قد زار طيفك عيني خِلسةً فهمى = دمعٌ تفجّر من عيني فسال دما
وبتُّ أرعى نجومَ الليلِ أحسبها = من بعض عشّاقِكِ ظنّاً فكان كما
وهاج شوقٌ لذاك الحيِّ حيِّ به = بدراً أقام فما راعى لنا الذّمما
يا ربّةَ الحُسن لا تنسي مودّتَنا = كم حمّلتني أقاسي الهمَّ والسقما
لا تسألي عن جَوى قلبي يؤجّجه = من طور سَيناءَ نورٌ يمحقُ الظُلَما
إنْ يُنكروهُ فعن جهلٍ وعن عَمَهٍ = لا يُبصر الشمسَ من في ناظرَيهِ عَما
لا يسأل المصطفى إلا المودةَ في ال = قُربى وفيهم عليٌّ أكرمُ الكُرَما
رأيت فيه مزايا ليس يُنكرها = حتى العدو إذا استلزمتُهُ حَكَما
يا سورةَ الحمد يا باءً بأولها = يا نقطةَ الباءِ كم سرٌ بها انكتما
أنت الوجودُ وكلُّ الناس في عدمٍ = لولا تجلّيكَ كان الخلق مُنْعَدِما
يا كاشفَ الكَرْبِ عن وجه النبيّ ويا = غوثَ العباد إذا ما ظالمٌ غَشَما
قد ظمّك البيت مولوداً به افتخرت = الكعبةُ الطهرُ خذ من صَدعها حِكَما
سل مريمَ الطهرَ حين الطَّلقُ عاجَلَها = هل ظمّها البيتُ أم جذعٌ لها قُسِما
جاءته فاطمُ إذ تمشي على خَبَبٍ = ودربُها نحو بيت الله قد رُسِما
فظمّها وهو ملءُ الكون مفخرةً = وكلُّ أرضٍ تمنّت نيلَهُ شَمَما
قالوا : عليٌّ ... فقال الحقُّ ها أنا ذا = إني إليه سبيلٌ أينما عزما
إني إليه سبيلٌ ما به غَبَشٌ = عليٌّ الحقُّ إن أعطى وإن حَرَما
وصيُّ طه ربيبُ الغار مُستمِعاً = لآية الوحي والدنيا تموجُ عَما
من ذا يجاريهِ فضلاً والورى شهدوا = بأنَّ يُمناه كانت للهدى عَلَما؟
ظنّوا بزيدٍ له عِدلاً فما صدقت = تلك الظنونُ فزيدٌ عابدٌ صنما
إذ عاش والخمرُ مفتونٌ بصحبتِهِ = والمسرفون ومن أخنى ومن لَئُما
حتى استقامت له الشورى التي احتكرت = تحت السقيفة حكماً كان مُخْتَرَما
ما الحكم عند علي غيرُ مَرْحمةٍ = تأوي المُظامَ وتُقصي كلَّ من ظلما
لذاك عاشوهُ كابوساً يؤرّقهم = عبر السنين فما فازوا وما رُغِما
أنظر إليه تجده كوكباً ألِقاً = بالمَكرمات وشمساً تمحقُ الظُلَما
تجدْ عليّاً نداءً صادقاً سَمِحاً = يجلي الخطوب ويبني المجد إن هُدِما
تجدهُ عنوان فكرٍ طالما جهدت = كفُّ الضلال لتُخفيه فكان سَما
تجده صرخةَ مظلومٍ إذا احتكمت = به الطغاةُ وصوتاً يوقظ الأمما
هذا عليٌّ فسرْ في هَدْيهِ لترى = معنى الحياةِ وإن قاسَيتَها أَلَما
لي يا أبا الغيثِ آمالٌ معلّقةً = بطرف حبّكَ يا مُغني الورى كَرَما
إني أبوحُ به في كلِّ آونةٍ = إن فُهْتُ بالمدح أو حاججتُ مُختصِما
لا أركب التّيْهِ إنّ الشمسَ بازغةٌ = تجلو الغياهبَ لا قول الذي زَعِما
قل للمعالي أعيدي من أبي حسنٍ = لنا مثالاً ليُحيي نهجُهُ القِيَما
هو المثالُ لأعلى قمّةٍ شهدت = لها العظامُ وضلّوا درَبَها الحُكَما
يا صاحبَ الحوضِ جُدْ لي قَيْدَ أنمُلَةٍ = من حوضِكَ الثرِّ كي أطفي لهيبَ ظما
أنت الشفيعُ بيوم الحشرِ إنْ حُشرت = هذي الأنامُ وسيقَ العالمون لِما
فيه النعيمُ أو البلوى فيا أملي = إنّي وجدتُكَ لي منجىً ومُعْتَصَما