تحية لشعب علي
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
رَحِمَ اللهُ فؤاداً مُضجر=فلقد ذابَ حَزيناً و أنكسر
قد رماهُ السَمعُ مما نالهُ=بِسهامٍ قاتلاتٍ من خبر
مُذ سَمِعنا أن شعباً عابداً=من رَحيق ِ الحق ِ و الذِكرِ سَكر
و انتشى مُضطرباً الوَقعِ على=سُدةِ الرحمنِ من شوق ِ الأثر
داعي الدُنيا إلى شَربتهِ=مُذ رائها تَستقي دَمَ البشر
هكذا تأسى الهُدى مُبتذَلاً=و الصن و هي للقلبِ صَخر
هكذا تأسى البِيراقَ بارداً=و أجرَعيهِ كُلما القَلبُ أنفطر
أن تَرونَ في الموتِ مُراً لاذعاً=فحياةُ الذُلِ و اللهِ أَمَر
و أطلبوا العِزَ على رؤوسِ القنا=و أنبذوا الهَونَ على عَيشِ البَطر
بل الذي أنشأكم آولى لكم=لو عَلِمتم بالجزاء المُدخر
و هو آولى دونَ ما هذا الجَزاء=عِندَ شَعبٍ ثائرٍ حُرِ الفِكر
هكذا كانت تُنادي أُمةٌ=صاغها اللهَ إلى شوق ِ العِبر
فكأنَ اللهَ أنشأ قَلبها=من ضياءِ العرشِ لها هذا المَدر
و كأنَ اللهَ أنشأ عَقلها=من سناهُ و آتى العَقلَ الأغر
قائدٌ تُكسِبُهُ البلوى هُدىٍ=كُلما ازدادت بهِ ازدادَ نَظر
زَودَ اللهَ وَقارَ المُرتضى=فتعدى و على الشيخِ أستقر
إن مشى يوماً إلى مِنبرهِ=خِلتَ من يمشي على الأرضِ القمر
هو ذا الشَعبُ و ذا قائدهُ=فسألوني ما الذي ساقَ الضَجر
ساقهُ شَوقُ الصواريخِ على=أَسقُفٍ مِنْ تَحتها البؤسُ زُمر
آجرَ اللهَ النبيَ المُصطفى=فهو آولى بالعزاء ممن حَضر
آجرَ اللهَ الوصيَ المُرتضى=كُلُ يومٍ رأسهُ غضُ الطَبر
و هنيئاً يا إمامي فالذي=سُلِمَ العَهدُ مِنكم خَبر
و إذا الجيلُ صدىٍ من صوتكم=لفلسطينَ و لأرضِ البشر
صَرخةٌ واحدةٌ من فِكركم=قُل لصهيونَ ألا أينَ المَفر
و قد امتدت جُيوشُ المُرتضى=و على الأُفق ِ مِنَ الزَحفِ صَدر
لِنفوسِ أبني أرست قلبها=و تَحدت جَيشَ من يرعى البَقر
خالفُها الصَفحَ عن أعدائها=فأجابت ذاكَ لو ربي غَفر
فَمماتٌ أو حياةٌ حُرةٌ=و الذي مَاتَ إلى الخُلدِ عَبر
ثُمْ هَبت ريحهُم من أرضهم=و أتت غَزةَ و الشعَبُ أنفجر
طِفلهم مُستلهمٌ من كربلاء=كَيفَ يرمي وجهَ شِمرٍ بالحجر
أرسَلُها أذرعٍ صادِقةٍ=للذي عاشَ بذُلٍ و قَهر
و تآخوا دونَ فرق ٍ و بِهم=جَمعَ اللهُ علياً و عُمر
ثورةُ الأطفالِ من أُمتنا=بَعثت دينٍ رجاءً مُنتظر
كَتبَ الأطفالُ في تأريخنا=بِصمودٍ مُفرداً أحلى خَطر
شَهِدوا بالساعدِ المَكسورِ أن=جَبُنت صَهيون عن حربِ الحجر
أثبتوا أنَ بلا أطفالِنا=اُمةٌ في جَيبِ صهيونٍ نَفر
مَلكُ الميدانَ و اشتدوا بهِ=و مَلكنا طاولاتِ المؤتمر
يَطلبونَ العونَ مِنا و الذي=يَطلِبونَ العَونَ مِنهُ في صَغر
راكعٌ بينَ يدي قاتِلهم=يَطلِبُ السِلمَ ذليلاً مُحتقر
أحرقوا أجسامهم بَطشاً بهم=كَسروا الأيدي لكي يخفوا السَعر
ما دروا أن الأذى يُلْهِبهُ=كُلما ذادَ الأذى زادَ الشَرر
و رَمادٍ صارَ من أجسامهم=لبروجٍ للملايينَ زَجر
يا شبابَ الأرضِ شقوا بطنها=و أخرجوا التأريخَ من تلكَ الحِفر
و أنظروا رأسَ علياً دامياً=في سبيلِ العدلِ و الحق ِ أنشطر
و خُذو قَلبَ حُسينٍ سُلوتٍ=ثَمنٍ للعِزِ بالسهمِ أنفطر
كَبِدُ الحَمزةِ أنتم و أرى=لوكها حلَ على نابٍ كَفر
أُمةُ المُختارِ رُدي خيبراً=و أدخُلي حِصنَ يهودا بالسِور
فحياضُ الدينِ لا يُورِدُها=مؤمنٍ إلا و بالنصرِ قَدر
أُمتي لا تستهيني بالحصى=فهي قد تبني إلى المَجدِ صِور
لا تقولي أنها عاجِزةٌ=عن لقاء قولٍ في الأرضِ أصططر
راجِعوا أحزابكم كي تعلموا=بجريدِ النَخلِ الدينُ أنتصر
يا شبابَ الأرضِ هذا جُهدكم=و على السارقَ بالجُهدِ أفتخر
زَاعِماً أن لهُ الفضلُ على=ثَورةُ الأطفالِ و الخَدُ صَعر
و هم يدعوا لسلامٍ دائماً=لغثي الدولِ عَنِ الحَربِ أستتر
و غُصونِ الأرضِ أحياءً بها=دفنوا و الغُصنُ بالشوق ِ ظَهر
دَفنوا الأغصانَ ما أحمقهم=إنَ دَفنَ الغُصنِ يأتي بالشَجر
كُلما كَانَ عَميقاً دفنُها=ثَبتت في الأرضِ و أزدادَ الثمر
يا شبابَ الأرضِ شدوا عَزمكم=و أنشدوا من كانَ يُثنيهِ الخَور
هو ذا الحَلُ و قد جَربتمُ=كُلُ حَلٍ و عَنِ النَصرِ قَصر
لن تنالوا حقكمُ إلا إذا=رأسُ رابينَ مِنَ الصخرِ أنكسر
إنَ هذا الحِملُ أنتم أهلهُ=بَعدَ أن جيشَ المُرائينَ غَدر
عَربيٌ كانَ بأسمِ المُصطفى=و هو اليومِ عَنِ النَصرِ أعتذر
فلقد كُنا لطه أُمةً=أين ما تمضي مضى صَرفُ القَدر
و عَليٌ حاملٌ رايتها=يُرهِبُ الموتَ إذا لاحَ الخَبر
كُلما طالت إلى أعدائها=أعملت السيفَ و للطولِ أختصر
و إذا اليومُ بِنا مَهزلةٌ=لَعِبَ الكُفرُ لِعبَ البوكر
فشيوعيونَ من أبنائنا=حركوا بالفأسِ تأريخَ البشر
و يرونَ الدينَ من أحزاننا=فهي آناةٌ بها الصَدرُ زَفر
و يَروهُ عائق ٍ نَحفتِنا=و سنعلو كُلما الدينُ أنحدر
فأتت ثورةُ من أعشقهم=ببيانِ الحَق ِ و الجِبتِ أندحر
و ترى القوميَّ فينا ثائراً=بشعاراتِ الجاهلياتِ جَهر
أَعربيٌ أنتَ ها أنتَ تَرى=أنهُ أعلى السُلالاتِ مُظر
يا حُسامُ الدين هذهِ فتيةٌ=في فلسطينَ تقفتكَ أثر
باركَ اللهُ خُطاها و الذي=نَصرَ الحقَ لهُ الحقُ نَصر