الحقائق الجلية
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
أ لخاطري يَتَنَكرُ الشِعرُ=و بهِ تَجولُ غَزالةٌ بِكرُ
عَنها عَزِبةُ و هُيأ السِفرُ=و مَضيتُ لا رأيٌ و لا فِكرُ
بِقرارتي يتقاذفُ الجَمرُ=تَتقاتلُ الأَشواقُ و الصَبرُ
الصَبرُ قالَ و قَولهُ أَمرُ=ألصبيةِ يَسجِدُ الحَبرُ
فأجبتهُ مَهلاً أيا صَبرُ=ما هكذا يُستَحسنُ العِذرُ
إن التي لُبتَ الفؤادَ بِها=بَدرُ التَمامِ و نَمسُها تَمرُ
و بيانُها في عِضوِها فإذا=كَفَ اللسانُ تَكلمَ الخَصرُ
عني إليكَ فما أنا أدري=أن الهوى يا صاحبي خَمرُ
فإذا ثَمِلتَ تأخرَ العَقلُ=عن لائمٍ و تَقدمَ السِكرُ
أوثق عِقالكَ يا هوى قلبي=قد طَابَ لي في حُبِها أَسرُ
و أفتك بِصبري لم يعُد يقوى=و بِعينها فَتكاتُها البِكرُ
وَردٌ على وردتِها حُمرُ=لكَنها شَفقٌ بِهِ فَجرُ
قالوا أفادٍ أنتَ مُقلتها=فأجبتهم لو يأذنَ العُمرُ
و لقد طمى تيارُ قارِبها=فَدعوا الملامَ فقاتلِ بَحرُ
لا تَبخلي فَجمالُكِ يُسرُ=في وَجنةً تَشبيهُها عُسرُ
و جُدي بِطيفكِ إن يُكن يؤذي=شَرَفَ المليحةِ مُلتقىٍ جَهرُ
فأقسى الهوى ما كَانَ مَضروباً=بَينَ الحَبيبِ و حُبهِ خُمرُ
و أقسى الجَفا ما كَانَ مَعقُداً=بينَ الحَبيبِ و لثمهِ حَظرُ
و أقسى النوى ما كَانَ مَحظوراً=لُقيا حَبيبِ النَفسِ لو سِرُ
و أضنى الجَواب ما كَانَ قَتالاً=قَلبِ الحَبيبِ و حُبهُ غَدرُ
و أحلى الغِواء ما كَانَ يُدنينا=دُنىٌ بِهِ يتكشفُ النَحرُ
و أندرَ رِواء ما كَانَ يُروينا=رضابَ الهوى لو أُعدِمَ القَطرُ
و أغلى العُلا ما كَانَ إقراهُ=نَفسِ الأبيِّ لِعزها مَهرُ
فإذا تَعذرَ هكذا مِثلُ=نادكَ من وادي طِوى الصَدرُ
هَذا العِراقُ و كُلهُ قَبرُ=من لي بِقُطرٍ كُلهُ قَبرُ
بِغليلهِ يَتعذبُ الجَمرُ=ما حَالَ من بِهِ عُذِبَ الجَمرُ
و بِهِ مِنَ الأحقادِ شَردُ=يُسمى بِبعثٍ و أسمهُ شِمْرُ
و بِهِ مِنَ الإيمانِ حُكامٌ=عِندَ التراحُمِ دينهُا كُفْرُ
و بِهِ مِنَ التَعذيبِ أنماطٌ=لو باشَرتهُ تألمَ الصَخرُ
و بِهِ مِنَ التَنكيلِ اضرابٌ=قُلْ لا نَظير و لا تَقل نُظْرُ
و بِهِ دِماءُ الشَعْبِ أنهارٌ=في جَريها قد يَغرقُ البَحرُ
و بِهِ سَعيرُ الذُلِ وَقادٌ=و الجُوعُ يُوقِدَ ما خَبا الصَبرُ
فإذا رَكعةَ لِخالق ٍ أَمرُ=و إذا رَكعةَ لشبعتٍ أَمرُ
سَقطَ المُهيبُ و جُدهُ خَرُ=لينالهم مِن خَصمهم تَمرُ
لم يَجرعُ مَوتاً لهُ عُذرُ=في حَربِهم بل أنهم فَرُ
حَرسُ المُهيبِ يَقودهم ذُعرُ=عَبرُ المياهَ و جُبنهم جِسرُ
و لما أتوا للبَصرةِ أشتدُ=فبِذبحِها يَتحققُ النَصرُ
يا لعنةٌ قد كُنتَ عُصفوراً=و اليومَ في كَربِ البلاء نَسرُ
و أمامهم قد كُنتَ عواءً=و على النِساءِ حلا لَكَ الزَئرُ
و عَبِدتَ ما قالوا و ما غَروا=من كُلِ ذُلٍ أيُها العِهرُ
أفرحتهم يا بَعثُ=مُذ خِلتهم بِدمائنا سُرُ
المُطعِمونَ و كُلهم جُوعُ=الخَيرونَ و كُلهم شَرُ
المؤمِنونَ و كُلهم رُعبٌ=المدقوقنَ و كُلهم فَقرُ
الراحِمونَ و كُلهم حِقدٌ=العَاهِدونَ و كُلهم غَدرُ
مُتخافِضونَ و كُلهم رَفعٌ=مُتواضِعونَ و كُلهم كِبرُ
كُلُ الأذى في أرضينا مِنهم=و لهم بِكلِ قَضيةٍ نَقرُ
لولاهمُ و اللهِ بارينا=ما كَانَ ظُلماً يُعدمُ الصَدرُ
بِمَدِادهم خَطتَ يَدُ الجاني=مِنهُ اليراعُ و مِنهمُ الحِبرُ
لولاهمُ لم يُخطفُ الخَوئي=و يَضمهُ و أبنُ الزِنا قَصرُ
مِن فِعلِهم و فِعالهم غَدرُ=فَوقَ البِهشتي صَحبهُ خَرُ
حَربُ الثمانِ و قَبرُها بادٍ=فبضوئهم جُندِ الطُغاةِ مَرُ
حُرٍ تَجبرَ هكذا الأَمرُ=بِحمى الكِلابِ تَجبرَ الهِرُ
قد حَرضوا للثورةِ الشَهباء=كي يَكفيهم إذ في الوغى خِسرُ
من َضيمهِ قد ثَارَ لا مِنهم=و مُذ رؤوا مِنهُ دنى النَصرُ
و لم يَروا أبنائهم فيهِ=بل بِهِ مُحسنُ و أبنهُ الحُرُ
نَكساً على أعقابِهم ردوا=و عَنِ القواذِفِ أُقِفَ الحَضرُ
و أقولها إن عُدتَ يا شَعبي=فبلحظةٍ سيُفككُ الحَصرُ
شَيطانُ فينا قالها قِدماً=روحُ الإلهِ السيدُ البَرُ
ألا تَرى لُبنانَ قد غَروا=مُذ شُغِلُ بالحَربِ ما السِرُ
بَعضُ التعَدي لمسهُ صَخرُ=و آخرٌ لمساتهُ سِحرُ
و آفةٌ يهوي بها غُصنٌ=و آفةٌ يُفرى بِها جَذرُ
و قَتلةٌ آلتُها عُودٌ=و قَتلةٌ آلتُها السِمرُ
و ضَربةٌ ناتِجُها ألفٌ=و ضَربةٌ ناتِجُها صِفرُ
و جَزرةٍ من حَدِ مِنشاراً=و الكمبيوتر عِندهُ جَزرُ
قِسمتهُ في أرضِنا قَبنٌ=لنا اقتراحُ إذ لهُ البِشرُ
يُطعِمُنا من لحمِنا جُوعاً=و نَحنُ في أحشائنا القِدرُ
يَطعمُ مِن بُستاننا زَرعاً=و نَحنُ من أبداننا البَذرُ
و عَيشهُ من نَفطِنا يُسرُ=و عَيشنا من نَفطِنا فَقرُ
و شِبرهُ في جَهلِنا مِيلٌ=و مِيلُنا في عِلمهِ شِبرُ
و حُكمهُ في أرضهِ عَدلٌ=و حُكمِنا في أرضِنا قَهرُ
بَرمجةً فيهِ لغاياتٍ=مِن بينها أن يُمزَقُ الذِكرُ
فَطعنةٌ مَوضِعها جِسمٌ=و طعنةٍ مَوضعهُا فِكرُ
و طَلقةٌ مَوضعُها رجِلاٌ=و طَلقةٌ موضعُها صَدرُ
فَبُقعةٌ تَرضى بِه روضٌ=و بُقعةٌ تُغضبهُ قَبرُ
يسطَلِعُ الأمنَ إلى زَاخوا=و كَربلاء دَمرها الشَرُ
لأنها من ذو التُقى نَسلاً=و الكُمبيوتر أُمهُ عِهرُ
يَسُرهُ أن يُهتكَ السِترُ=لِعرضِها و يُقطعُ النَحرُ
تَصرخُ و الكوتُ لها تنعى=و هوَ على آذانهِ وَقرُ
الكَمبيوتر أبيضُ اللونِ=و قَلبهُ في جَوفهِ صَخرُ
في أرضكم عَسكرهُ جُنٍ=و جَوكم عَسكرهُ الطَيرُ
نَاموا بِلا شَخرٍ بيُمناهُ=فالكمُبيوتر يؤذيهِ الشَخرُ
و لا تَقوموا دونَما أذنٍ=حتى و لو ناداكمُ الفَجرُ
و هَاجِروا إن خِفتمُ بَطشاً=فربما يُنجيكمُ الهَجرُ
و هو سيُرسل لكمُ خُبزاً=و طائراتٍ كُلها سِترُ
لا تَرفضُها إنها رِزقٌ=من رازق ٍ يُحرجهُ الفَخرُ
يَذوبُ في حَقكمُ طِيبٍ=كأنهُ الزَيتونُ و العِطرُ
من طيبهِ لم يرتضي يَوماً=لآلِ طه يُكتبُ النَصرُ
الحَقُ مَكفولٌ فلا ظُلمٌ=يَنالُ ما يأتيهِ أو زَجرُ
مَلفهُ كوجهِ زاهٍ=أولهُ هُنودهُ الحُمرُ
آخرهُ لا ينتهي إلا=شاء الإلهُ ينتهي الضُرُ
فظالمٌ يُرزءا بِه قُطرٌ=و ظَالِمٌ يُرزءا بِه الدَهرُ
قد حَكم الدُنيا فيا مهدي=عجل فأعداءُ الهُدى كُثرُ
و هم بِدباباتهم جَيشٌ=و نَحنُ في أثوابِنا نُسرُ
عَجل رعاكَ اللهُ فتاكاً=من طَرفهِ يَتخدرُ النِمرُ
عَجل رعاكَ اللهُ زَجالاً=من رَعدهِ يتزلزلُ الحَشرُ
عجل رعاكَ اللهُ قَتالاً=لنعالهِ يَتضرعُ الشُزرُ
عَجل رعاكَ اللهُ طَعاناً=من رُمحهِ تخشى السماء عَقرُ
عَجل رعاكَ اللهُ سيافاً=حتى الرياحُ لها بهِ بَترُ
عَجل رعاكَ اللهُ غَضاباً=لو ثَارَ سَخطٍ يهدىُ البَحرُ
عَجل رعاكَ اللهُ وَضاحاً=كُلِ الشُموسِ بِنورهِ غَرُ
عَجل رعاكَ اللهُ فهذهِ الأرضُ أرتالاً=ما فوقها أو تَحتها وِزرُ