أيَّ المقاماتِ ترسو جنةَ الخُلْدِ = يا مَرْكِبَ العشقِ بين الرَّبِّ و العَبْدِ
يا خلوةَ الليلِ تدعو الله في ضَرَعٍ = فيهطلُ اللطفُ آياً فوقها يُنْدِي
بالغتَ في المدِّ إذ ضاعتْ شواطِؤُنا = يا أيها البَحْرُ يسري دونما حَدِّ
سِرٌ و لم أدرِ مِنْ أيِّ اللغاتِ إذا = فككتُ معناهُ حتى جَلَّ ما عندي
لمْ يسْألِ اللهَ إلا كانَ مُمْدِدُهُ = كشفاً و قد جاءتِ الأملاكُ بالرَّدِ
يا بَهْجَتَ الله طاولتَ الكتابَ كما = لو جِئتَ بالعرش طرْفاً غيرَ مُرْتدِّ
هذا سليمانُ عبدُ الله ثورَتُهُ = حازتْ من المجد ما يربو على المَجْدِ
و أنت و اللهِ سِرُّ اللهِ آصِفُهُ = طوفانكمْ مَدَّ مَدّاً غيرَ ذي صَدِّ
سدَّدتمُ النورُ في كل الجهاتِ ألا = أنتم يَدُ الله أنتم ضربة ُ المهدي
يا عارفَ العصْرِ قلْ ماذا أقولُ إذا = آيستُ معناكَ إذ يسمو عن السَّرْدِ
أنعاكَ يا نجمُ أم أنعى أماسِيَنا = ما عُدْتَّ إذ كنتَ فيها مُمْكِنَ الرَّصْدِ
أنعاكَ أمْ هلْ أعزِّيْ الأفقَ في مَدَدٍ = أغناهُ بالذكرِ أفواجاً من البَرْدِ
يا حسرةً فيكَ قدْ أيتمْتَ دعْوَتنا = قمْ يا أبا الذكرِ بارِكْ هذهِ الأيدي
سيفٌ من الفقه و العرفانِ تَشْهَرُهُ = لا ما ظننا أفولَ السيفِ في الغمْدِ
هلْ مُتَّ أمْ نحنُ مِتنا دونَ ناسِكِنا = شُيِّعْتَ أمْ نحْنُ شُيِّعْنا إلى اللحْدِ
يا صِبْغةَ اللهِ لمَّا نكتفي مَدَداً = يا آية العشقِ عُدْ بالكأسِ و الشَهْدِ
يا أيها الحَيُّ يا ساقي مشاعِرِنا = بالحبِّ قد جفَّ ماءُ الزهرِ و الوَرْدِ
مَنْ ذا يُصلِّي بنا عشقاً فيُثمِلُنا = قلْ ليْ إلى النورِ مَنْ بَعْدَ الهُدَىْ يَهْدِي؟
لا بُدَّ أنْ يُصْعَقَ التسبيحُ في فمنا = لمَّا فُجِعْنا بشيخِ الذكرِ و الوِرْدِ
ها قدْ طوينا صلاةَ الليلِ في كَفَن ٍ = ها قدْ دفنَّا أميرَ الحَقِّ و الرُشدِ
يا معبَدَ العشقِ يا نجوى قداسَتِهِ = جئنا نعزِّيكَ مِحْرَاباً بلا عَبْدِ
مُرُّوا بمحرابهِ حتى يودِّعَهُ = من سَجْدَةِ العشْقِ أو مِنْ دمعةِ الوَجْدِ
اليومَ ضِعْنا فها قدْ غابَ مُرْشِدُنا = و أيبسَ البَحْرُ مِنْ مَوْجٍ و مِنْ مَدِّ
هذا الذي كانَ أمْنَ الناسِ مِنْ سَخَطٍ = ما دامَ فيهمْ و ها قدْ صارَ في اللحدِ
مَهْلاً أيا قبرُ مَهْلاً كي أودِّعَهُ = أستمهلُ الشمسَ أثنيها عن الصَّدِّ
مَهْلاً ليقضي فؤادي ركعة ً قبساً = من طورِ سَيناءَ، مِنْ (موسى)، مِنَ (المَهْدي)
عِشْنا و قدْ عِشْتَ لكنْ ليسَ عالَمَنا = إذ كمْ جهلناكَ يا ذا العلمِ و الزهدِ
أيُّ الحكاياتِ ما أكمَلْتَ آخِرَها = يا جَلْوَةَ الله بينَ العَيْنِ و الخدِّ
أيُّ العباداتِ ما أيتمْتَ مَعْبَدَها = أيُّ التسابيحِ ما أرْهَقْتَ بالعَدِّ
قفْ، ها هنا كنتَ بدراً ساجداً يقِظاً = في مسرحِ الليلِ يُغشي الليلَ ما تبدي
كأننا إذ مضى عن ساحِ مَعْبَدِنا = نُمْسِي عَنِ اللهِ بعد القرْبِ بالبُعْدِ
كأننا إذ مضى زادَتْ مَسَافتُنا = عن مَعْدِن النورِ و الألطافِ و الحَمْدِ
تلكَ المقاماتُ أحْصَاها فوَا عَجَباً = أنْ يَجْمَعَ القبرُ قامُوْساً مِنَ المَجْدِ
يا طائرَ العشقِ يا عنوانَ مُعْتَكَفٍ = في مَحْضَرِ اللهِ يعلو دونما قيدِ
سَارٍ إلى اللهِ، توّاقٌ لهُ عملٌ = يرقى إلى جنة الأعمالِ كالطودِ
يا لوْحَةَ الماءِ يا قلباً بلا وَطَنٍ = سُكْناهُ مَسْرَاهُ مِنْ رِفْدٍ إلى رِفْدِ
يا آصفَ الله، روحِ اللهِ، يا سَنَداً = في ثورةِ العشقِ يا مَنْ للهُدَىْ جُنْدي
هذا أبو الخالِ ماضٍ في مسيرتكمْ = لم يَبْقَ في العَصْرِ أوفى منهُ بالعهدِ
فيا أبا العشق نمْ مستبشراً خَلَفاً = و يا سليمانُ قمْ و القاهُ بالوِدِّ
يا آصفَ الله أعظمْ فيكَ منتقِلاً = من مَعْدِنِ العشقِ معراجاً إلى الخُلْدِ
صوفيةُ الشعر حاناتٌ و ما احتملتْ = أنْ يعطشَ الكأسُ من ساقِيْهِ بالفقْدِ
لكنْ أبى اللهُ إلا أنْ يراكَ لهُ = في شاطئ القربِ أنْ قمْ و ارقَ يا عبدي
قمْ و افرُشِ الليلَ كبِّرْ ظافراً فَرِحاً = تكبيرةَ العشقِ هذي جنة الوعْدِ