القصيدة الخامسة في وصف أمير المؤمنين (ع)
ديوان العلويات السبع - ابن أبي الحديد المعتزلي
القصيدة الخامسة في وصف أمير المؤمنين (ع)
لمن ظعن بين الغميم فحاجر=بزغن شموسا في ظلام الدياجر (1)
شبيهات بيضات النعام يقلها=من العيس أشباه النعام النوافر (2)
ومن دون ذاك الخدر ظبية قانص=تريق دماء المشبلات الخوادر (3)
تنوء بأعباء الحلي وإنها=لتضعف عن لمح العيون النواظر (4)
إذا اعتجرت قاني الشفوف فيا لها=تباريح وجد في قلوب المغافر (5)
تميل كما مال النزيف وتنثني=تثني منصور الكتيبة ظافر (6)
لها محض ودي في الهوى وتحنني=وخالص اضماري وصفو سرائري
فيارب بغضها إلى كل عاشق=سواي وقبحها إلى كل ناظر
وبغض إليها الناس غيري كما ارى=فبيحا سواها كل باد وحاضر
فيا جنة فيها العذاب ولم أخف=حلول عذاب في الجنان النواضر (7)
يعاقب في حسبانها غير مشرك=ويحرم من نعمائها غير كافر (8)
علمتك لا قرب الديار بنافعي=لديك ولا بعد الديار بضائري
وما قرب أوطان بها متباعد=المودة إلا مثل قرب المقابر
حلفت برب القعضبية والقنا=المثقف والبيض الرقاق البواتر (9)
وبالسابحات السابقات كأنها=من الناشرات الفارقات الاعاصر (10)
وعوج مرنات وصفر صوائب=وفلك بآذي العباب مواخر (11)
لقد فاز عبد للوصي ولاؤه=وإن شابه بالموبقات الكبائر (12)
وخاب معاديه ولو حلقت به=قوادم فتخاء الجناحين كاسر (13)
هو النبأ المكنون والجوهر الذي=تجسد من نور من القدس زاهر (14)
وذو المعجزات الواضحات اقلها=الظهور على مستودعات السرائر (15)
ووارث علم المصطفى وشقيقه=اخا ونظيرا في العلى والاواصر (16)
ألا إنما الاسلام لولا حسامه=كعفطة عنز أو فلامة حافر (17)
ألا إنما التوحيد لولا علومه=كعرضة ضليل أو كنهبة كافر (18)
ألا إنما الاقدار طوع يمينه=فبورك من وتر مطاع وقادر (19)
فلو ركض الصم الجلامد واطئا=لفجرها بالمترعات الزواخر (20)
ولو رام كسف الشمس كور نورها=وعطل من أفلاكها كل دائر (21)
هو الآية العظمى ومستنبط الهدى=وحيرة ارباب النهى والبصائر (22)
رمى الله منه يوم بدر خصومه=بذي فذذ في آل بدر مبادر (23)
وقد جاشت الارض العريضة بالقنا=فلم يلف إلا ضامر فوق ضامر (24)
فلو نتجت ام السماء صواعقا=لما شج منها سارح رأس حاسر (25)
فكان وكانوا كالقطامي ناهض البغا=ث فصرى شلوه في الاظافر (26)
سرى نحوهم رسلا فسارت قلوبهم=من الخوف وخدا نحوه في الحناجر (27)
كأن ظبات المشرفية من كرى=فما يبتغي الا مقر المحاجر (28)
فلا تحسبن الرعد رجس غمامة=ولكنه من بعض تلك الزماجر (29)
ولا تحسبن البرق نارا فإنه=وميض اتي من ذي الفقار بفاقر
ولا تحسبن المزن تهمي فإنها=أنامله تهمي باوطف هامر
تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب=بمدحك بين الناس أقصر قاصر
صفاتك أسماء وذاتك جوهر=برئ المعاني من صفات الجواهر (30)
يجل عن الاعراض والاين و المتى=ويكبر عن تشبيهه بالعناصر
إذا طاف قوم بالمشاعر والصفا=فقبرك ركني طائفا ومشاعري (31)
وإن ذخر الاقوام نسك عبادة=فحبك أو في عدتي وذخائري (32)
وإن صام ناس في الهو اجر حسبة=فمدحك أسنى من صيام الهواجر (33)
وأعلم أني إن اطعت غوايتي=فحبك أنسي في بطون الحفائر (34)
وإن أك فيما جئته شر مذنب=فربك يا خير الورى خير غافر
فوالله لا اقلعت عن لهو صبوتي=ولا سمع اللاحون يوما معاذري (35)
إذا كنت للنيران في الحشر قاسما=اطعت الهوى والغي غير محاذر
نصرتك في الدنيا بما أستطيعه=فكن شافعي يوم المعاد وناصري (36)
فليت ترابا حال دونك لم يحل=وساتر وجه منك ليس بساتر
لتنظر ما لا قى الحسين وما جنت=عليه العدى من مفظعات الجرائر
من ابن زياد وابن هند وابن=سعد وابناء الاماء العواهر (37)
رموه بيحموم اديم غطامط=تعيد الحصى رفغا بوقع الحوافر (38)
لهام فلا فرغ النجوم بمسبل=عليه ولا وجه الصباح بسافر (39)
فيا لك مقتولا تهدمت العلى=وثلث به أركان عرش المفاخر (40)
ويا حسرتا إذ لم اكن في اوائل=من الناس يتلى فضلهم في الاواخر (41)
فأنصر قوما إن يكن فات نصرهم=لدى الروع خطاري فما فات خاطري (42)
عجبت لاطواد الاخاشيب لم تمد=ولا أصبحت غورا مياه الكوافر (43)
وللشمس لم تكسف وللبدر لم يحل=وللشهب لم تقذف بأشأم طائر (44)
أما كان في رزء ابن فاطم مقتض=هبوط رواس أو كسوف زواهر (45)
ولكنما غدر النفوس سجية=لها وعزيز صاحب غير غادر (46)
بني الوحي هل أبقي الكتاب لناظم=مقالة مدح فيكم أو لناثر (47)
إذا كان مولى الشاعرين وربهم=لكم بانيا مجدا فما قدر شاعر
فأقسم لولا أنكم سبل الهدى=لضل الورى عن لا حب النهج ظاهر
ولو لم تكونوا في البسيطة زلزلت=وأخرب من أرجائها كل عامر (48)
سأمنحكم مني مودة وامق يغض=قلى عن غيركم طرف هاجر (49)
الهوامش بالأسفل