دنت الساعةُ وانشقَّ القمر = وبيوم الطفِّ تأويلُ السُّوَر
إنّه يومٌ عسيرٌ لم يزل = يبعث الأحزانَ نحسٌ مستمر
إذ أتى السبط إليهم داعياً = لم يكن يدعو إلى أمر نُكُر
خاطباً بالجمعِ حتى أنكرت = حكمةٌ بالغةٌ تُغني النُّذُر
(أيها القوم انسبوني من أنا) = إن تناسيتمْ فهل من مدَّكِر؟
أو ليس المصطفى جدي ومن = خصَّه الرحمن بالذكرِ العَطِر؟
أو ما أوصى بنا الهادي الذي = أمرهُ أمْرُ مليكٍ مقتدر
أو ما قال انصروا السبطَ إذا = طلب النُّصرةَ في يومٍ عَسِر؟
فأبوا إلا بأطرافِ القنا = أن يُجيبوه إلى أمر قُدِر
وإذا بالغيِّ أغرى جمعهم = وتراهم كجرادٍ منتشِر
كذّبوا دعوى حسينٍ مثلما = كذّبت قوم ثمودٍ بالنذر
(كذّبوا واتَّبعوا أهواءهم) = وسيُصلون عذاباً مستقر
إن يروا آية حقٍّ يُعرضوا = ويقولوا ذاك سِحْرٌ مستمر
وإذا قالوا جميعٌ منتصر = فإذا هم في ضلالٍ وسُعُر
ومن السيفِ الذي في كفه = خُشَّعاً أبصارُهم خوفَ الخطر
وإذا دارَ بأفلاك الوغى = يُهزمُ الجمعُ يولونَ الدُبُر
وإذا أرسل في أرواحِهِم = فبها يحدو إلى وادي سقر
أرسل السيفَ نذيراً فيهمُ = فإذا هم كهشيمِ المحتَضِر
من أبى الوعظَ بآياتِ الكتاب = فوعيدُ السَّيف فيه مزدَجَر
وكأنّ القومَ من سطوتِهِ = في الوغى أعجاز نخلٌ مُنْقَعِر
وبوادي الطفِّ أفنى جمعَهم = يُنزلُ الحتفَ كلمحٍ بالبصر
هِمَّةٌ موروثةٌ من حيدرٍ = وهب الغيبُ لها نَيْلَ الظفر
دونها تسري المنايا وبها = قدرةُ الله تجلّت للبشر
عجباً كيف استجابت للردى = وبها مقرونةٌ كفِّ القَدَر
وهوى ظامٍ إلى جنب الفرات = فارتوى الاسلام من كأس الفخر
وهبَ الاسلامَ عزّاً وعُلاً = وخلوداً دام ما دام الدَّهَر
فإذا جالت على السبط الخيول = فمن الزهراء ضلعٌ قد كُسِر
وإذا ما أحرقوا منه الخيام = فعلى فاطمة البابُ استعر
وإذا ما اقتيد زينُ العابدين = فقد اقتيد عليٌّ فصبر
إنه حقدٌ قديمٌ مُذ غدا = أمرهم شورى وبالطفِّ ظهر
أظهرَ الأحقادَ بالطفِّ يزيد = مثلما أظهرها الطاغي الأشِر