حلّت عليك عقود المزن يا حلل
علاء الدين الشفهيني
حلّت عليك عقود المزن يا حلل= وصافحتك أكفّ الطل يا طلل
وحاكت الورق في أعلا غصونك إذ= حاكت بك الودق جلباباً له مثل
يزهو على الربع من أنواره لمعٌ= ويشمل الربع من نوّاره حلل
وافترّ في ثغرك المأنوس مبتسماً= ثغر الأقاح وحيّاك الحيا الهطل
ولا انثنت فيك بانات اللوى طرباً= إلا وللورق في أوراقها زَجَل
وقارن اللسعد يا سعدى وما حجبت= عن الجآ ذر فيك الحجب والكلل
يروق طرفي بروق منك لامعة= تحت السحاب وجنح الليل منسدل
يذكى من الشوق في قلبي لهيب جوىً= كأنما لمعها في ناظري شعل
فإن تضوّع من أعلى رباك لنا= ريّاك والروض مطلول به خضل
فهو الدواء لا دواء مبرّحة= نعلّ منها إذا أودت بنا العلل
أقسمت يا وطني لم يهنني وطري= مذ بان عنّي منك البان والأثل
لي بالربوع فؤاد منك مرتبع= وفي الرواحل جسمٌ عنك مرتحل
لا تحسبنّ الليالي حدّثت خلدي= بحادث فهو عن ذكراك متشغل
لا كنت إن قادني عن قاطنيك هوى= أو مال بي كلل أو حال بي حول
أني ولي فيك بين السرب جارية= مقيدي في هواها الشكل والشكل
غراء ساحرة الألحاظ مانعة= الألفاظ مائسة في مشيها مَيَل
في قدّها هيفٌ في خصرها نحف= في خدها صلف في ردفها ثقل
يرنّح الدل عطفيها إذا خطرت= كما ترنّح سكراً شاربٌ ثَمل
تريك حول بياض حمرةً ذهبت= بنضرتي في الهوى خدّ لها صقل
ما خلت من قبل فتك من لواحظها= أن تقتل الأسد في غاباتها المقل
عهدي بها حين ريعان الشبيبة لم= يرعه شيب وعيشي ناعم خضل
وليل فودي ما لا ح الصباح به= والدار جامعة والشمل مشتمل
وربع لهوي مأنوس جوانبه= تروق فيه لي الغزلان والغزل
حتى إذا خالط السليل الصباح أو= ضحى الرأس وهو بشهب الشيب مشتعل
وخطّ وخطُ مشيبي في صحيفته= لي أحرفاً ليس معنى شكلها شكل
مالت الى الهجر من بعد الوصال و= عهد الغانيات كفيء الظل منتقل
من معشرٍ عدلوا عن عهد حيدرة= وقابلوه بعدوانٍ وما قبلوا
وبدّلوا قولهم يوم «الغدير» له= غدراً وما عدلوا في الحب بل عدلوا
حتّى إذا فيهم الهادي البشير قضى= وما تهيّا له لحدُ ولا غسل
مالوا إليه سراعاً والوصيّ برزء= المصطفى عنهم لاهٍ ومشتغل
وقلّدوها عتيقاً لا أباً لهم= أنّى تسود أسود الغابة الهمل
وخاطبوه أمير المؤمنين وقد= تيقّنوا أنّه في ذاك منتحل
وأجمعوا الأمر فيما بينهم وغوت= لهم أمانيهم والجهل والأمل
أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمة= فيا له حادث مستصعب جلل
بيت به خمسةٌ جبريل سادسهم= من غير ما سبب بالنار يُشتعل
واخرج المرتضى من عقر منزله= بين الأراذل محتفّ بهم وكل
يا للرجال لدين قلّ ناصره= ودولة ملكت أملاكها السفل
أضحى أجير ابن جدعان له خلفا= برتبة الوحي مقرون ومتّصل
فأين أخلاف تيم والخلافة والح= كم الربوبي لولا معشر جهلوا ؟
ولا فخار ولا زهد ولا روع= ولا وقار ولا علم ولا عمل
وقال : منها أقيلوني فلست إذاً= بخيركم وهو مسرور بها جذل
وفضّها وهو منها المستقبل على= الثاني ففي أي قول يصدق الرجل ؟
ثمّ اقتفتها عديّ من عداوتها= وافتضّ من فضلها العدوان والجدل
أضحى يسير بها عن قصد سيرتها= فلم يسدّ لها من حادث خلل
وأجمع الشور في الشورى فقلّدها= أمية وكذا الأحقاد تنتقل
تداولوها على ظلم وأرّثها= بعضٌ لبعض فبئس الحكم والدول
وصاحب الأمر والمنصوص فيه بإذ= ن الله عن حكمه ناءٍ ومعتزل
أخو الرسول وخير الأوصياء ومن= بزهده في البرايا يضرب المثل
وأقدم القوم في الإسلام سابقةً= والناس باللات والعزى لهم شغل
ورافع الحق بعد الخفض حين قنا= ة الدين واهية في نصبها مَيل
ألأروع الماجد المقدام إذ نكصوا= والليث ليث الشرى والفارس البطل
مَن لم يعش في غواة الجاهلين ذوي= غيّ ولا مقتدى آرائه هَبل
عافوه وهو أعف الناس دونهم= طفلاً وأعلى محلاً وهو مكتهل
وإنه لم يزل حلماً ومكرمةً= يقابل الذنب بالحسنى ويحتمل
حتّى قضى وهو مظلوم وقد ظلم= الحسين من بعده والظلم متصل
من بعد ما وعدوه النصر واختلفت= إليه بالكتب تسعى منهم الرسل
فليته كفّ كفّاً عن رعايتهم= يوماً ولا قرّبته منهم الابل
قوم بهم نافقٌ سوق النفاق ومن= طباعهم يستمد الغدر والدخل
تالله ما وصلوا يوماً قرابته= لكن إليه بما قد ساءه وصلوا
وحرّموا دونه ماء الفرات ولل= كلاب من سعةٍ في وردها علل
وبيتوه وقد ضاق الفسيح به= منهم على موعد من دونه العطل
حتى إذا الحرب فيهم من غد كشفت= عن ساقها وذكى من وقدها شعل
تبادرت فتية من دونه غرر= شمّ العرانين ما مالوا ولا نكلوا
كأنّما يجتنى حلواً لأنفسهم= دون المنون من العسّالة العسل
تسربلوا في متون السابقات دلا= ص السابغات وللخطيّة اعتقلوا
وطلّقوا دونه الدنيا الدنيّة و= ارتاحوا الى جنة الفردوس وارتحلوا
تراءت الحور في اعلا الجنان لهم= كشفاً فهان عليهم فيه ما بذلوا
سالت على البيض منهم أنفس طهرت= نفيسة فعلوا قدراً بما فعلوا
إن يقتلوا طالما في كلّ معركة= قد قاتلوا ولكم من مارق قتلوا ؟
لهفي لسبط رسول الله منفرداً= بين الطغاة وقد ضاقت به السبل
يلقى العداة بقلب لا يخامره= رهب ولا راعه جبن ولا فشل
كأنه كلما مرّ الجواد به= سيل تمكّن في أمواجه جبل
ألقى الحسام عليهم راكعاً فهوت= بالترب ساجدةً من وقعه التلل
قدّت نعالاته هاماتهم فبها= أخدى الجواد فأمسى وهو منتعل
وقد رواه حميد نجل مسلم ذو= القول الصدوق وصدق القول ممتثل
إذ قال : لم أر مكثوراً عشيرته= صرعى فمنعفرٌ منهم ومنجدل
يوماً بأربط جاشاً من حسين وقد= حفت به البيض واحتاطت به الاسل
كأنما قسورٌ ألقى على حُمرٍ= عطفاً فخامرها من بأسه ذَهل
أو أجدل مرّ في سرب فغادره= شطراً خموداً وشطرٌ خيفة وجل
حتّى إذا آن ما إن لا مردّ له= وحان عند انقضاء المدّة الأجل
أردوه كالطود عن ظهر الجواد= حميد الذكر ما راعه ذلّ ولا فشل
لهفي وقد راح ينعاه الجواد إلى= خبائه وبه من أسهم قَزل
لهفي لزينب تسعى نحوه ولها= قلب تزايد فيه الوجد والوجل
فمذ رأته سليباً للشمال على= معنى شمائله من نسجها سمل
هوت مقبّلة منه المحاسن وال= حسين عنها بكرب الموت مشتغل
تدافع الشمر عنه باليمين وبا= لشمال تستر وجهاً شأنه الخجل
تقول : يا شمر لا تعجل عليه ففي= قتل ابن فاطمة لا يُحمد العجل
أليس ذا ابن عليّ والبتول ومَن= بجدّه ختمت في الأمّة الرسل ؟
هذا الامام الذي ينمى إلى شرف= ذريّة لا يُداني مجدها زحل
إيّاك من زلّة تصلى بها أبدا= نار الجحيم وقد يردي الفتى الزلل
أبى الشقيّ لها إلا الخلاف وهل= يجدي عتاب لأهل الكفر إن عُذلوا ؟
ومرّ يحتز رأساً طال لرسول= الله مرتشفاً في ثغره قبل
حتى إذا عاينت منه الكريم على= لدن يميل به طوراً ويعتدل
ألقت لفرط الأسى منها البنانَ على= قلب تقلّب فيه الحزن والثكل
تقول : يا واحداً كنّا نؤمّله= دهراً فخاب رجانا فيه والأمل
ويا هلالاً علا في سعده شرفاً= وغاب في الترب عنّا وهو مكتمل
أخي لقد كنت شمساً يستضاء بها= فحلّ في وجهها من دوننا الطفل
وركن مجد تداعى من قواعده= والمجد منهدم البنيان منتقل
وطرف سبق يفوت الطرف سرعته= مذ أدرك المجد أمسى وهو معتقل
ما خلت من قبل ما أمسيت مرتهناً= بينُ اللئام وسدّت دونك السبل
أن يوغل البوم في البازي أن ظفرت= ظفراً ولا أسداً يغتاله حمل
كلا ولا خلت بحراً مات من ظمأ= ومنه ريّ إلى العافين متّصل
فليت عينك بعد الحجب تنظرنا= أسرى تجاذبنا الأشرار والسفل
يسيّرونا على الأقتاب عاريةً= وزاجر العيس لا رفق ولا مَهل
فليت لم تر كوفاناً ولا وخدت= بنا إلى ابن زياد الأنيق الذلل
إيهاً على حسرة في كلّ جانحة= ما عشت جايحة تعلولها شعل
أيقتل السبط ظمآناً ومن دمه= تروى الصوارم والخطيّه الذبل
ويسكن الترب لا غسل ولا كفنٌ= لكن له من نجيع النحر مغتسل
وتستباح بأرض الطف نسوته= ودون نسوة حرب تُضرب الكلل
بالله أقسم والهادي البشير وبيت= الله طاف به حافٍ ومنتعل
لولا الأولى نقضوا عهد الوصيّ وما= جاءت به قدماً في ظلمها الأول
لم يُغلِ قوماً على أبناء حيدرة= من الموارد ما تروى به الغلل
يا صاح طف بي إذا جئت الطفوف على= تلك المعالم والآثار يا رجل
وابك البدور التي في الترب آفلة= بعد الكمال تغشّى نورها الظلل
يا آل أحمد يا سفن النجاة ومن= عليهم بعد رب العرش أتكل
وحقكم ما بدا شهر المحرم لي= إلا ولي ناظر بالسهد مكتحل
ولا استهلّ بنا إلا استهل من= الأجفان لي مدمع في الخدّ منهمل
حزناً لكم ومواساة وليس لمملو= ك بدمع على ملاكة بُخل
فإن يكن فاتكم يصري فلي مدح= بمجدكم أبداً ما عشت تتّصل
عرائس حدت الحادون من طرب= بها تُعرس أحياناً وترتحل
فدونكم من (عليّ) عبد عبدكم= فريدة طاب منها المدح والغزل
رقّت فراقت معانيها الحسان فلا= يماثل الطول منها السبعة الطول
أعددتها جُنّة من حر نار لظى= أرجو بها جنة أنهارها عسل
صلى الإله عليكم ما شدت طرباً= ورقٌ على ورقٍ والليل منسدل