جامع النقائص
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
أفَقرٌ رَماكَ على الموبِقات=و خَيرُ حياتِكَ فَوقَ الممات
كَما اُخترتُ أحيا إلى أن أراك=و لم أدري رؤياكَ تعني الوفاة
رايتُكَ تَجمعُ في المُنقصاتِ=بِنهمِ الذي يَجمعُ المُكرمات
تَميلُ إلى القُبحِ في لذةً=كَميلِ بَغيٍ مِنَ المومِسات
وِلدتَ أصيلاً نَقيَ النَجار=بأطهرِ كَفٍ مِنَ القابِلات
فمالُكَ تُجري بَديلَ الدِماء=بِعرقِكَ مُستحضرَ المُسكِرات
تَعجبتُ من عَيشي ذا بيننا=أصبغٌ يُرى وِسطَ ماءِ الفُرات
ولكن إلى رَبِكَ المُنتهى=و قد أَجنَ الماءَ بِناظِرات
فَليسَ نجارُكَ ذاكَ الخَبيث=فَكيفُ أتيتَ خَبيثَ الصِفات
أينبِتُ فَوقَ الصفا الأُقحوان=و ذا العَذبُ ضِفتهُ لا نبات
أيهنأُ رِجسٌ بِلحمِ الضؤن=و يُلقى إلى الطاهرينَ الفُتات
كأنَ الذينَ أتوا بالزِنا=بنو الطُهرِ و الطاهِرونَ الزُناة
إذا زَندقَ القِسُ في دَيرهِ=و عَربدت الرُهب في الصومعات
فقل إن دُنياكَ في نَخبةً=و أُخراكَ بينَ ثِداءِ البنات
أتسخرُ مني أيا سامعي=كأنكَ أعمى عَنِ الحادِثات
ألم ترى مشيَ خُطى المُتقين=سُجوداً مِنَ السُكرِ للغاليات
إذا دَارَ كأسٌ بِدورِ الشُمول=سَيسكَرُ شَعبٌ بِدورِ الجُنات
و قد يَحكمُ الخَصرُ في رقصةً=علينا لنمشي حُفاةٌ عُراة
فَكم قُدست كَلماتٌ لهُنَ=على سورةِ الحِجرِ و النازِعات
و كم يعلو ليلاً لهُنَ الزعيم=و يُصبِحُ يُقرئُنا العاديات
عَجِبتُ أمِثلُكَ يحيا طَليق=و قد أوئدت في السُجونِ الأُباة
فلدهريِّ بالخلق ِ طَبعٌ قَديم=يُروي ضماهُ مِنَ العَبرات
و أعذبُها في لُهاةِ الزمان=دموعٌ تُصبُ مِنَ الفلتات
و أَطربُ صَوتاً إلى سَمعهِ=تَنهُدَ حُرٍ مِنَ الزَفرات
كأنهمُ قد أبادوا أباه=و عِندَ الأُباةِ إليهِ تُرات
فَسفلَ شَرعَهمُ و أنثنى=يُقدِسُ شَرعاً مِنَ الحُرمات
فَذوقُ التقيِّ لهُ حَنظلٌ=و كشهدِ ذاق ِ الدنيءُ الحياة
و يَمنعُ ذا المَجدِ عن قَصدهِ=و للأرذلينَ الزَمانُ موات
بداء وَطنُ الخُبثِ أَرضُ الذليل=أيا حُرُ فَبعُد عَنِ الغُربات
فَوحشةُ قَبراً إيناسُ العَزيز=إذا الكَونُ شِبرٌ مِنَ الظُلِمات
أخي ظَلَمَ العَيشُ في منزلي=و خارِجهُ ظَلمتهُ الطُغاة
أيُصبِحُ قوماً لكَسبِ الحَلالِ=و يُصبِحُ قَومٌ إلى المُنكرات
و تَسهرُ عَينٌ لترنو القُدود=و تَسهرُ أُخرى لذِكرِ الصلاة
و تِلكَ التي سَهدتها القُدود=لمن سَهِدت للدُعاء حاكِمات
لقد وَقِفَ الدَهرُ في ذلتي=قَديم مِثلَ يومي بِذُليَ آت
أتبكي و ما الدَمعُ يُجدي المُصاب=و هل يَرفعُ الدَمعُ للنازلات
و مِما يُقِصُ عَيشُ الفتى=ذَكاءٌ يُجلي لهُ الناقِضات
إذا أبصَرَ الزُهدَ في عِجلهِ=سيقرأُ ما تَحتهُ من سُمات
إذا قَبلَ العِهرَ عِجلي زَهيد=سَتكفيهِ ألفٌ مِنَ القُبلات
و إن حَلَ سَعدٌ فَزهُدٌ لهُ=سيجلبُ نَزراً مِنَ الراقِصات
و يَزهدُ في الخَفرِ عِندَ الظهور=فألفٌُ بِركبٍ و أَلفٌ مُشاة
و لا يَشربُ الخَمرَ عِجلي تَقي=فلا بأسَ في الزِقي في الحَفلات
و يَترِكُ زِقاً لمن حولهُ=فَعِجلي مُحِبٌ إلى الصَدقات
و يَمنعُ عِجلي أهلَ الفَساد=و يُعطي لأهلِ الصلاحِ الزكاة
فإياكَ أن تعترض دَربهُ=فَذلِكَ من أعظمِ الموبِقات
لهُ بَركاتٌ بِقرنِ الحديد=سَينزلُ في صَدرِكَ البركات
و للعِجلِ ذَيلٌ رَقيقُ الخِصال=يُزيلُ الدموعَ عَنِ الوجنات
و لكن علما أُطيلُ الحديثَ=كأني عَشِقتُ لِحاقَ الرُفات
و هبَ أن ذالِكَ مُستَعجلٌ=أ جُثمانَ مَيتٍ يُصِبهُ الممات