تشبُّ بقلبي نارُ وجدي وتَضرمُ = لذكراكَ يا ليلَ الوداعِ متيّمُ
وهيهات أن أسلو مصائب كربلا = وتلك بَكاها قبلُ طه المكرّمُ
فما زلت في بحرٍ من الحزن والشّجا = أعومُ وطرفي بالكرى لا يهوّمُ
مدى العمر لا أنسى عقيلةَ حيدرٍ = عشيّةَ أمست والقضاءُ مخيّمُ
تودّع أهليها الكرامَ وتنثني = مع اللّيل من فرط الأسى تتكلّمُ
تقول له يا ليلُ رفقاً بحالنا = فأنت بنا من شمس صبحكَ أرحمُ
بربّك لا تُبدي الصّباحَ فإنّه = صباحٌ به جيشُ الضلالةِ يهجمُ
أطلْ يا رعاكَ اللهُ وقتَكَ أن تجد = طريقاً ولا تخفى لجوّك أنجمُ
أطلْ لوداع الطّاهراتِ حماتِها = فصُبحكَ فيه منهمُ يُهرقُ الدّمُ
أنا زينبُ الكبرى سليلةُ أحمدٍ = وهذا حسينٌ والزّمانُ محرّمُ
وهذي جيوشُ الظالمينَ تراكمت = علينا فهل فيما يُريدونَ تعلمُ
يُريدونَ قتلَ ابن النبي وصحبهِ = وإنّك تدري مَنْ حسينٌ وَمَنْ همُ
أطالت مع اللّيل الحديث من الأسى = واجفانُها كالمُزنِ تهمي وتسجمُ
فلو فَهِمَ اللّيلُ البهيمُ كلامَها = لرقَّ لها لكنّه ليس يفهمُ
ولو كان ذا حسٍّ ويعرفُ قدْرَها = أجاب نداها لكن اللّيلُ أبكمُ
تُخاطِبُه في أن يُطيلَ ظلامَه = عليها وما للّيلٍ أُذنٌ ولا فمُ
شكتْ همّها للّيلٍ واللّيلُ أخرسٌ = وزينبُ حيرى والفؤادُ مكلَّمُ
ومرَّ عليها وقتُهُ وتصرَّمت = دقائِقُه والصُبحُ بالشرِّ مُفعمُ
ولاقتْ مُصاباً لو اُصيبَ ببعضه = أشمُّ الرواسي الشامخات يُهدَّمُ
لقد شاهدتْ قتلَ الحسينِ بعينها = وهل منه أدهى في الزمان وأعظمُ