عسى موعد إن صح منك قبول
علاء الدين الشفهيني
عسى موعدٌ ان صحّ منك قبول= تؤديه ان عزّ الرسول قبول
فربّ صباً تهدي اليّ رسالة= لها منك إن عزّ الوصول وَصول
تطاول عمر العتب يا عتب بيننا= وليس إلى ما نرتجيه سبيل
أفي كل يوم للعتاب رسائل= مجدّدةٌ ما بيننا ورسول
رسائل عتب لا يُردّ جوابها= ونفث صدور في السطور يطول
يدلّ عليها من وسائل سائل= خضوعٌ ومن شكوى الفصال فصول
عسى مسمع يصغي الى قول مسمع= فيعطف قاس أو يرقّ ملول
وأعجب شيء أن أراك غريّةً= بهجري وللواشي عليّ قبول
سجيّة نفسي بالوعود مع القلا= وكل سخيٍّ بالوعود بخيل
عذرتك إن ميّلت أو ملت أنني= أخالك غصنا والغصون تميل
وما لظباء السرب خلقك إنّما= لخلقك منها في العدول عدول
وقد كنت أبكي والديار أنيسة= وما ظعنت للظاعنين قفول
فكيف وقد شطّ المزار وروّعت= فريق التداني فرقة ورحيل
إذا غبتم عن ربع حلّة بابل= فلا سحبت للحسب فيه ذيول
ولا ابتسمت للثغر فيه مباسمٌ= ولا ابتهجت للطل فيه طلول
ولا هبّ معتلّ النسيم ولا سرت= بليلٍ على تلك الربوع بليل
ولا صدرت عنها السوام ولا غدا= بها راتعاً بين الفصول فصيل
ولا برزت في حُلّة سندسيّة= لذات هدير في الغصون هديل
وما النفع فيها وهي غير أواهلٍ= ومعهدها ممن عهدت مَحيل
تنّكر منها عرفا فأهيلها= غريب وفيها الأجنبيّ أهيل
رعى الله أياماً بظلّ جنابها= ونحن بشرقيّ الأثيل نزول
ليالي لا عود الربيع يجفّه= ذبول ولا عود الربوع هزيل
بها كنت أصبو والصبا لي مسعدٌ= وصعب الهوى سهلٌ لديّ ذلول
وإذ نحن لا طَرف الوعود عن اللقا= بطيّ ولا طرف السعود كليل
نبيتُ ولا غير العفاف شعارنا= وللأمن من واش عليّ شمول
كروحين في جسم أقاما على الوفا= عفافاً وأبناء العفاف قليل
إلى أن تداعى بالفراق فريقكم= ولمّ بكم حادٍ وأمّ دليل
تقاضى الهوى منيّ فما لضلالة= مَقيلٌ ولا ممّا جناه مقيل
فحسبي إذا شطّت بكم غربة النوى= علاج نحولٍ لا يكاد يحول
أروم بمعتلّ الصبا برء علّتي= وأعجب ما يشفي العليل عليل
لعلّ الصبا إن شطت الدار أودنا= مثالكم أو عزّ منك مَثيل
أحيّ الحيا إن شطّ من صوب أرضكم= بناديه من لمع البروق زميل
تمرّ بنا بالليل وهناً بريّها= يُبلّ غليل أو يَبلّ عليل
سرى وبريق الثغر وهناً كأنّها= لديّ بريق الثغر منك بديل
وأنشأ شمال الغور لي منك نشوةً= عساه لمعتلّ الشمال شَمول
أمّتهم قلبي من البين سلوةً= ومتهمة في الركب ليس تؤل
أغرك إني ساتر عنك لوعةً= لها ألم بين الضلوع دخيل
فلا تحسبي إنّي تناسيت عهدكم= ولكنّ صيري يا أميم جميل
ثقي بخليلٍ لا يغادر خله= بغدر ولا يثنيه عنك عذول
جميل خلالٍ لا يراع خليله= إذا ربع في جنب الخليل خليل
خليق بأفعال الجميل خلاقه= وكلّ خليق بالجميل جميل
يزين مقال الصدق منه فعاله= وما كل قوّالٍ لديك فعول
غضيض إذا البيض الحسان تأوّدت= لهنّ قدود في الغلائل ميل
ففي الطرف دون القاصرات تقاصر= وفي الكفّ من طول المكارم طول
أما وعفاف لا يدنّشه الخنا= وسرّ عتاب لم يزله مزيل
لأنت لقلبي حيث كنت مسرّة= وأكرم مسؤول لديّ وسؤل
يقصر آمالي صدودك والقلى= وينشرها منك الرجا فتطول
وتعلق آمالي غروراً بقربكم= كما غرّ يوماً بالطفوف قتيل
قتيلٌ بكتك حزناً عليه سماؤها= وصبّ لها دمع عليه همول
وزلزلت الأرض البسيط لفقده= وريع له حزن بها وسهول
أأنسى حسيناً للسهام رميّةً= وخيل العدى بغياً عليه تجول ؟
أأنساه إذ ضاقت به الأرض مذهباً ؟= يشير إلى أنصاره ويقول
أعيذكم بالله أن تردوا الردى= ويطمع في نفس العزيز ذليل
ألا فأذهبوا فالليل قد مدّ سجفه= وقد وضحت للسالكين سبيل
فثاب إليه قائلاً كل أقيلٍ= نمته إلى أزكى الفروع أصول
يقولون والسمر اللدان شوارع= وللبيض من وقع الصفاح صليل
أنُسلم مولانا وحيداً إلى العدى= وتسلم فتيان لنا وكهول ؟
ونعدل خوف الموت عن منهج الهدى= وأين عن العدل الكريم عدول ؟
نودّ بأن نبلى وننشر للبلى= مراراً ولسنا عن علاك نحول
وثاروا لأخذ الثأر قدماً كأنهم= أسود لها بين العرين شبول
مغوير عرس عرسها يوم غارة= لها الخطّ في يوم الكريهة غيل
حماة إذا ما خيف للثغر جانب= كماة على قبّ الفحول فحول
ليوث لها في الدار عين وقايع= غيوث لها للسائلين سيول
أدلّتها في الليل أضواء نورها= وفي النقع أضواء السيوف دليل
يؤمّ بها قصد المغالب أغلب= فروسٌ لأشلاء الكماة أكول ؟
له الخط كوب والجماجم أكؤس= لديه وآذيّ الدماء شمول
يرى الموت لا يخشاه والنبل واقع= ولا يختشي وقع النبال نبيل
صؤول إذا كرّ الكميّ مناجز= بليغ إذا فاه البليغ قؤول
له من عليّ في الخطوب شجاعة= ومن أحمد عند الخطابة قيل
إذا شمخت في ذروة المجد هاشم= فعمّاه منها جعفر وعقيل
كفاه علوّاً في البرية أنّه= لأحمد والطهر البتول سليل
فما كل جدّ في الرجال محمد= ولا كل أمّ في النساء بتول
حسينٌ أخو المجد المنيف ومَن له= فخارُ إذا عد الفخار أثيل
أرى الموت عذباً في لهاك وصابه= لغيرك مكروه المذاق وبيل
فما مرّ ذو باس إلى مرّ باسه= على مهل إلا وأنت عجول
كأن الأعادي حين صلت مبارزاً= كثيب ذرته الريح وهو مهيل
وما نهل الخطيّ منك ولا الظبا= ولا علّ إلا وهو منك عليل
بنفسي وأهلي عافر الخط حوله= لدى الطف من آل الرسول قبيل
كأنّ حسيناً فيهم بدر هالة= كواكبها حول السماك حلول
قضى ظامياً والماء طامٍ تصدّه= شرار الورى عن ورده ونغول
وحزّ وريد السبط دون وروده= وغالته من أيدي الحوادث غول
وآب جواد السبط يهتف ناعياً= وقد ملأ البيداء منه صهيل
فلما سمعن الطاهرات نعيّه= لراكبه والسرج منه يميل
برزن سليبات الحليّ نوادياً= لهنّ على الندب الكريم عويل
بنفسي أخت السبط تعلن ندبها= على ندبها محزونةً وتقول
أخي يا هلالاً غاب بعد طلوعه= وحاق به عند الكمال أفول
أخي كنت شمساً يكسف الشمس نورها= ويخسأ عنها الطرف وهو كليل
وغصناً يروق الناظرين نضارةً= تغشّاه بعد الإخضرار ذبول
وربعاً يمير الوافدين ربيعه= تعاهده غبّ العهاد محول
وغصناً رماه الدهر في دار غربة= وفي غربه للمرهفات فلول
وضرغام غيلِ غيل من دون عرسه= ومخلبه ماضي الغرار صقيل
فلم أردون الخدر قبلك خادراً= له بين أشراك الضباع حصول
أصبت فلا ثوب المآثر صيّب= ولا فيظلال المكرمات مقيل
ولا الجود موجود ولا ذو حميّة= سواك فيحمي في حماه نزيل
ولا صافحت منك الصفاح محاسناً= ولا كاد حسن الحال منك يحول
ولا تربت منك الترائب في البلا= ولا غالها في القبر منك مغيل
لتنظرنا من بعد عزٍ ومنعة= تلوح علينا ذلّة وخمول
تعالج سلب الحلي عنّا علوجها= وتحكم فينا أعبدٌ ونغول
وتبتزّ أهل اللبس عنّا لباسنا= وتنزع أقراط لنا وحجول
ترى أوجهاً قد غاب عنها وجيهها= وأعوزها بعد الكفاة كفيل
سوافر بين السفر في مهمه الفلا= لنا كل يوم رحةٌ ونزول
تزيد خفوفاً يا بن امّ قلوبنا= إذا خفقت للظالمين طبول
فيا لك عيناً لا تجفّ دموعها= وناراً لها بين الضلوع دخيل
أيقتل ظمآنا حسين وجدّه= إلى الناس من رب العباد رسول
ويمنع شرب الماء والسرب آمن= على الشرب منها صادر ونهول
وآل رسول الله في دار غربة= واّل زياد في القصور نزول
وآل عليّ في القيود شواحب= إذا أنّ مأسور بكته ثكول
وآل أبي سفيان في عزّ دولة= تسير بهم تحت البنود خيول
مصاب أصيب الدين منه بفادح= تكاد له شمّ الجبال تزول
عليك ابن خير المرسلين تأسفى= وحزني وإن طال الزمان طويل
جللت فجلّ الرزؤ فيك على الورى= كذا كلّ رزء للجليل جليل
فليس بمجد فيك وجدي ولا البكا= مفيد ولا الصبر الجميل جميل
إذا خفّ حزن الثاكلات لسلوةٍ= فحزني على مرّ الدهور ثقيل
وان سأم الباكون فيك بكاءهم= ملالاً فإنّى للبكاء مّطيل
فما خفّ من حزني عليك تأسفى= ولا جفّ من دمعي عليك مسيل
وينكر دمعي فيك من بات قلبه= خلياً وما دمع الخليّ هطول
وما هي إلا فيك نفس نفيسة= يحللها حرّ الأسى فتسيل
تباين فيك القائلون فمعجب= كثيرٌ وذو حزن عليك قليل
فأجرُ بني الدنيا عليك لشأنهم= دنيّ وأجر المخلصين جزيل
فإن فاتني إدراك يومك سيدي= وأخرني عن نصر جيلك جيل
فلي فيك أبكار لوفق جناسها= أصول بها للشامتين نصول
لها رقّة المحزون فيك وخطبها= جسيم على أهل النفاق مهول
يهيم بها سر الوليّ مسرّة= وينصب منها ناصبٌ وجهول
لها في قلوب الملحدين عواسل= ووقع نصول ما لهنّ نصول
بها من «عليّ» في علاك مناقبٌ= يقوم عليها في الكتاب دليل
يتمّ عن الأعراف طيّب عرفها= فتعلقها للعاقلين عقول
إذا نطقت آي الكتاب بفضلكم= فماذا عسى فيما أقول أقول ؟
لساني على التقصير في شرح وصفكم= قصير وشرح الإعتذار طويل
عليكم سلام الله ما اتّضح الضحى= وما عاقبت شمس الأصيل أفول