فجرٌ أطلّ على رباك فهلّلي = فرحاً لميلاد الوصي الأكمل
هذا الامام المجتبى وقد انجلى = ليل الضلال عن الزمان المثقل
هبّت على الدنيا مكارم فضله = فسمت على أوج السّماك الأعزل
في مولد الحسن الذي آلاؤه = كالشمس عن كبد السما لم تأفل
واستبشرت دنيا العقيدة حينما = أحيى الجديب هطول غيث مسبل
عمّت بشائره بزمزمَ والصفا = ومِنى وناحية الحطيم الأمثل
وغدت به الارجاء تفخر بعدما = كانت عن المجد الأثيل بمعزل
وخبت به نار الجهالة مذ رأت = نور الإمامة في العوالم ينجلي
يا صفوة الأطهار يا ابن محمد = فقتَ الورى شرفاً ورفعةَ منزل
باهلتَ أرباب الفخار فلم تجد = شفعاً فخاب فخار كلّ مؤمل
إن فاخروكَ فعن سفاهة رأيهم = أين الثريا من مقام الجندل
بهرت مكارمك العقول فأذهبت = فِكَرَ الرجال كأنها لم تعقل
يا أيها الليث الهصور إذا الوغى = خمدت تؤججها بنار الأنصل
لك من أبيك شجاعة موروثة = بثباتها حكم القضا لم يفلل
هذي أمية كم عتت عن ربها = فسقيتها في الحرب كأس الحنضل
غصّت بجحفلها المهامهُ فانبرى = سيفٌ مَنوط به فرار الجحفل
لكنّ جيشاً قد ملكت زمامه = نكصاً تقاصر كالظباء الجفّل
شغلتهم الأطماع عن نصر الهدى = وصبوا إلى عيش هناك معجّل
وبقيت فرداً لا ترى من ناصر = فنهضتَ للبلوى بقلب أعزل
واخترت نهج الصلح خشية غدرهم = نهجاً عن الإسلام لم يتحوّل
وكتبت للإسلام نصرا خالداً = وشفيته من كل داءٍ معضل
والدين لولا غاية أقررتها = لسعى إلى درك الحضيض الأرذل
قصدت أميةُ محو دين محمد = فاستنهضتكَ شجاعة المستبسل
هذا معاوية استجاب فلم يجد = بداً لما تبغي وإن لم يقبل
ببنود صلحٍ ألزمتْ إقرارَها = سيراً على حكم الكتاب المنزل
ولسنّة المختار يتبع نهجها = لكنه عن حكمها لم ينزل
فمضى بغدرته وولى ناكثاً = لعهود صلح خشية المستقبل
لو كان في ذا الصلح مصلحة له = لأتاه مغتبطاً ولم يتوجّل
لكنْ على مضضٍ أقرَّ بنوده = فمضى وفي القلب الضغائن تغتلي
إذ كان أدرى انّ عقباها لكم = معقودةً بعرى النبي المُرسلِ
لو كان بعد الصلح يبقى ملكه = ما كان يقتله بأفضع مقتل
أسقاه سمّاً من أكفّ جُعيدةٍ = فمضى شهيداً غايةُ المجد العلي
بأبي قتيلاً مزّقت أكفانه = بسهام غدرٍ قد أتت من نعثل
يا آل طاها أنتم غوث الورى = فاليكمُ وبكم يدوم توسّلي
أرجو شفاعتكم لأحيا عندها = في جنة المأوى بأرفع منزل
أنا عبدكم يا قصد كلّ مؤمّل = وعلى مودّتكم يودم توكّلي