سل كربلا
محمد عبدالله الحدب
يَا صَاحِ سَلْ دَهْرِيْ وَقُلْ لَهُ مُنْشِدَا = لِمَ فِيْ الدُّنَا ذِكْرُ الْحُسَيْنِ مُخَلَّدَا
هَلْ تَسْأَلِ التَّارِيْخَ عَنْهُ رُبَّمَا = يُنْبِئْكَ عَنْ أَسْرَارِهِ مُتَزَوِّدَا
سَلْ كَرْبَلاَ عَنْ قَبْرِهِ وَضَرِيْحِهِ = تُنْبِئْكَ أَنَّ الْقَبْرَ أَصْبَحَ مَوْرِدَا
سَلْ أَدْمُعِيْ لَمَّا تَسِيْلُ لِذِكْرِهِ = أَلأَنَّهُ الْمَقْتُوْلُ مِنْ ظُلْمِ الْعِدَا
سَلْ آَيَةَ التَّطْهِيْرِ ذَاكَ مُحَمَّدٌ ؟ = قَدْ جَاءَ لِلدِّيْنِ الْحَنِيْفِ مُجَدِّدَا
سَلْ آَيَةَ الْقُرْبَىْ فَأَيُّ قَرَابَةٍ = أَولَيْسَ ذا السِّبْطُ الْمُقَرَّبُ لِلْفِدَا
سَلْ سَيْفَهُ الْبَتَّارَ عَنْ صَوْلاَتِهِ = أَتُرَىْ هُوَ الْكَرَّارُ أَمْ هُوَ أَحْمَدَا
سَلْ طِفْلَهُ الْمَذْبُوْحَ عَنْ صَبْرٍ بِهِ = أَعْيَا الرَّوَاسِيَ صَبْرُهُ لَمَّا بَدَا
وَسَلِ الْجَبِيْنَ إِذَا أُصِيْبَ بِضَرْبَةٍ = حَجَرُ الطُّغَاةِ لِمَ أَتَاهُ مُسَدَّدَا
سَلِ السَّهْمَ لَمَّا أَنْ أَتَاهُ مُوَلَّهًا = لِيَقْصُدَ كَنْزًا فِيْ الْفُؤَادِ مُجَسَّدَا
هُوَ كَنْزُ عِلْمٍ أَمْ خِزَانَةُ حِكْمَةٍ = فِيْهَا الإِمَامَةُ وَالنُّبُوَّةُ أُسْنِدَا
سَلْ قَلْبَهُ لَمَّا أُصِيْبَ بِنَبْلَةٍ = هَدَّتْ لِعَرْشِ اللهِ رُكْنًا جَلْمَدَا
سَلْ خَيْلَهُ الْمَيْمُوْنَ عَنْ أَحْوَالِهِ = لَمَّا هَوَىْ بَعْدَ الْفَرِيْضَةِ سَاجِدَا
إِذْ قَالَ وَا وَيْلاَهُ يَصْهَلُ نَادِبًا = وَمَضَىْ بِحُزْنِهِ لِلْمُخَيَّمِ شَارِدَا
وَسَلِ الْفُرَاتَ هَلْ ارْتَوَىْ مِنْ مَائِهِ = أَمْ أَنَّهُ ذَاقَ الْمَنِيَّةَ جَائِدَا
سَلِ الشِّمْرَ لَمَّا أَنْ جَثَىْ بِنِعَالِهِ = أَوَمَا رَأَىْ ثَغْرَ الْحُسَيْنِ مُمُجِّدَا
وَيَقُوْلُ يَا قَوْمُ اتْرُكُوْنِيْ بِمَهْجَتِيْ = حَتَّىْ أُنَاجِيْ اللهَ فَرْدًا وَاحِدَا
إِنْ شِئْتُمُ قَتْلِيْ فَرَوُّوْا مُهْجَتِيْ = إِنِّيْ عَطْيْشٌ وَالْحَشَا جَمْرٌ غَدَا
سَلِ الرُّمْحَ لَمَّا يَعْتَلِيْهِ كَرِيْمُهُ = أَتُرَىْ هُوَ الْقُرْآَنُ رَاحَ مُرَدِّدَا
سَلْ زَيْنَبًا لَمَّا أَتَتْهُ تَضُمُّهُ = أَفَهَلْ رَأَتْ فِيْ الْجِسْمِ عُضْوًا جَيِّدَا
نَادَتْ أَيَا رَبِّي تَقَبَّلْ قُرْبَةً = جِسْمَ الْحُسَيْنِ فَقَدْ أَتَاكَ مُؤَيَّدَا
سَلِ الْخَيْلَ لَمَّا أَنْ أَتَتْهُ تَرُضُّهُ = أَتَدْرِيْ بِأَنَّ الْجِسْمَ أَصْبَحَ مَسْجِدَا
سَلْ خُنْصُرَ الْكَفِّ الْيَمِيْنِ أَبَجْدَلٌ ؟ = نَالَ الْمُنَىْ فِيْ بَتْرِهِ أَمْ مَا بَدَا !
سَلْ تِكَّةَ السِّرْوَالِ أَيَّ دَنَائَةٍ = فِيْ الْقَوْمِ لَمَّا يَقْطَعُوْنَ لَهُ يَدَا
سَلِ الْبَدْرَ وَاللَّيْلَ الْبَهِيْمَ بِنَجْمِهِ = أَوَمَا رَأَوْا أَمْلاَكَ رَبِّهِ حُشَّدَا
أَوَمَا رَأَوْا بِنْتَ النَّبِيِّ تَزُوْرُهُ = وَبَكَتْ عَلِيْهِ مُذْ رَأَتْهُ مُمَدَّدَا
وَكَأَنِّيْ بِالْكَرَّارَ خَضَّبَ رَأْسَهُ = بِدَمِ الْوَرِيْدِ ، وَالْخَطْبُ أَذْهَلَ أَحْمَدَا
وَعَضِيْدُهُ السِّبْطُ الزَّكِيُّ يَشُمُّهُ = وَبَدَا لَهُمْ فِيْ الطَّفِّ لَيْلاً أَسْوَدَا
سَلْ أَدْمُعَ السَّجَّادِ عِنْدَ ضَرِيْحِهِ = إِذْ كَانَ نَحْرُهُ بِالدُّمُوْعِ مُوَسَّدَا
آَهٍ لُدُنْيًا أَظْلَمَتْ لِفِرَاقِكُمْ = سَأَعِيْشُ بَعْدَكَ يَا حُسَيْنُ مُسَهَّدَا
سَلِ الشِّعْرَ عَنْ أَيِّ الْحُرُوْفِ يُحِبُّهَا = حَرْفُ الْقَوَافِيَ فِيْ الحُسَيْنِ مُزَغْرِدَا
سَلْ زَائِرِيْ الْقَبْرِ الشَّرِيْفِ أَجَنَّةٌ ؟ = هِيَ كَرْبَلاَ فِيْهَا الْمَلاَئِكُ سُجَّدَا
أَمْ أَنَّهَا رَوْضٌ يَفُوْحُ عَبِيْرُهُ = فَبَدَتْ كَوَرْدِ الْيَاسَمِيْنِ مُعَسْجَدَا
سَلْ صَرْخَةَ الأَحْرَارِ مَاذَا أَهَاجَهَا = مَا زَالَ لِلأَحْرَارِ صَوْتُكَ مُرْشِدَا
بِالطَّفِّ قَدْ نَادَيْتَ " هَلْ مِنْ نَاصِرٍ "= " لَبَّيْكَ " تَبْقَىْ مَا بِقِيْ ذَاكَ النِّدَا
" لَبَّيْكَ " ثَغْرِيْ يَا حُسَيْنُ يَزِفُّهَا = فَسِوَاكَ يَا مَظْلُوْمُ لَمْ يَكُ سَيِّدَا
قَدْ كُنْتَ لِلطُّغْيَانِ جَمْرَةَ ثَائِرٍ = وَلِدِيْنِ جَدِّكَ وَالإِلَهِ مُوَحِّدَا
وَحَّدْتَ رَبَّ الْكَوْنِ فِيْ آَيَاتِهِ = وَفَصَمْتَ بِالتَّوْحِيْدِ رَايَاتِ الْعِدَا
فَاللهُ قَدْ أَحْيَاكَ كَيْ تَبْقَىْ لَنَا = رَمْزًا عَلَىْ مَرَِّ الْعُصُوْرِ مُخَلَّدَا
وَتَكُوْنَ فِيْ كُلِّ الأُمُوْرِ كَجَذْوَةٍ = يَحْذُوْ الأَمَاجِدُ نَحْوَ دَرْبِكَ سُجَّدَا