرَاً=وَدِماؤُهُ تَجري على وَجَنَاتِهِ
لَهْفِيْ على كَنزِ الفَقيرِ مُغَيّباً=أنوَارُهُ في التُّربِ مِنْ طَبَقَاتِهِ
فَليَبكِ مِنبَرُهُ خٌصُوصاً عِندَمَا=يَرقَاهُ مَروَانٌ لِوَعظِ غُواتِهِ
وَدَّت مَرَاقي الوَاعِظِينَ لَوْ أنَّهَا=صَارَت عِضِينَ لَدَى استِمَاعِ عِظاتِهِ
ما بَالُ أُمَّةِ أحمَدٍ تَقسُو عَلَى=أحبابِهِ وَتَلينُ عِندَ عِدَاتِهِ
هَذَا الذي أردى الحُسَينَ بِكَربَلا=وَحُمَاتَهُ وَحَمَاهُ مَاءَ فُرَاتِهِ
أفدَيْهِ لَمَّا خَرَّ عَن قُرْبُوْسِهِ=مُتَصَرِّمَاً مِنهُ حِبَالُ حَيَاتِهِ
تَتَنَافَسُ الأترابُ في جَنَّاتِهَا=بِلِقائِهِ و التُّربُ في وَجَنَاتِهِ
آلُ النَّبيِّ غَرَستُ في قَلبي لَكُم=صَفوَ الوِدَادِ فَمَاسَ في رَوضَاتِهِ
أَعظِمْ بِذاكَ الغَرسِ نَفعَاً لِلفَتَى=حَسَنٍ فَإنَّ الفَوزَ مِنْ ثَمَرَاتِهِ
صَلَّى الإلهُ عَلَيكُمُ خَيرَ الوَرَى=ما غَرَّدَ القُمْرِيُّ في شَجَراتِهِ