في مدح الإمام زين العابدين (ع) السيد جابر الجابري (مدين الموسوي)
في مدح الإمام زين العابدين (ع)
لجرحك في الأرض وقع المطر=وصوتك في كلّ عصر قدر
وظلّك في كلّ خصب غمام=وروحك في كلّ جدب شجر
ومن ألف عام إذا ما ذكرت=تحرّك في كلّ قلب وتر
فتورق عند الجفاف اخضراراً=وتشرق في كلّ ليل قمر
فتملأ بالوجد روح الزمان=وتنفض عنها بقايا الخدر
فيا ابن النبيّ وقد قاربت=معانيك منه المعاني الغرر
ويا ابن علي ويا ابن البتول=ويا ابن الحسين سراة مضر
جمعت شمائلها الزاكيات=فكنت الغراس وكنت الثمر
أبا القيد من أين بي أن أمر=إليك لا دنو وأين الممر
وكلّ شواطيك صارت بحاراً=وبحرك ليس يقيه الحذر
فيا مرهقاً من ثقيل الحديد=كسرت الزمان به فانكسر
ويا متعباً من مطاف الرؤوس=ويا موجعاً من سهام النظر
بربّك كيف وجدت القيود=تقصر لله درب السفر
وكيف لقيت حشود الشام=ترتل باسم النبيّ السور
وتقرع حول بنيه الدفوف=وترقص رقصة عيد الظفر
فرحت تلقنها دينها=وتوقظ منها عماة البصر
وكيف جعلت الصبايا الصغار=حزاماً بقصر يزيد نفجر
قلبت الشام على رأسه=ولوحت من كلّ جرح شرر
غزوت أُمية في دارها=وجلت بها وقصمت الظهر
بقيد أسرت به آسريك=فكنت النكال على من أسر
ورحت ترتل صمت القيود=بصرخة جرحك لما نغر
إذا الجرح زمجر حول الطغاة=وفوق شفاه المنايا هدر
يلون أحلامها بالنجيع=ويمسخ من كلّ طاغ حجر
وكم جائر ظنّ أنّ القيود=سترفعه فوق هام البشر
وما كان يعلم أنّ القيود=ستنزله لحضيض القعر
تعالى فكنت له قمّة=وأهوى فكنت له منحدر
فليس يزيد ومن ورثوه=بأظلم ممّن مضى واندثر
ولا سيفه بوريد الحسين=بأقطع من قولة قد هجر
تقال جهاراً ووحي السماء=بسمع النبيّ دوّى وانهمر
لقد ملئوا منذ غاب النبيّ=ذحولاً وكنت لها المنتظر
فرحت تحشد ركب الزمان=وراءك يقرع جرس الخطر
لتعصف بالتركات الثقال=وتصرخ بالظلم أين المفر
وحولك ينزف جرح الحسين=ليشعل في كلّ عصر سقر
ملكت القلوب فمن كاتم=لحبّك فيها وبعض جهر
وحين اختبرت نوايا النفوس=وظلّ خيالك فيها ظهر
تنحّى لك الناس لا آمر=عليها ولا من نهى أو زجر
ورحت بوجهك وجه النبيّ=تطوف على قاب قوس قدر
وليس غريباً تشقّ الجموع=لتلثم ركناً رسا واستقر
ولكن أرى من غريب الأُمور=للثمك ما قام يسعى الحجر
سلام عليك أسير العداة=سلام عليك رهين الكدر
سلام على الأعين الذابلات=تثقلها جارحات السهر
أسير يطوف به آسروه=فيترك في كلّ شبر أثر
ويفتح بالقيد قصر الشام=فلم يبق في قيده أو يذر
ويرسم بالعبرات الرقاق=دماء الردى ودموع العبر
ليهزم بالسبي عصر الضلال=وينزل عن عرشه من غدر
ولم أر من قبله فارساً=بركب السبايا غزا فانتصر