سلمى أقيمي
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
سَلّمى أقيميِ لَياليِ أُنسنا طَرَبا=و احشي المَسامِعَ ذكراً يمنعُ العتباْ
وندلّي لي فتاً كأسَ الهوى عتقاً=يصب مِنْ غليهِ في راحكِ الحُبباْ
زيديهِ من خدرِ تيمٍ قبلَ صحوتهِ=فبعدها حَرَمَ التِلعابَ والنُخباْ
واستوثقي العهدَ منهُ تحتَ نشوتهِ=فإن أفاقَ فؤادُ العاشقِ انقلباْ
يؤتيكِ واحدةَ العُشاقِ ساجعةً=ما كانَ طُرفةٌ يؤتِيها إذارغِباْ
في درةٍ فوقَ ساقِ العرشِ سابحةٌ=ما كانَ يقوى لها ذو مُرةٍ طلباْ
حتى كأنَ ضياءَ الشمسِ أوديةٌ=من سلسبيلاً على إشراقها انسكباْ
ناهيكَ أن صميمَ العرشِ مزدهرٌ=مِمَا تشعُ و لولا ذَلِكَ احتجباْ
كأنما السبعُ أرضٌ تحتَ رِفعَتِها=كأنها لبِسَت في كعبِها الشُهُباْ
وقد دَنَى جبرئيل من بوارِقِها=إذا بإسم عليٍ فَوقِها كُتِبَاْ
وفوقهُ مُدَ نورٌ لابنِ آمنةً=و ساترٌ عن جَميعِ الخَلقِ قد ضُرِباْ
ما للملائكِ عُجبٌ في جِبلَتِها=و حولها مُلئت أعطافُها عَجَباْ
سَمِيَ هارون فيكَ الفَضَلُ مُتخدٌ=سبيلهُ من مقامِ المُنتهى سَرباْ
لا يَقرُبنَ بليغٌ ما يوائمكم=إلا إذا منطقُ الرحمنِ قد وُهِباْ
أو أنهُ حاجبٌ سر ٍبخلوتهِ=و قد رأى منهُ وحيَ الله مُقتَرِباْ
أو أنَ رُوحاً مِنَ الأنوارِ=مَدَ لهُ إلى بلوغِ مَراقِي مدحِكُم سَبباْ
أبا الحُسين إذا حطت رواحِلُكم=في مَعرسِ الجود جاء المجدُ مُكتسِباْ
أو أنَ على لُحِبَ الأفضالِ قد طرقت=أقدامَ أطفالكم حطت بِمن رَكِباْ
صغيركمٌ ضَمَ في عينيهِ هيبتكم=فكلما قامَ فخراً لحَظُهُ انتسباْ
وقالَ إنَ لنا جدٌ بخدمتهِ=أعلى الإلهُ إلى جبريلهِ الرُتُباْ
وجدةً طأطأت هاماً لرِفعَتِها=من أسقطَ الهزُ في أحضانِها الرُطباْ
إن شابهَ الحقُ صُحباً في مقاصدهِ=فحيدرُ الريحِ تُسجي تُلكمُ السُحُباْ
فتىً إذا شَعشَعَ الإشراقُ مُبتسماً=فتلكَ بسمتهُ تُهدى لِمَن صَحِباْ
أو ادّعى البدر منهُ ليلَ مولِدهِ=أشدَ مِنْ وجههِ نُوراً فقد كذباْ
من حُبهِ خلقَ الرحمنُ جنتهُ=من بغضهِ خلقَ النيرانَ و الحطباْ
أي الفوارسِ في الدُنيا أتاحَ لهُ=ربُ البريةِ من تصنيعهِ عَضُباْ
إلاكَ يا صولَ الرئِبان مجتمعاً=بما يطيلهُ صيدَ الأفقِ لووثباْ
فيا أرومةَ عِزاً عن أصالتِها=تفرعَ العزُ يومَ الطف مُختضِباْ
بأي رحمٍ إليكَ الفضلُ مُنتسبٌ=إن كانَ شبلُكَ عباسٌ إليهِ أباْ
ذاتُ الفضيلةِ ذاتُ العلمِ ذاتَ هُدىٍ=ذاتِ البطولةِ ذاتُ الحلمِ ذاتُ إبىْ
أوقف ضَميركَ حيثُ الحقُ في رجُلٍ=أفشى بأفضالهِ الإحسانَ والأدباْ
هذا عليٌ إذا نادت غوائثهُ=إلى أنينيهِ أوحى اللهُ أن أُجباْ
لو كانَ صاحبُ طه ليلَ معرجهِ=لكانَ حيثُ تراخى الروحُ مُقترباْ
توهمت غيرهُ الصديقَ أُمتُنا=كلُ من عاشَ وهماً عاشَ مُستلباْ
قالوا إلى غيرهِ الفاروقُ قلتُ لهم=بغيرِ مهرٍ لذاتِ الحُسنِ قد خطباْ
هل نازعاهُ على علمٍ فَقَر لهم=أو قبلهُ آمنا أو في الوغى ضَرباْ
فأيِ صُحبِ رسولِ الله لو طُرِحت=مناقبُ الفضلِ حازت نفسهُ الغَلباْ
فأيهم كانَ هارونٍ بموقعهِ=من فضلِ طه و منهُ العلمُ قد شَرِباْ
وأيهم في مبيتِ الموتِ فديتهُ=وحولهُ تُعقدُ الأسيافَ مُعتصباْ
وأيهم حلَ منهُ النفسَ مبتهلاً=حتى عشى نورهُ القسيسَ فضطرباْ
وأيهم شدَ في أُحدٍ معاقدهُ=يحمي النبيَ ومن هذا الذي هرباْ
وأيهم بالتآخي فوقَ سابقةً=خليلَ نفسٍ إلى خلّواتهِ انتخباْ
بخيبرٍ أيهمُ أُعطِي كرامتهُ=وأيهم بلواءِ الفتحِ قد ندباْ
وأيهم قالَ فيهِ بالغديرِ ألا=من كنتُ مولاه فليأخذ بذا عَقِباْ
أليسَ ذاكَ عليٌ أم بكم حولٌ=يريكمُ غيرهُ في وضعهِ انتصباْ
أَنِخ ذلولكَ لم يحظى بفاطمةً=لو لم يكن فوقَ فضلِ العالمين ربىْ
فتىً لهُ ضربةٌ عدلٌ موازنها=لِكُلِ حسنٍ إلى الثقلينِ قد حُسِباْ
ولو تنفسَ في ليلِ المبيتِ على=ذنوبِ أمةِ طه غفرُها وجباْ
لهُ من الدرئةِ الحُسنى سماحُ يدٍ=لو مستِ الشوكَ تُنمي فوقهُ العِنَباْ
وكانَ مِنْ خمسةٍ ألوى بنجدتها=أبو البريةِ حتى يدفعَ الغضباْ
بإسمهِ ابنُ شيثٍ في عذولتهِ=جرى على ذروةِ الطوفانِ مُستغِباْ
يقينهُ لو خليلُ اللهِ أدركهُ=لما إلى رؤيةِ الاحياءِ قد طلباْ
أو كانَ هزُ العصا كالجانِ في يدهِ=لأبْطلَ السحرَ مسروراً وما هرباْ
أو أمهُ دونَ عذراءُ الورى قصدت=بيت القداسةِ شوقاً ذيلها اجتذباْ
ونعثلٌ لا أضاعَ الله رُشدكمُ=تفضلون على هذا فواعجباْ
واللهِ كُل الذي ضمت سقيفتكم=لو أنصفوهُ لشمُ تحتهُ التُرباْ
هذا كلامُ الذي هاجت خواطرهُ=في تُربِ نَعِلكَ لا خوذاً ولا كُعباْ
أبا الحُسين اذا مرت قوافلكم=على الصراطٍ كبرقاً شقق السُحُباْ
تناولوا عالقاً شدت أناملهُ=حُسنى هواكم ولو لها لما نَشِباْ
وكانَ ذا قلمٍ في وجهِ ناصبكم=يُسطرُ الموتَ إذ في حُبكمُ كَتَباْ
لو كانَ حُبكمُ ناراً لطابَ لنا=عيشُ الهناءِ بأحمى حَرِها لهباْ
والظلمُ في حُبِكمُ شهدٌ و ظالِمُنا=مِنَ الحماقةِ زادَ العاشقَ السَغِباْ
تُميزونَ و تقصونا لمذهبنا=كأننا من بقايا المارقينَ سِبَاْ
و حَقُنا بينَ أيديكمُ يُطافُ بهِ=في جفنةِ الحقدِ مبذولاً ومُنتَهباْ
مِنْ كُلِ مُجتلبِ الاصقاع=ميزتهُ عداوةٌ لبني المختار قد نصباْ
ونحنُ فخرُ أوالٍ في حضارتها=ونحنُ أعلى عُربانِها نسباْ
لنا شمائلُ عبد القيسِ في كرمٍ=و من ربيعةَ طابت ريحُنا حسباْ
ونحنُ جمرُ الغضا لو جئتَ مسجرهُ=لتحسبنهُ مِنْ تحت الرمادِ خباْ
والهَاشُميونَ نورٌ بينَ أعيُنِنا=نرعى بِحِبِهمُ للمُصطفى قُرباْ
هويةُ الأرضِ في أعراقِنا رسخت=و أنبتت مِنْ دمانا النخلَ والرُطباْ
ولم يُربي الحيا يوماً لوائِفها=حتى استطالت و قالت لستمُ عَرباْ
كأنما عَيرَ البازيَ ذو سُحلٍ=لما رآهُ بقيدٍ لستَ مُختلباْ
أو مثلَ ما قالَ مطليٌ على جربٍ=إلى صحيحٍ أرى في جِسمكَ الجَرباْ
في ظلمةِ الليلِ و الآسادُ خادرةٌ=يُبصبصُ الهرُ مِنْ قُدامها الذنباْ
فهذهِ شيمُ الدُنيا و منطقُها=يعدو على حوزةِ الأحرارِ مُنقلباْ
تُعيبُ في أصلنا يا من على=حجرٍ من العروبةِ نالت أمُكَ اللقباْ
هذا التعدي أصلٌ في سوالفكم=و الأصلُ لو بان قالوا يُبطلُ العَجباْ
آوت طريدَ رسولِ الله و انتبذت=ذا لهجتِ الصدقِ مهضُوماً و مُحتَسِباْ
و ماتَ في غربةِ التقوى و طفلَتُهِ حسرى=تُخاطبُ في تجهيزهِ الكُثُباْ
فأنتَ أنتَ أبو ذرْ بذاتِ أذىً=ما دامَ عُثمانُ فوقَ الأمرِ مُنتصِباْ
لا ينقُمونَ عليكم غيرَ لزمتِكم=أطيابَ قد خصها الرحمنَ و أنتجباْ
دعو لهمُ حُبهمُ واسروا بحبكمُ=عِندَ الصباحِ هواكم يُدركُ الغلباْ
ستبصرونَ على حوضِ النبيِ غداً=لكلم علياً بكأسِ الفوزِ مُرتقِباْ
و لا ينالُ الضما من نالَ شربتهُ=يعودُ و الماء لا يثري بهِ رغباْ
بينَ الجزائيين فاروقاً بهِ انقسمت=أهلُ الموازين إن أمناً وإن رهباْ
رَوحٌ مِنَ الله يأتي كل مصطرخٍ=باسمهِ في لظى النيران لو ندباْ
و سيفهُ طبعَ عزرائيل طوعهُ=إليهِ فرَ الذي من حدهِ هرباْ
كنزلةٍ من قضاءٍ الله ضربتهُ=فهل سَمِعتَ قضاءً بالنزولِ نباْ
إذا أسّرّ يُريكَ النشرَ مُبتسماً=إذا أُغيضَ يُريكَ الحشرَ مُحترباْ
خليلُ مُجن ٍ دروعاً من مهابتهِ=بلحظهِ يقرعُ الأسيافَ و القصباْ
من يومَ خيبرَ إسرائيلُ تحذرهُ=و كانَ حقاً لها أن تحذرَ النُوباْ
حتى أتاها الخُمينيُ برايتهِ=من حيثُ ما نجمَ الحاخام و احتسباْ
أبو الفضليين روحُ اللهِ ما عرِفت=صهيونُ إلا بهِ الويلاتِ و الكُرباْ
رمى بأطرافها حزباً تَمَيُزهُ=من حيدرٍ يومَ دحوِ البابِ قد دَرباْ
حتى غدا جيشُها الطاغي بآلتهِ=ما بينَ صولاتِ حزبِ المُرتضى لُعبا
وقد تفايضَ قاني النصرِ من يدهِ=و في سواعدِ شعبِ المقدسِ انسكباْ
إذا بأطفالِ قُدسِ الله من حِممٍ=ترمي فتحرقُ افاكاً و مُغتصِباْ
فيالِ غدرتِها من أمةً رزحت=في مرفأ الوهنِ تشدو بالذي ركِباْ
كُنا و كانِ لناِ مجدٌ و أشرعةٌ=فوقَ الصواري تصدُ البحرَ مُضطرِباْ
لنا طلولٌ على المقراةِ شاهدةٌ=آنا انتهينا فرِحنا نندبُ الخَرِبا
وقد تساقطَ من عبسٍ عناتُرها=تحتَ المُخلخلِ من هزاتهِ جُنُبا
حتى قريشٌ تخلت عن مضارِبها=سكرى و شارون من أعراضِها أحتلبا
فيا فلسطينُ لا تُعلي لنجدتنا=صيحاتَ غوثٍ لتلقى مَسمعاً خَشباْ
نادي علياً يُريكِ من عجائبهِ=في جيشِ صهيون عِندَ المَقدسِ العجباْ
فما تثلمَ ذو الحدينِ في يديهِ=ما زالَ منتظراً يوفي لمن ندباْ
فَمن لهُ اليومَ عهدٌ في ولايتهِ=للخامنئي هذا العهدُ قد وجبا