(*) الإمام الصادق: هو الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) الإمام السادس من أئمة أهل البيت وُلد سنة 83ه واستشهد سنة 148ه. إمام العلم بكل ما تحويه كلمة العلم من معنى؛ وضّح للناس الطريق الصحيح الذي كاد أن يختفي طيلة سنين وبذلك حمى الأمة الإسلامية من حمام دم كاد أن يصيبها بعد الانتقال الدموي للسلطة من الأمويين إلى العباسيين، فترى الأمة وهي بهذه الحالة الحرجة تستغيث به ناهلةً من علمه تاركةً الفتنة مع مفتعليها وهذا يدل على مستوى الوعي الذي نشره الإمام الصادق(ع) عبر تلاميذه الذين يتذكرهم التاريخ حتى اليوم.
و من هؤلاء التلاميذ :
- أبو حنيفة النعمان.
- مالك بن أنس.
- سفيان الثوري.
- جابر بن حيان.
وغيرهم كثير جداً إذ أن الرواة الثقاة الذين تتلمذوا على يديه كانوا أربعة آلاف فما بالك بغيرهم ممن لم تُذكر لهم رواية؟
لقد كان لتنامي دور الإمام الصادق(ع) كمنظِّر للدولة الإسلامية أسوأ التأثير على أبي جعفر المنصور الذي رأى في ذلك نهاية وشيكة للدولة العباسية الحديثة فاستخدم الوسائل المتنوعة للإيقاع بالإمام الذي ظل مستعصياً عليه فما كان منه إلا أن دس له السم مرتكباً بذلك جريمة حقيقية بحق الفكر العربي الإسلامي.
(1) لقد كان الإمام الصادق(ع) المصدر الأوثق للحديث النبوي الشريف فدرس على يديه نخبة علماء العالم الإسلامي كأبي حنيفة ومالك بن أنس، أما من نبغ فيما بعد فتجده قد تلقى علومه على يدي تلاميذ الإمام جعفر الصادق(ع) كالشافعي وأحمد بن حنبل، وسنستعرض فيما يلي تأثر هؤلاء العلماء بما تعلموه:
- أبو حنيفة النعمان بن ثابت:
أخذ العلم عن الإمام الباقر(ع) والإمام الصادق(ع) حيث جلس عنده سنتين كان لهما الأثر الأكبر في حياته فقال فيهما: (لولا السنتان لهلك النعمان) ومن يتقصى حياة أبي حنيفة يجدها مليئة بالأحداث التي تدل على وفائه لأهل البيت، فقد كان يدعو الناس للالتحاق بثورة محمد ذي النفس الزكية وأخيه إبراهيم وفي ذلك يقول أبو إسحاق الفزاري: (جئت إلى أبي حنيفة فقلت له: أما اتقيت الله؟ أفتيتَ أخي بالخروج مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن حتى قُتل؟. فقال: قتلُ أخيك حيث قُتل يعدل قتلَه لو قُتل يوم بدر وشهادته مع إبراهيم خير له من الحياة). وقد كان رفضه للخلافة العباسية وجهره بذلك سبباً في اعتقال أبي جعفر المنصور له وسجنه ومن ثم قتله بالسم.
- مالك بن أنس:
أخذ العلم كأبي حنيفة عن الإمامين الباقر والصادق(ع) وأفتى مثله بالانضمام إلى ثورة محمد ذي النفس الزكية. وكان له شهادات بحق الإمام الصادق(ع) منها:
(لقد كنتُ أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذُكِر عنده النبي(ع) اصفرّ لونه وما رأيته يتحدث عن رسول الله(ص) إلا على طهارة ولقد اختلفت إليه زماناً فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال؛ إما مصلياً وإما صامتاً وإما يقرأ القرآن ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله). (التوسل والوسيلة لابن تيمية: ص76-77) وقال كذلك: (ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً وعبادة وورعاً).
- محمد بن إدريس الشافعي:
تلقى العلم عن مالك بن أنس تلميذ الإمام الصادق(ع) وبدا تأثره بالإمام الصادق(ع) جلياً في كثرة استدلاله بأقواله خاصة في كتابه (الأم). عُرف عنه الولاء الشديد لأهل البيت ومن مظاهر هذا الولاء مجاهرته بهذا الولاء واشتراكه في الثورات التي يقوم بها المنتسبون لهذه الشجرة الطاهرة فسَبَّب ذلك اعتقاله ثلاث مرات نجا فيها من الموت بأعجوبة، ومن مظاهر ولائه الشعر الذي نظمه في مدح أهل البيت مثل قوله:
يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم الفخر أنكم من لم يصلِّ عليكم لا صلاة له
وقوله:
آل النبي ذريعتي وهم إليه وسيلتي
أرجو بأن أعطى غداً بيدي اليمين صحيفتي
- أحمد بن حنبل:
درس عند تلامذة الإمام الصادق(ع) فتشرَّب محبة الإمام علي(ع) وأصبح راوية مناقبه كما يدل على ذلك مسنده وأثبت هذا الاعتقاد في عدة مواقف ذكرتها كتب الأدب والتاريخ وإليك بعضاً من هذه المواقف:
- قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول:
(ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح ما لعلي بن أبي طالب).
- قال محمد بن منصور :
كنّا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل: يا أبا عبد الله ما تقول في هذا الحديث الذي يُروى؛ أنّ عليّاً قال: (أنا قسيم النار)؟
فقال أحمد: وما تنكرون من ذا؟ أليس روينا أن النبي(ص) قال لعلي: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)؟
قلنا: بلى.
قال: فأين المؤمن؟
قلنا: في الجنة.
قال: فأين المنافق؟
قلنا: في النار.
قال: فعلي قسيم النار.
ولكل من يحب متابعة البحث أحيله إلى المصدر الذي استقينا منه هذه الأخبار والمواقف وهو الكتاب الشيّق (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) للمؤلف الباحث أسد حيدر.
(2) هذا الرجل هو القائد الخالد حافظ الأسد رحمه الله الذي جمع موالي أهل البيت في عرينه مما جعل سوريا الأسد عاصمة للموالين ومحطة لأنظارهم حتى أن الموالي أينما وجد في بقاع الأرض أصبح ينظر لدمشق كمقرٍّ له سواءً كمكان استقرار لما تميَّز به من أمن، أو كمكان يُدفن فيه بعد مماته هانئاً بجوار سيدة الشام... قدوة الشام... منارة الشام ... السيدة زينب(ع).