راجت لدين الجاهليّة سوق
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
مَتى لاحَ مِن نَحوِ الغَميمِ بُرُوقُ=عَرَانِيَ فِكرٌ بالغُمُومِ طَرُوقُ
وَإنْ عَنَّ لي مضن بالعَقيقِ وَحَاجِرٍ=جَرَى من أماقي المُقلَتَينِ عَقيقُ
وَإنْ مَرَّ بي مِنهَا نَسيمٌ فإنَّني=لَهُ دُونَ أنوَاعِ النَّسيمِ نَشُوقُ
وَفيّاً بِعَهدِي حَافِظاً لِحَديثِهِ=القَديم وَمِثلِي بالوَفَاء خَليقُ
فَإنْ يَصدُقُوا أو يَصدِفُوا عَن مَوَدَّتي=فإنِّي على كُلِّ لَهُم لَصَدِيقُ
وَإنْ يَنقُضُوا عَهدي فلا بِدعَ مُنْهُمُ=فَقَدْ نَقَضَ العَهدَ الوَثيقَ أَحِيقُ
فَفَصَّمَ أطواقاً لِبَيعَةِ حَيدَرٍ=لَهَا فَوقَ أعنَاقِ الأنَامِ لُصُوقُ
وَمَا لِلاَّتِ التي ثُلَّ عَرشُهَا=بِصَارِمِهِ يَحنُو جَوَىً وَيَتوقُ
أخَذتَ لَهَا بِالثَّارِ من آلِ أحمَدٍ=و أنتَ لِحَقِّ الطَّاهِرينَ مَحُوقُ
فَكُلُّ قَتيلٍ من قَبيلٍ مُحَمَّدٍ=بِحَدٍّ صَقِيلٍ فَهوَ فِيكَ لَصيقُ
فَلَولاكَ لَم يُشرَه لِمِثلِ ابنِ مُلجِمٍ=إلى قَتلِ خَيرِ الأوصِياءِ طَرِيقُ
جَرَى في مَيَادينِ الضَّلالِ مُصَلِّيَاً=وَأَنتَ إلى غاياتِهِنَّ سَبوقُ
كَليمُ جَوَىً قَدْ شَكَّ مَوضِعَ شَكِّهِ=قُوامَ فَتَاةٍ كالقَنَاةِ رَشيقُ
تَقولُ لَهُ لا كُفوَ عِندِي لِحَيدَرٍ=سِوَاكَ وَظَنِّيْ فِيْ عُلاكَ صَدُوقُ
أرِقَ دَمَهُ فَوقَ البَسيطَةِ وَاكِفَاً=كِفَاءَ دَمٍ بالأمسِ كَانَ يُريقُ
فَقَالَ أكُفْوَاً تَطلِبينَ لِحَيدَرٍ=عَجِبتُ لِنَفسٍ لِلمُحالِ تَتُوقُ
هُوَ المَوتُ كَلاَّ ما هُوَا المَوتُ إنَّهُ=وَحَقُّكِ قَلبُ المَوتِ مِنهُ خَفوقُ
وَإِنَّ دَمَاً تَحمِيْهِ بَيْضَةُ دِرعَهِ=لأمنَعُ مِنْ بَيْضٍ حَمَتهُ أنُوقُ
و لكنَّني إن أجرِ يَومَاً عَزيمَتي=لأُدرِكَهُ إنِّي لَهُ لَلَحُوقُ
وَإنْ عَلُقَت فيهِ أظافِرُ مِكنَتِي=فَإنِّي لَعَمرِيْ مِنْ دِمَاهُ لَعُوقُ
وَبَاتَ يُرَاعي النِّجمَ هَمَّاً وَمَكرُهُ=يَكَادُ بِهِ رَحبُ الفَضَاءِ يَضيقُ
بِأُولَى لَيَالي القَدرِ في الجَامِعِ الذي=بِكوفانَ كالسَّكرانِ لَيسَ يَفيقُ
وَجَاءَ أميرُ المؤمنينَ و نُورُهُ=يُضيءُ ظَلامُ الليلِ وَهوَ غَسوقُ
وَقَامَ يُصَلِّي فَرضَهُ وَهوَ خاشِعٌ=وَمَدمَعُهُ في وَجنَتَيهِ دَفيقُ
فَلَمَّا رَآهُ الرِّجسُ باللهِ وَالِهَاً=وَليسَ لَهُ بالمُمكِنَاتِ عُلُوقُ
نَضَى صَارِماً لِلمَوتِ فَوقَ فَرِندِهِ=دَبيبٌ وَلِلسُمِّ النَّقِيْ بَريقُ
وَأَقبَلَ كالصِلِّ النَفُوثِ شِفاتُهُ=لَهَا زَبَدٌ ما أسكَتَتهُ شُدُوقُ
وَعَمَّمَهُ بالسَّيفِ رُوحِي فِدَاؤُهُ=وَغَادَرَهُ و الرَّأسُ مِنهُ شَقِيقُ
فَخَرَّ صَريعَاً في مُصَلاهُ ساجِداً=إولاهُ شُكرَاً و اللِّسَانُ طَلِيقُ
فَخَرَّتْ بُرُوجُ المَجدِ وَانهَدَمَ الهُدى=وَعَاجَلَ شَمسَ المَكرُمَاتِ خُفُوقُ
وَضَجَّتْ عَلَيهِ في البَوادي نَوَادِبٌ=لَهُنَّ إذا هَاجَ الغَرَامُ صُعُوقُ
وَزَينَبُ ثَكلى لا تَفيقُ مِنَ البُكا=على الثَّاكِلاتِ النَّادِبَاتِ تَفُوقُ
تَقولُ أَبِيْ غَابَتْ شُمُوسُ مَسَرَّتِي=فَلِلقَلبِ مِنِّي بِالغُمُومِ غُسُوقُ
أُكتِّمُ شأنِي مَنْ عُذُولي وَحَاسِدِيْ=و أحبِسُ دَمعِي وَالمُصابُ يُريقُ
فَلَم يَبقَ لي في الشَّأن مَنبِعُ مَدمَعٍ=وَلا مِن وَهجِ الصَّبَابَةِ رِيقُ
عُرِفْتُ بِسِيمَا الحُزنِ شَوقاً إلى أَبِي=وَمِثلُ أَبِي لِلعَارِفِينَ مَشُوقُ
يُذكّرُنِيهِ العِلمُ وَالحِلمُ وَالسَّخَا=وَصِدقُ الإخَا إذ لا أَخٌ وَصَديقُ
أَرَاقَ دُمُوعي إن تَرَاءَى لِنَاظِرِي=لَهُ مَنظَرٌ لِلنَّاظِرِينَ يَرُوقُ
وَوَجهٌ طَليقٌ شَجَّهُ حَدُّ مُرهَفٍ=رَقيقٍ وَجِسمٌ بِالدِّمَاءِ غَرِيقُ
فَدَيتُكَ قَوَّامَ الدُّجَى مُتَنَفِّلاً=يَرُومُ قِيَامَ الفَرضِ لَيسَ يُطِيقُ
يَفيضُ نَجيعاً وَ السُّمُومُ رَوَاسِبٌ=فَيُغمَى عَلَيهِ تَارَةً وَيَفِيقُ
شَقيقُ قَدارٍ مَنْ شَقَقْتَ قَذَالَهُ=فَذَاكَ أَخٌ لِلمُصطَفَىْ وَشَقِيقُ
وَمَنْ لَمْ يُضَيِّعْ قَطَّ حَقَّ إخَائِهِ=إذا ما أُضِعَت لِلإِخاءِ حُقُوقُ
فَجَعْتَ بِهِ خَيرَ الوَرَى وَ أَذَقْتَهُ=كُؤُوْسَ أَسَىً مَا مِثلُهُنَّ يَذُوقُ
لَقَدْ جَارَت الدُّنيَا عَلَى آلِ أحمَدٍ=وَرَاجَتْ لِدِينِ الجَاهِلِيَّةِ سُوقُ
أنَافَ على آنافِ عَبدِ مُنَافِهِمْ=شِرَارُ البَرايَا قسْوَةً وَتَسُوقُ
فَفِي كُلِّ يَومٍ يُخفَضُ الدِّينُ رُتبَةً=فَتُحمَلُ تَقوَى أَو يَشيعِ فُسُوقُ
إلَيكُم سَلاطينَ المَعَادِ خَريدَةً=لَكُم قَلبُهَا وَاري الغَرَام عَشيقُ
مدُوفٌ بِفِيْهَا لَعقَةٌ بِمَدِيحِكُمْ=شَذَاهَا نَفُوحٌ في البِقَاعِ عَبُوقُ
فَلا ضَيرَ إِنْ تَرضَونَ إنَّ رِضَابَهَا=صَبُوحٌ لَكُم يا سَادَتي وَغَبُوقُ
كَفَى حَسَنَاً فَخرَاً بِكُم أَنَّهُ لَكُمْ=رَقيقٌ وَفِي يَومِ المَعَادِ رَفيقُ
شَرِبتُ رَحِيقَ الحُبِّ فِيكُمْ مُمَسَّكاً=فَلا يُرهِقَنِّيْ فِيْ المَعَادِ حَرِيقُ
وَلا زَالَ تَسلِيمُ السَّلامِ يَؤُمُّكُمْ=مَتَى لاحَ مِنْ نَجمِ الغَمِيمِ بُرُوْقُ