(1) نظمت هذه القصيدة في 28/5/1995 – 28/ذي الحجة/1414 ه بذكرى مرور عشرين عاماً على تشرفي بجوار بطلة الطف السيدة زينب(ع) في راوية الغوطة بضواحي دمشق عاصمة الشام...
وكانت هي الانطلاقة؛ حيث زارني السيد زكي السويج -القادم من الحج والمقيم في كندا- مريضاً في عيادتي الطبية وسألني: (كم سنة أنتم هنا؟)... أجبته مباشرة: (عقدان من عمري...) فمن هذه الكلمات الثلاث نُظِمت القصيدة هذه...
(2) والمقصود هنا هو الشيخ العارف عبد الغني النابلسي الذي شُفِيت ساقه المكسورة ببركة السيدة زينب(ع) وهذا الأمر ذكره الأستاذ الدكتور أسعد علي في إحدى محاضراته التي يلقيها سنوياً في مولد السيدة زينب (ع) وإكمالاً للفائدة نورد المقطع الذي تحدَّث فيه عن هذه الحادثة…
يقول الدكتور:
(الآن زينب تشفي في كل مكان، ولكن أحياناً، بعضنا لا يصدّق هذه الأمور، ولو قال: (أحسنت)، وهو حال كثير من الناس، وهم معذورون على كل حال، لأن القناعة الفكرية أمر، والشعور القلبي بالقضية أمر آخر. فكلنا نعرف المبادئ، لكنّ العِبرة في تصديق هذه المبادئ؛ أي أن يخترق نور القلب إلى العقل، ويصبح كلاهما أمراً واحداً، وعندئذ يكون الإيمان.
للتوضيح أذكُرُ مثالاً؛ شيخ من أكابر شيوخ دمشق، ومن أكابر علماء الماضي ومن أكابر المحبين لمحمد وآله، وهو الشيخ عبد الغني النابلسي صاحب كتاب (توسيع البسطة في معرفة أن العلم نقطة) وهو عبارة عن شرح لكلمات أمير المؤمنين(ع): (العلم نقطة كثّرها الجاهلون)، شُهِر أنّه جاء لزيارة السيدة زينب ههنا وكانت القرية تدعى راوية. ثمّ سألوه ما رأيك، كيف شعرت؟ قال: والله ما شَمَمْت رَائِحة النّبوة. يعني أنّه زار المقام، ولكنه قلبيّاً لم يصل النور إلى قلبه. لكنّ المشكلة أنه حبيب الإمام علي، فهل يترك هكذا بدون تأديب؟ لا، ولحيته المكرَّمة لن يمضي الأمر هكذا. يقال إنه ركب دابّته، وما إن مشى بها قليلاً حتى وقع، وكُسِرت رجله، ففهم الشيخ النابلسي، صاحب (الرقائق والحقائق) والمسجد المشهور، وقد أعطيتُ أكثر من طالبٍ دكتوراه في الشيخ النابلسي في الجامعة اليسوعية في لبنان، وكذلك في جامعة دمشق رسائل جامعية تتعلَّق به. أقول إنّه من الأكارم والقريبين، وغلطة الشاطر بألف، كما في العبارة الشائعة، وفي المأثور: حسنات الأبرار سيّئات المقربين، فحذار أيها المقربون، بضع خطوات وتكسر أعناقكم. نتابع مع حكاية الشيخ، فقال: أرجوكم أعيدوني إليها. لا بدّ أنّه الآن صار يستطيع أن يشمّ رائحة النبوة، بسبب عظمه المكسور. قال للسيدة رباعية صغيرة:
زينبٌ بنتُ حيدر مَعدن العِلم والهُدى
عندها بابُ حِطّة فادخلوا الباب سُجَّدا
الخبر تجدونه في هذه الكتب الثلاثة: (مرقد العقيلة زينب) للسّابقي، و (مع بطلة كربلاء) للشيخ محمد جواد مغنيّة، وفي (رحاب بطلة كربلاء) لإبراهيم محمد خليفة. فكلّ ما نقوله له وثائق حديثة وقديمة، وكلّ شيء محقّق به).
ومَن يرغب بالاستزادة فعليه الاطلاع على هذه المحاضرة كاملةً في الإصدار الأول من النجمة المحمدية؛ وهي مجلة فكرية سنوية أتولى إصدارها في الخامس من جمادى الأولى من كل عام احتفاء بذكرى مولد السيدة زينب(ع) حيث تضم هذه المجلة تلخيصاً لما يُلقى في المهرجان الذي نعقده بهذه المناسبة من محاضرات وقصائد وفعّاليّات متعددة...