اخذ الإله لك العهود
ديوان صفي الدين الحلي
خمدت لفضل ولادك النيران = وانشق من فرح بك الايوان
وتزلزل النادي وأوجس خيفة = من هول رؤياه أنو شروان
فتأول الرؤيا سطيح وبشرت = بظهورك الرهبان والكهان
وعليك رميا وشعيا أثنيا = وهما وحزقيل لفضلك دانوا
بفضائل شهدت بهن الصحف = والتوراة والانجيل والفرقان
فوضعت لله المهيمن ساجدا= واستبشرت بظهورك الأكوان
متكملا لم تنقطع لك سرة = شرفا ولم يطلق عليك ختان
فرأت قصور الشام آمنة وقد =وضعتك لا تخفى لها أركان
وأتت حليمة وهي تنظر في ابنها = سراً تحار لوصفه الأذهان
وغدا ابن ذي يزن ببعثك مؤمنا = سرا ليشهد جدك الديان
شرح الإله الصدر منك لأربع= فرأى الملائك حولك الأخوان
وحييت في خمس بظل غمامة = لك في الهواجر جرمها صيوان
ومررت في سبع بدير فانحنى= منه الجدار وأسلم المطران
وكذاك في خمس وعشرين انثنى = نسطور منك وقلبه ملآن
حتى كملت الأربعين وأشرقت = شمس النبوة وانجلى التبيان
فرمت رجوم النيرات رجيمها =وتساقطت من خوفك الأوثان
والأرض فاحت بالسلام عليك = والأشجار والأحجار والكثبان
وأتت مفاتيح الكنوز بأسرها= فنهاك عنها الزهد والعرفان
ونظرت خلفك كالإمام بخاتم = أضحى لديه الشك وهو عيان
وغدت لك الأرض البسيطة مسجدا =فالكل منها للصلاة مكان
ونصرت بالرعب الشديد على العدى = ولك الملائك في الوغى أعوان
وسعى إليك فتى سلام مسلما = طوعا وجاء مسلما سلمان
وغدت تكلمك الأباعر والظبى = والضب والثعبان والسرحان
والجزع حن إلى علاك مسلما = وببطن كفك سبح الصوان
وهوى إليك العذق ثم رددته= في نخلة تزهى به وتزان
والدوحتان وقد دعوت فاقبلا= حتى تلاقت منهما الأغصان
وشكا إليك الجيش من ظمأ به = فتفجرت بالماء منك بنان
ورددت عين قتادة من بعد ما = ذهبت فلم ينظر بها إنسان
وحكى ذراع الشاة مودع سمه = حتى كأن العضو منه لسان
وعرجت في ظهر البراق مجاوز= السبع الطباق كما يشا الرحمن
والبدر شق وأشرقت شمس الضحى = بعد الغروب وما بها نقصان
وفضيلة شهد الأنام بحقها = لا يستطيع جحودها الانسان
في الأرض ظل الله كنت ولم يلح = في الشمس ظلك إن حواك مكان
نسخت بمظهرك المظاهر بعد ما= نسخت بملة دينك الأديان
وعلى نبوتك المعظم قدرها = قام الدليل وأوضح البرهان
وبك استغاث الأنبياء جميعهم= عند الشدايد ربهم ليعانوا
أخذ الإله لك العهود عليهم = من قبل ما سمحت بك الأزمان
وبك استغاث الله آدم عندما = نسب الخلاف إليه والعصيان
وبك التجا نوح وقد ماجت به = دسر السفينة إذ طغى الطوفان
وبك اغتدى أيوب يسأل ربه = كشف البلاء فزالت الأحزان
وبك الخليل دعا الإله فلم يخف = نمرود إذ شبت له النيران
وبك اغتدى في السجن يوسف= سائلا رب العباد وقلبه حيران
وبك الكليم غداة خاطب ربه= سأل القبول فعمه الاحسان
وبك المسيح دعا فأحيا ربه = ميتا وقد بليت به الأكفان
وبك استبان الحق بعد خفائه = حتى أطاعك إنسها والجان
ولو أنني وفيت وصفك حقه = فني الكلام وضاقت الأوزان
فعليك من رب السلام سلامه = والفضل والبركات والرضوان
وعلى صراط الحق آلك كلما = هب النسيم ومالت الأغصان
وعلى ابن عمك وارث العلم الذي = ذلت لسطوة بأسه الشجعان
وأخيك في يوم (الغدير) وقد بدى = نور الهدى وتآخت الأقران
وعلى صحابتك الذين تتبعوا = طرق الهدى فهداهم الرحمان
وشروا بسعيهم الجنان وقد دروا = إن النفوس لبيعها أثمان
يا خاتم الرسل الكرام وفاتح ال =نعم الجسام ومن له الاحسان
أشكو إليك ذنوب نفس هفوها = طبع عليه رُكّب الانسان
فاشفع لعبد شانه عصيانه = إن العبيد يشينها العصيان
فلك الشفاعة في محبكم إذا = نصب الصراط وعلق الميزان
فلقد تعرض للاجازة طامعا = في أن يكون جزاؤه الغفران