أبوكم أبو لهب
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
أبوكمُ أبو لهبْ يا أمة العَرَبْ=وأمكم معروفةٌ حمالةُ الحطبْ
قد كُشِفَ الغطاءْ بيومِ كربلاءْ=فقتلُ عبد اللهِ قد فَضَحَ العَرَبْ
بُطولةٌ مَهِيبةٌ بمسرحِ الخيالْ=رجولةٌ ينقصها شَهامة الرِجالْ
و قادةٌ من الزُهى لا تطأُ الرِمَال=لها افتخارٌ لو مشى من فوقها النعالْ
عُروبةٌ لَكِنها لَكْنى بِلا مَقالْ=يَكْتُبُ عَنْها أَعْجمٌ من طينةِ البِغَالْ
فوارسٌ إذا انتشى مُعْتَرَكَ القتال=دعت رضيعَ أُمهِ هيا إلى النزالْ
و اقتحمت خِدْرَ النسا و خيمةَ العيالْ=و حققت بذلك نصراً على الضلالْ
فرمحكم منتصرٌ على الخبا المنيعْ=و سَهْمُكم مُنتصرٌ بمنحر الرضيع
و يوم ضَرْبِكُم بنت نبيكمْ=كتبتم نَصْركمُ بالنارِ و الحطبْ
وَلِيِّكُمْ بفرضهِ يُرَتِلُ الكتابْ=و شِمْركم بكربلا يُجزِرُ الرِقابْ
و سَوْطكم بكربلا قد ضَرَبَ الرباب=فأيْنَهُ إِسْلامَكُم يا أُمَةَ الصَحَابْ
صاحبكم على عليٍّ أَحْدَثَ انقلابْ=ثم دعا يا قومنا سبوا أَبا ترابْ
أَابنِ سَعدْ منكم أم أنَّه انتسابْ=أما روى له البخاري أقدسَ الخطابْ
عاش ابن سَعْدٍ عندكم عدلاً بلا ارتيابْ=برغم قتلِ ابن النبيِّ سيدِ الشبابْ
الله اكبر هل بقى قولٌ لمن يقولْ=قاتلُ ابن المصطفى عَدَّوْهُ بالعدولْ
قد كان بي غليلْ بذمِكُم أُطِيلْ=و حبكم لابن سعدٍ أوجزَ الطَلبْ
سلطانكم منزهٌ تَجَاوزَ الِحسابْ=فشرعه ممجدٌ لا سِجنَ لا عذابْ
أحزابكم كَمْ سَلَبَتْ من حُرةِ النِقابْ=فانتصرت أُطْرُوحةَ السفرِ على الحجابْ
يا أمةً ما وَجَدتْ لعزها مآبْ=على حياها المُنتهي قد نَعِبَ الغَراب
يزيدكم على الرؤوس يسكب الشرابْ=وليدكُم بسهمه قد مزقَ الكتابْ
مولاتكم ثعالبٌ قد أنجبت ذئاب=و صدقكم معلقٌ بحلقةِ السرابْ
قد كنتم بقولكم و الفعلِ صادقين=لكن تلك مَرَةً لتقتلوا الحسينْ
و تدخلوا الخباءْ و تَسْلِبوا النساءْ=وتضربوا حورائنا لتغنموا السَلَبْ
صلى بكم معاوية الجمعة أَرْبِعاءْ=أهكذا سَطَىْ على العُروبةِ الغَبَاءْ
عَلَمَها حاكمها بكل كبرياءْ=أنَّ النساءَ كُلَها بحضرتي إِمَّاءْ
و الدمُ لو لامسهُ كفي يصيرُ ماءْ=قد كَتَبَ اللهُ لمن يعارضُ الشقاءْ
فالظلمُ في حقِّ عدوي حكمت القضاءْ=لأنني مُمَلَكٌ مِنْ قَدَرِ السَّماءْ
ففسروا به غباءً آية الولاءْ=و من هنا قد قَصموا ظهورَ الأنبياءْ
إذا جعلوا طاغيةً مُحَكِماً هَوَاهْ=يَحْمِلُ رُغْمَ ظُلْمِهِ شَرْعِية الإلهْ
فإن أتى الفسادْ فالله قَد أراد=ولِيُّنا من الإله سُلِم َاللَقَبْ
أترهبون عُزلاً بأزةِ الرَصاصْ=عورتكم مكشوفةٌ للحربِ للخَلاصْ
قد عفَّ عنها سيَفْنا و اسْتَرَقَ ابنُ عَاصْ=حياته بأُستهِ و حينَ لا مَنَاصْ
علمكم صاحِبكم في أُحدِ المَفَاصْ=حاقها لما حميت من القِرى عِفَاص
تاريخكم ملوثٌ بألفِ انتقاصْ=و صدقكم بِجُبْنِكُم و الوثبةُ الفِصَاصْ
قد سكنتْ أنَّاتُكُمْ و عمرو بالعراصْ=حتى أتاه حيدرٌ و قلبه إِدِّلاصْ
فأينه إيمانكم بجنة ِالنعيمْ=آمنتموا أنَّ ابن ودٍ حربه جحيم
و خُفْتُم الَهلاك مُذْ طَلَبَ العِرَاكْ=و بعدها سُمِيتُموا طوارقَ الغَضَبْ
تقدمت سيوفكم بشورةَ السَّقوفْ=و يوم أُحدٍ ما لها فَرَتْ مِنَ الحُتُوفْ
عذراً فشيخُ عزكم عن الوغى عَزُوفْ=و كان خلفَ المصطفى يفضلُ الوقوف
بحيدرٍ كان اللواءُ يذرعُ الصفوف=بحيدرٍ كان الفقارُ يَلْهمُ السيوفْ
الدينُ كان بيتهِ وكنتم الضيوف=و من صباهُ المصطفى بحبه شغوفْ
تُرى أفيكم صَمَمٌ مِنْ دقةِ الدفوف=أم عَمِيّتْ يومَ الغديرِ أَعْيُنُ الألوف
ألم يكونوا عَرباً حَواضِرَ الغديرْ=و رددوا مع النبيِِّ حيدرُ الأميرْ
خذلتمُ الأمم يا عرب التُهَمْ=و قلتم من قال بالوصيةِ كَذَبْ
هذا حديثٌ مُرْسَلٌ مِنْ سيدِ الأنامْ=إليكم يا عربَ الضجيجِ و الكلامْ
لظالمينَ عترتيْ الجنةُ حَرَامْ=لغاصبينَ بضعتيْ لا يغفرُ السلامْ
فمن تُرى قد ذبحَ الأطائبَ الكِرامْ=و من سَبى نِسائهم و احْرَقَ الخِيامْ
أهو أَنُوْشَرْوَّانَ أَمْ فَصِيلهُ العُجامْ=أم حزبَ ماسونٍَ أتى يقوده الحاخام
أقولها ملتزماً بأصدقِ التزامْ=الظلمُ كان أصلهُ سقيفةَ الظَلام
سقيفةَ العروبةِ و مَجْمَعُ الفِتَنْ=قد مزقت سهامها جنازةَ الحسنْ
و منحر الحسين و قطعت يدينْ=لمن أراد أن يرويْ عاطشاً سَغَبْ
قبل النبيِّ كنتم نواعقاً رُعاعْ=خَوادعاً مَوانعاً نوازعاً رُواعْ
النهبُ و السلبُ بكم شريعة تُطاعْ=و عِرْضكم غَنيمةٌ لفارسِ النِزاعْ
لولا زواحفُ الفلا َلِمتمُ جِيَّاعْ=وكمْ لكم مَعَ الجزورِ خَوْضَتُ الكِراعْ
فأيُّ شيءٍ ترغبونَ سِرهُ يُذاعْ=و أي شيءٍ لو أشيعَ مَجْدُكُم يُشاعْ
أذبْحُكمْ آل النبيِّ في ثرى البِقاعْ=أم سوقكم بناته حسرى بلا قِناعْ
لولا النبي صاعكم يبقى بغير صاعْ=لولا النبي أنتمُ صفرٌ على الرِقاع
ثم الجزاءَ تكسرون أَضْلُعَ البتولْ=و تَسْحَقونَ سِبْطَه بِحافرِ الخيولْ
كأنه أَساءْ يا عربَ الجفاءْ=وَتبْغَضون مذهباَ بآلِهِ إعْتَصَبْ
طفلُ الحسينِ ميتاً يا عربَ الرَشادْ=ملقىً على صدرِ أبيه في لَظى الوِهادْ
بدرٌ له شمسُ الهُدى على الثرى وِسادْ=و النورُ في وجْنتِهِ كوَقْدَة الزِنادْ
هذا عيونُ المصطفى لا بلْ هوَ الفؤادَ=و تقطعونَ رأْسَه ُلتكرموا زِيادْ
فما لهذا الطفلُ يا عصابةَ الفَسادْ=تُراه قد جالَدَكُم بِحْومَةِ الحِدَادْ
ثلاثَ ما ذاقَ الكَرَى ظَمْآنَ في سُهادْ=دعوهُ بعد مَوتهِ ليَطْعَمَ الرُقادْ
لكن سَيْفَ حِقْدِكُم كأصْلِكُم وَضِيعْ=لا يرتوي إلا بِحَزِ مَنْحَرِ الرَّضِيعْ
فأصْلكُم مُخيفْ و رأْيِكم سَخيفْ=لكنَ صوتَ فَخْرِكم يُسَجِلُ الغَلَبْ
شعوبَكم تَبْني لَكُم بالعزةِ وُجُودْ=فحرروها إن أَرَدتم في الورى صعودْ
فَظِلْمُكُم شعوبَكم عليكم يَعودْ=قد سلَطَ الله عليكم لعنةَ اليهودْ
مَدُوا لرحمِ أمكم مساحةَ الِحدودْ=فما رأت مغيثها و كلكم شُهودْ
و اثبتوا أن لكم عُروبةٌ شَرودْ=و إنّ وامعتصماهُ كِذْبَتُ الِجدودْ
قد مَسَخوكمْ قِطَطاً بصورةِ الأُسودْ=زَئِيرُها مُرتفعٌ لَهَزةِ النهودْ
أيّا عُروبةَ الَهوى إلى متى الغُرورْ=إلى متى عَدَائَكُم للمصطفى الطَهُورْ
و عترةِ الكتابْ وخِيرةِ الصَحابْ=إلى متى تَقُودُكم أُميةَ الطَرَبْ
عَلَمَكُمْ حَرْمَلَةٌ قَواعِدَ النِزَالْ=عَلَمَكُم أن تبدؤوا في الحربِ بالعيالْ
عَلمكم قِتالَ مَنْ لَمْ يَبْدأ الفِصَالْ=فَجِئْتم أَشْجَعَ أهلَ الأرضِ في القِتالْ
أَتَنْكِرُونَ فِعْلَهُ و كَمْ لَكُمْ فِعَالْ=زادَتْ على فِعالهِ بخستِ الفِعالْ
كم ثائرٍ مُناضِل بِمَنْطِقِ الَجَلالْ=جِئتمْ بعرْضِ أمه ليِْترُكَ النِضالْ
فكلكم يا عربٌ لكاهلٍ رجالْ=قد أَوْرَثتْكُمْ حِقْدها و جُعْبَةَ النِصالْ
فلا تقولوا إنَّكم مِنْ فِعْلِها بُرَاءْ=كيفَ وذا صاحِبُكُم أَبادَ كَرْبلاءْ
و ضَمَّخَ الصغير و ما بكم نَكيرْ=و كان كل هَمِكُم أَنْ يَسْلَمَ الذَهَبْ