وتفيض في مدح الرضا أقلامنا (مولد الإمام الرضا عليه السلام) مرتضى الشراري العاملي
وتفيضُ في مدحِ الرضا أقلامُنا
(مولد الإمام الرضا عليه السلام)
نأتي نروحُ وتُنتسى الأسماءُ = يقضي على حُسنِ الوجوهِ فناءُ
ليس البقاءُ بطول عيشٍ وارمٍ = إنّ البقاءَ – وإن رحلتَ – عطاءُ
مَن لم يَفِدْ وجهَ الحياةِ وجودُهم = فهمُ على وجهِ الحياةِ هباءُ
والخُلدُ خَلْدُ الذكرِ، كم من خاملٍ = بين الورى ماتوا وهم أحياءُ !
جاؤوا الحياة ولم يضيفوا نقطةً = في سفرها. وكأنَهم ما جاؤوا
وُلدَ الرضا، لا بل لقد وُلد الهدى = فعرا عيونَ الخافقيْنِ هناءُ
أعظمْ بهِ من مولدٍ حارتْ به = لسموِّهِ الأدباءُ والشعراءُ
ولقد كتبتُ بمولدٍ هو مولدٌ = حطّتْ به فوق الرمالِ سماءُ
وحسبتُ أنّي قدْ وَفيْتُ وإنّما = تأتي الوفاةُ ولا يكونُ وفاءُ
ليسَ القريضُ يَملُّ شَدوَ عُلاكمُ = أتُمَلُّ من قِبَلِ الطيورِ سماءُ ؟!
وتفيضُ في مدحِ الرضا أقلامُنا = ليست تجفُّ، ولايكونُ عناءُ
لا يظمأُ القلمُ الذي أَمَّ الرضا = ويَدُ الرضا فوق العقول شتاءُ
وإذا المكارمُ لم تَفِدْ شطآنَه = ستظلُّ عطشى ليس فيها رَواءُ
والسُحْبُ إنْ لم تستظلَّ بجودِهِ = فكأنّها هي والدخانُ سواءُ
فمديحُهُ هو للمديحِ حياتُه ُ = وبيانُه هو للبيانِ غذاءُ
طابتْ مدينةُ جدِّهِ ببزوغِه = طابتْ على طيبٍ وطابَ هواءُ
ولقد زكتْ بالطاهرينَ كما زكا = بالمسكِ فيه وبالعطورِ وعاءُ
أفمَنْ لموسى الطُهرِ نَجْلٌ وارثٌ = هل تنحني إلاّ له العلياءُ ؟!
وسليلُ حيدرَ والوريثُ لعلمِهِ = و دماؤُه من عِرقِ طهَ دِماهُ ؟!
جاء الرضا فتهطّلَ العِلمُ الذي = به حلَّ في روضِ العقولِ نماءُ
شعّتْ به الدنيا فصارتْ دُرّةً = وعلا ضياءَ الشمسِ فيها ضياءُ
وإذا بمورده المهيبِ تؤمُّه ُ = عَطَشاً لعلم ٍ عنده العُلماءُ
وبهِ تحصّنَ دينُ أحمدَ قلعةً = هُزمتْ على شرفاتِها الأعداءُ
وبهِ تكشّفَ كلُّ زعمٍ وارم ٍ = وانداحَ عن روضِ الهدى الدُخلاءُ
نزَع الستارَ عن الذين صدورُهم = هي للنفاقِ وللضلالِ لحاءُ
وأبانَ دينَ اللهِ نهجاً واضحاً = نبعاً نميراً ليس فيه مِراءُ
نَثَرَ الفضائلَ حيثما حطّتْ له = قَدمٌ، وحلّتْ حَلَّه النعماءُ
غرَسَ النفوسَ بكل مكرمةٍ وإذْ = بالأرضِ يملؤها به الكرماءُ
هلَّ الرضا والطاهرون حياتُهم = قَهرٌ جثا من فوقِها وبلاءُ
فبنو العمومةِ كشّروا أنيابَهم = ولقد بدا منهم بأمْسِ ولاءُ !!
وأرادَ عبدُ العرشِ تثبيتاً له = والعرشُ في غيرِ الصلاحِ عَماءُ
فأراد مِن طودِ الرضا أن ينحني = للقعرِ كي يرقى به الوُضعاءُ
حاشا وكلاّ، فالرضا أصلُ العُلا = لا يستخفُّ سموَّه السخفاءُ
وبحكمةٍ كشفَ الخديعةَ للورى = والليلُ ينأى إذْ يفيض ضياءُ
عرفوا بأنّ الدرَّ ليس محلُّه = في قبوِ فحمٍ طبعُه الظلماءُ
والشهدُ لايُؤتى به مع حنظلٍ = والداءُ ليس يضيعُ فيه دواءُ
ظنوا الرضا: همٌّ له الدنيا، وقد = يغريهِ فيها منصبٌ وثراءُ
جهلوا الرضا، كالتبر يُجهَلُ قدرُه = فيظنّه ذاتَ الثرى الجهلاءُ
ظنّوا الإمارةَ قد تطيحُ بدينه = ولطالما باعَ الهدى الأمراءُ
لكنّه زان الإمارةَ أمرُه = فزها به تاجٌ وطابَ رداءُ
وأبانَ كيف المَلْكُ يحرسُهُ التقى = ويدوم إنْ قد ساسه الفضلاءُ
لكنّه الويلُ الوبيلُ إذا ارتقى = فوق العروش بلا التقى اللؤماءُ
إنّ الحروفَ بكم تضيء بهيّةً = في أسطرٍ حلّتْ بها السَعْداءُ
وسلام ربي ما شدا من طائرٍ = أو قد تحركَ في الوجودِ هواءُ
وصلاتُه الكبرى على طه الهدى = والآلِ مَن هم للقلوبِ شفاءُ