يا صاحبي هاتها طبا وداوينا - في مدح أمير المؤمنين(ع)
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
يا صاحبي هاتها طبا وداوينا= وانشد ظلال أبي نواس واسقينا
وانسى حبيبا لزوم الدل شيمته= ما كان أدنى جزاء الحب يجزينا
كأننا طاعة مخلوقة جسدا= لروحه وهو روح من معاصينا
له عيونا إذا مرت لواحظها= على الدوارس تنبتها رياحينا
سبحان من خلق الآجال في صور= بألطف الحسن لا بالطعن تردينا
يسامر البدر حتى لا يرى بصر= أي الجميلين نوارا دياجينا
ويصحب الفجر حتى قال ساربه= أي الطلوعين قد أزهى نواحينا
وأضحك الشمس حتى صب شهوتها= وخاطبت ربها يسر تلاقينا
والنجم لو خفض المنئى وقابله= يبت كفيه لو أعطوه سكينا
معنى الجمال طليق في تحركه= فإنه توقف صار الحسن تسكينا
كأنه قدر تقسي شمائله= عنا الطراوة أو تدنوا فتدنينا
كأنه ملك للنور يرسله= ليكسب الشمس وقت الفجر تلوينا
قد موج الأفق محمرا بقتلته= من قبل أن يجرح الأحجار والطينا
وأمطر المعصرات السود من دمه= فرحن من سيل نحر الدين هامينا
وعلم الفلك الدوار ندبته= فأصبح الأفق في ذكراه ناعينا
إذا توارت ذكاء جاء من دمه= ثاني الجديدين مخضوبا فيشجينا
قد علم المجد أن يصغي لرجزته= ولقن الدهر معنى العز تلقينا
وكان في سيفه مليون بارقة= تهدي بمليون حيد لحظة حينا
وكان يخفي بأنبوب القنا أجلا= يريه بالطعن أكبادا المجارينا
إذا دعى في غمار الموت ذابله= أين الفؤاد أجاب القلب آمينا
أو إن دعى برقاب القوم صارمه= جاءت رؤوسهم حمرا ملبينا
ما طار في وسط الأعناق مرهفه= إلا وطارت طيور الهام عالينا
كل الكماة أقرت في تجالده= هذي يد الله تعلوا فوق أيدينا
هذا الحسين ومن لي بالحسين فتى= أحلى من الشمس إشراقا وتكوينا
تستنشق الشمس حسنا من وسامتة= فتعطي للبدر من زفراتها زينا
هذا الشهيد ومن لي بالشهيد حمى= حتى من الغضب القدسي يحمينا
هذا الشفيع ومن لي بالشفيع إذا= ظلت جوارحنا تبدي مساوينا
يأتي كأن بساط الحشر في يده= يطوي ويبسط ترويعا وتأمينا
يأتى بفرد على الأشهاد تعقده= من السلاسل ما تذرعه سبعينا
فياله من أخيذ لا عشيرته= تنجيه كلا ولا دعوى بأهلينا
إذا بسوط تغض الخلق نبرته= مهابة وجمال فاق تعيينا
يقول خلوا محبا كان يعشقنا= وكل عاشور محزونا يعزينا
هذا محبي وما في النار مزدجر= عن حب من حبه فرض المصلينا
سبط النبي وما كانت لوالده= كهذه وهو ثان بعد هادينا
سبط النبي وتكفي هذه شرفا= إذا تطلع ما فوق النبيينا
ابن الوصي وما كانت لوالده= أبو تحت ظل العفو تأوينا
ابن البتول وما كانت لوالده= أما إذا غضبت يغتاض بارينا
من حبها نبت الأيمان وأفترعت= شتيلة الدين اثني عشر نسرينا
أخو الزكي الذي تبدوا صحائفه= كأنها الذكر مصفوحا لتالينا
كأنما سيرة القرآن سيرته= تستوجب السمع لو تتلى لمصغينا
المجتبى سبق الأحسان فائضه= وجاوز البدر ليل النصف تحسينا
فهذه أسرة المظلوم فانطرحي= عن كعبه يا بني حواء تثمينا
سما فكان السهى نحل لأخمصه= ورأسه فوق كرسي العرش تزيينا
عليه إن سلمت في الأرض شيعته= ترد أهل السما عشرا بعشرينا
وكلما صلت الأملاك واحدة= عليه صلى إله العرش سبعينا
لكل حي يعي عشق لموقفه= كأنه الحب في كل المحبينا
بل مثل ماء السما والعشب أفئدة= تدعوه يابسة أبرق بوادينا
أثنت عليه من الأصلاب أنسجة= تمخضت بهم الأرحام مثنينا
لا ينبري الدهر إلا شاكرا يده= فقد أجل عطاه بالمضحينا
بالغامر البطل الجساس صعدته= صدر الذي اتخذ الأقدار تحصينا
يشيع الرمح للأحشاء متخذا= من لحمة القلب تغسيلا وتكفينا
أتى وقد شد كف الدهر قبضته= على الفرات فصار الشد تليينا
وقد تلاهب برد الماء من ضمئ= به فرواه إخلاص الموفينا
ما سائل يطلب القربان من يده= إلا بسيفه أعطاه القرابينا
كأنما الجود حد في مهنده= جائته يوم الوغى الهامات عافينا
فكان أسخى من السحب الثقال حيا= إذا اهتمى سيفه خوذ المبارينا
في ظلمة الجيش لا تعدوا صواعقه= وقع الصواعق في ليل المظلينا
سطى فما أرتد طرف الدهرعن بطل= بلا يدين يخط البين تبيينا
كأنه ملك للأمر ممتلك= مد الجناحين أم أرخاهما حينا
أو أحمد ليلة المعراج مكنه= من السماء براق النور تمكينا
أو ابن مريم مصلوبا على خشب= وهم يرائى وقد أعلاه بارينا
مذ خر يندب فيه الفضل عزته= إذ خلف الفضل بعد العز مسكينا
عباس ما كنت قبل اليوم مجترئا= بأن أصفك شبيه بالنبيينا
حتى وجدتك بالأعماق تهتف بي= أقدم فإني فتى خير الوصيينا
أنا كفيل بنات الوحي تعرفني= باب الحوائج بدر الهاشميينا
فكنت عندي مسيحا صادقا سمحا= وكنت حولك من بعض الحوارينا
عباس للمجد غايات بهامته= وكان يسعى لها سعي المجدينا
لكنه للحسين السبط ناولها= وقال عذرا إذا كنا مقلينا
خذها إليك أبا السجاد بعض فدا= يا من له قل إكثار المفدينا
ياليت لي ألف عمر مونق نظر= تذبله دونك أسياف المعادينا
هذا قليل وإن جائت لتكثره= مقاتل لبني الكرار تدمينا
مقاتل ضمنت من غصنه خضل= إذا تؤد يا سبحان منشينا
من فرط ما تغمر الأنوار وجنته= عن طلعة البدر في الليلاء يغنينا
إذا مشى الأكبر الوضاح خلت به= طه وفاطم والكرار ماشينا
كأنما قد رمته عين حاسدة= فخر للموت في أحضان واشينا
والسبط فرت من الأضلاع مهجته= تصله حينا وجفه أحايينا
على الذي مذ أتى للخدر يحمله= ظن الملائكة المحمول ياسينا
الله يا جلد المظلوم كم رقصت= بعرسه راقصات البين ناعينا
معرسا قد تولى الموت زفته= فكان فيها هناه والمهنينا
وقد تولت سيوف القوم حنته= فأوفت الكف والخدين تزيينا
وقد أنيب إلى الحوراء ملبسه= فألبسته برود السعد تكفينا
هذا الحسين عصي المدح دون شجى= فمدحه دون آل البيت يشجينا
وإن رثيناه عاصانا وقال لنا= أيرثى حي بأرواح الموالينا؟؟
حي ولكن تباريح مخلدة= لن يخب زند لظاها لحظة فينا
حي ولكن رزايا وقعها قطع= من الليالي بصبح السعد تعمينا
حي أرق من الألطاف يعبثه= لطف المهيمن ترحيما وتحنينا
حي معاهده في كل معظلة= كالسبزاوراي والخوئي تهدينا
والمرعشي والبهشتي ضمن كوكبة= عدوا كأنصار يوم الطف سبعينا
ومن نجيب بكلبيكان أهدى لنا= مهذبا قد سمى علما وعرنينا
والصدر منه وروح الله إذ بهما= جاء الشهيد من الفردوس يحمينا
أموات كنا نظن الدمع يرجعنا= إلى الحياة ولطم الخد ينجينا
فظل موكبنا يمشي بأغنية= ما هيجت طربا إلا مآقينا
زهاد كنا عن الأخرى زهادتنا= عباد كنا إلى الدنيا مصلينا
حتى أستخف بسحر الشاه دون عصى= أخو أبن عمران في قم خمينينا
ثعبانه سبحة تسعى على يده= فأبطلت سحر حكام فراعينا
إذا الجماهير تدعوا وهي ساجدة= ما غير رب لروح الله والينا
والصدر نادى من الوادي الذي ارتفعت= تخومه فوق أفضال الأراضينا
باسم الخميني يا أجراس حوزتنا= دقي بوجه طغاة البعث إسفينا
ولحني لي لحن الخلد منشنقا= لا أرتضي غير دين المصطفى دينا
لا يصرع الويل والتعذيب وقفتنا= هي الثبات ومعناه معانينا
نحن اللذين رمينا المعضلات بها= وبالزمان مع البلوى ترامينا
ترمي فنرمي بآمال مؤمنة= أن العواقب نصر في مرامينا
لأننا أمة في كل نائبة= من الحسين تعلمنا تفانينا
فمن ظماه ورض الخيل أضلعه= وحرقة السهم ألهمنا تأسينا