صلى لنوركَ في السماء الفرقدُ = صلى لنعلكَ في التراب زمردُ
لا ريبَ أنكَ في خِصالكَ أحمدُ = أنَّى تحُطّ ركابَ رحلِكَ تُحْمَدُ
حتى صِفاتُ الحب فيكَ تعددتْ = و فراتكَ الصافي بشهدٍ يرفُدُ
أنى تفتش في الوجود فلن تجدْ = إلا جمالكَ في الأعالي يوجدُ
أو لستَ سلطان الوجود بأسرهِ = و بتاجكَ العالي المكارمُ ترقدُ
غالٍ أأصبحُ إنْ ذكرتُ حقيقة ً= كانتْ لها كلُ الحقائق تسجدُ
***
إني أراكَ ولا أرى إنساً ولا = مَلَكاً أيا من في كمالِكَ أجود
حُمِدَتْ وجودكَ ذي الحياةُ بأنها= كانتْ وأنتَ على ثراها تولدُ
مجبورةٌ ليسَ الخيارُ بملكها = تبقى الحياة وأنت بَعْدُ مُخلدُ
يا أيها الوِترُ الذي من وجههِ = تحكى تفاصيل الكمال وتسردُ
شيئان كانا أصبحا بكَ واحداً = الدينُ والحبُ الذي يتنهدُ
***
أنبيتُ أنَّ القول فيكَ عِبادة = و سمعتُ أنكَ للفصاحةِ مسجدُ
فلسوفَ أغتزلُ الحروفَ بسبحةٍ = و أظلُّ في فلكِ الهُدى أتعبدُ
الله يستدعي ضياكَ مع الهدى = فيحل خيرُكَ والدجى يتبددُ
صلى عليكَ فمُ الطبيعة طاربا ً= و لقدْ عناكَ الطيرُ حينَ يغردُ
يهواكَ قلبي لا تزالُ تهزهُ = كلماتُكَ الغرا تقومُ وتقعدُ
و من المحالَ بأنّ ذكركَ ينقضي = و بساطكَ الشمسُ التي تتمددُ
***
لو تجمعُ الأملاك وصفك لاستوت = صفاً إلى حيثُ السماءِ يعدِّدُ
فمن المحتم أنّ مدْحكَ في فمي = مدحٌ لما لا ينتهي ويحددُ
قامت بك الأخلاقُ يا أنت الذي = صُبّت عليكَ ولم تزلْ تتجسدُ
يا مُعجز الرَّحَمَاتِ يا هذا الذي = طولَ الحياةِ برحمةٍ يتوددُ
نهرٌ يمدُّ لكل قلبٍ جدولا = فإذا غرفتَ الحبَّ فهو محمدُ
بالأمسِ أشرقَ للحياةِ بهديهِ = و غداً يصفقُ في هدايتهِ الغدُ
اليومَ يومُ الله يومُ محمدٍ = اليوم يبتهلُ الهدى ويمجِّدُ
ذكراكَ تشعلُ في فؤاديَ ثورة ً= قمرية ً أنوارُها تتمردُ
فأزورُ قبركَ طائراً كيمامة ٍ = طافتْ عليه ولم تزلْ تتزوّدُ
***
أنا منذئذ دونتُ حرفي فيكَ لم = أجثو وكنتُ على حروفكَ أصعدُ
فطمعتُ إنْ ألقِيتُ في نار اللظى = أني أطيحُ على يديكَ وأنقَدُ
بحرٌ من الصلواتِ أنتَ أيا هدىً = غَمَرَ الحياة ولم يجفَّ الموردُ
يا منقذ الغرقى بهدي ٍ واضح ٍ = جَعَلَ العقولَ إلى الضلالِ تفنِّدُ
جرِّدْ ربيعكَ أيها العشقُ الذي = فيهِ الغصونُ بحسنها تتجرّدُ
الورْدُ والريحانُ أنتَ بأرضنا = و بأفقنا أنتَ الضياءُ الفرقدُ
سَجَدَ الملائكُ صوبَ آدمَ إنما = سجدوا إليكَ وكلُّ شَيءٍ يشهدُ
يا مَنْ على الخلق العظيم قد استوى = ملِكاً لهُ كلُ الممالكِ تَقصُدُ
إياكَ أرتهنُ الولاءَ ولم أزلْ = عبداً وأنتَ مدى الزمانِ السيّدُ
عِفتَ الحياة وأنتَ فيها سيدٌ = فغدتْ لغيركَ في هواها تزهدُ
***
يا سيدَ الدارينِ يا وحْيَ الهدى = يا رحمة الرحمنِ حينَ تُجَسَّدُ
يا مَنْ قرأتُكَ في المعارج سُلّماً = قوسان قابَ إذِ الجِنانُ تزغردُ
حتى رقيتَ مدى الكمال ولم يَسَعْ = جبريلَ أنْ يرقى وأنتَ الأوحدُ
أعذبتُ فيكَ قصائدي فترقرقتْ = من تحتِ جفني والمدينة ُ موعدُ
و قطفتُ سدرة منتهاكَ نفائساً = تلكَ التي فيها الربيع مؤبدُ
فكتبتُ فيكَ بكل حرفٍ قبلة = ًو شققتُ عمري في هواكَ أرددُ:
مسرايَ عشقٌ والصبابة مركبي = و البدرُ أحمدُ والضياءُ محمدُ
طه النبيُّ ضياؤه عمَّ الورى = و الليلُ أسلمَ والسَّحابُ الأسودُ
حَكَتِ الرَّبيعَ حياتُهُ وكأنما = فمُهُ الفراتُ ومَشْرِقُ الشمس ِ اليدُ
***
كذب المماتُ فذا محمدُ بيننا = هُوَ كلما يخبو ضياءٌ يُوْقَدُ
هو سيّدُ الدين القويم المصطفى = من لم يزل في كل قلبٍ يُوْلدُ
مَنْ سيفُهُ صِدْقٌ وكلُّ حُرُوْبهِ = حُبٌ وإخلاصٌ فحاشا يُغمدُ
جَسَدُ الغمَامِ، زكاتُهُ قطرُ الندى = يسقي فيثمرُ في اليدين العَسْجدُ
أصلُ الجمالِ وكل حُسْنٍ فرعُهُ = فاخترْ لعينكَ ما تُسَرُّ وتسعدُ
هذا أبو الزهراءِ، كعبة ُ ربِّهِ = صلتْ عليه هوىً وصلّى المسجد