نمّ العذار بعارضيه وسلسلا
علاء الدين الشفهيني
نمّ العذار بعارضيه وسلسلا= وتضمنت تلك المراشف سلسلا
قمر أباح دمي الحرام محلّلا= إذا مرّ يخطر في قباه محلّلا
رشأ تردّى بالجمال فلم يدع= لأخي الصبابة في هواء تجمّلا
كتب الجمال على صحيفة خدّه= بيراع معناه البهيج ومثّلا
فبدا بنوني حاجبيه معرّقاً= من فوق صادي مقلتيه وأقفلا
ثمّ استمدّ فمدّ أسفل صدغه= ألفاً ألفت به العذاب الأطولا
فاعجب له إذ همّ ينقط نقطةً= من فوق حاجبه فجاءت أسفلا
فتحقّقت في حاء حمرة خدّه= خالاً فعمّ هواه قلبي المبتلى
ولقد أرى قمر السماء إذا بدا= في عقرب المرّيخ حلّ مؤمّلا
وإذا بدا قمري وقارن عقربي= صدغيه حلّ به السعود فأكملا
أنابين طُرّته وسحر جفونه= رهن المنيّة إذ عليه توكلا
دبت لتحرس نور وجنة خدّه= عيني فقابلت العيون الغزلا
جاءت لتلقف سحرها فتلقفت= منّا القلوب وسحرها لن يبطلا
فاعجب لمشتركين في دم عاشق= حرم المنى ومحرّم ما حلّلا
جاءت وحين سعت لقلبي أو سعت= لسعاً وتلك نضت لقتلي منصلا
قابلته شاكي السلاح قد امتطى= في غرّة الأضحى أغرّ محجّلا
متردّياً خضر الملابس إذلها= باللؤلؤ الرطب المنضّد مجتلى
فنظرت بدراً فوق غصنٍ مائسٍ= خضر تعاوده الحيا فتكلّلا
وكأنّ صلت جبينه في شعره= كلئالي صفّت على بند الكلا
صبح على الجوزاء لاح لناظر= متبلّج فأزاح ليلاً أليلا
حتى إذا قصد الرميّة وانثنى= بسهامه خاطبته متمثّلا
لك ما ينوب عن السلاح بمثلها= يا من أصاب من المحب المقتلا
يكفيك طرقك نابلاً ، والقدّ= خطّاراً ، وحاجبك المعرّق عيطلا
عاتبته فشكوت مجمل صدّه= لفظاً أتى لطفاً فكان مفصّلا
وأبان تبيان الوسيلة مدمعي= فأعجب لذي نطقٍ تحمّل مهملا
فتضرّجت وجناته مستعذباً= عتبي ويعذب للمعاتب ما حلا
وافترّ عن ورد وأصبح عن ضحى= من لي بلثم المجتنى والمجتلى ؟
مَن لي بغصن نقاً تبدّى فوقه= قمرٌ تغشى جنح ليل فانجلى ؟
حلو الشمائل لا يزيد على الرضا= إلا عليّ قساوة وتدلّلا
بخلت به صيد الملوك فأصبحت= شرفاً له هام المجرّة منزلا
فالحكم منسوب إلى آبائه= عدلاً وبي في حكمه لن يعدلا
أدنو فيصرف معرضاً متدلّلاً= عني فاخضع طائعاً متذلّلاً
أبكي فيبسم ضاحكاً ويقول لي:= لا غرو إن شاهدت وجهي مقبلا
أنا روضةٌ والروض يبسم نوره= بشراّ إذا دمع السحاب تهلّلا
وكذاك لا عجب خضوعك طالما= أسد العرين تقاد في أسر الطلا(1)
قسماً بفاء فتور جيم جفونه= لا خالفن على هواه العذّلا
ولأوقفن على الهوى نفساً علت= فغلت ويرخص في المحبة ما غلا
ولأحسنن وإن أسا ، وألين طو= عاً إن قسا ، وأزيد حباً إن قلا
لا نلت ممّا أرتجيه مآربي= إن كان قلبي من محبّته سلا
إن كنت أهواه لفاحشة فلا= بوّءت في دار المقامة منزلا
يا حبّذا متحاببين تواصلا= دهراً وما اعتلقا بفحش أذيلا
لا شيء أجمل من عفاف زانه= ورع ، ومن لبس العفاف تجمّلا
طبعت سرائرنا على التقوى ومن= طبعت سريرته على التقوى علا
أهواه لا لخيانة حاشى لمن= أنهى الكتاب تلاوة أن يجهلا
لي فيه مزدجر بما أخلصته= في المصطفى وأخيه من عقد الولا
فهما لعمرك علّة الأشياء في= العلل الحقيقة إن عرفت الأمثلا
ألأوّلان الآخران الباطنان= الظاهران الشاكران لذي العلا
الزاهدان العابدان الراكعان= الساجدان الشاهدان على الملا
خلقاً وما خلق الوجود كلاهما= نوران من نور العليّ تفصلا
في علمه المخزون مجتمعان لن= يتفرّقا أبداً ولن يتحوّلا
فاسأل عن النور الذي تجدّنه= في النور مسطوراً وسائل من تلا
واسأل عن الكلمات لمّا أنها= حقاً تلقى آدم فتقبلا
ثمّ اجتباه فأودعا في صلبه= شرفاً له وتكرّماً وتبجّلا
وتقلّباً في الساجدين وأودعا= في أطهر الأرحام ثم تنقلا
حتى استقرّ النور نوراً واحدا= في شيبة الحمد بن هاشم يُجتلى
قسماً لحكم إرتضاه فكان ذا= نعم الوصي وذاك أشرف مرسلا
فعليّ نفس محمد ووصيّه= وأمينه وسواه مأمون فلا
وشقيق نبعته وخير من اقتفى= منهاجه وبه اقتدى وله تلا
مولى به قبل المهيمن آدماً= لمّا دعا وبه توسّل أوّلا
وبه استقرّ الفلك في طوفانه= لمّا دعا نوح به وتوسلا
وبه خبت نار الخليل وأصبحت= برداً وقد أذكت حريقاً مشعلا
وبه دعا يعقوب حين أصابه= من فقد يوسف ما شجاه وأثقلا
وبه دعا الصديق يوسف إذ هوى= في جُبّه وأقام أسفل أسفلا
وبه أماط الله ضرّ نبيّه= أيّوب وهو المستكين المبتلا
وبه دعا عيسى فاحيى ميّتاً= من قبره وأهال عنه الجندلا
وبه دعا موسى فأوضحت العصا= طرقاً ولجّة بحرها طام ملا
وبه دعا داود حين غشاهم= جالوت مقتحماً يقود الجحفلا
ألقاه دامغه فأردى شلوه= ملقى وولّى جمعه متجفّلا
وبه دعا لمّا عليه تسوّر= الخصمان محراب الصلاة وأدخلا
فقضى على إحديهما بالظلم في= حكم النعاج وكان حكماً فيصلا
فتجاوز الرحمن عنه تكرّماً= وبه ألان له الحديد وسهّلا
وبه سليمان دعا فتسخّرت= ريح الرخاء لأجله ولها علا
وله استقرّ الملك حين دعا به= عمر الحياة فعاش فيه مخوّلا
وبه توسّل آصف لمّا دعا= بسرير بلقيس فجاء معجّلا
ألعالم العلم الرضي المرتضى= نور الهدى سيف العلاء أخ العلا
مَن عنده علم الكتاب وحكمه= وله تأوّل متقناً ومحصّلا
وإذا علت شرفاً ومجداً هاشم= كان الوصي بها المعّم المخولا
لا جده يتم بن مرة لا ولا= أبواه من نسل النفيل تنقّلا
ومكسّر الأصنام لم يسجد لها= متعفراً فوق الثرى متذلّلا
لكن له سجدت مخافة بأسه= لمّا على كتف النبي عُلاً على
تلك الفضيلة لم يفز شرفاً بها= إلا الخليل أبوه في عصر خلا
إذ كسّر الأصنام حين خلا بها= سراً وولى خائفاً مستعجلا
فتميّز الفعلين بينهما وقس= تجد الوصيّ بها الشجاع الأفضلا
وانظر ترى أزكى البريّة مولداً= في الفعل متبعاً أباه الأوّلا
وهو القؤل وقوله الصدق الذي= لا ريب فيه لمن دعى وتأملا
والله لو أن الوسادة ثنّيت= لي في الذي حظر العليّ وحلّلا
لحكمت في قوم الكليم بمقتضى= توراتهم حكماً بليغاً فيصلا
وحكمت في قوم المسيح بمقتضى= إنجيلهم وأقمت منه الأميلا
وحكمت بين المسلمين بمقتضى= فرقانهم حكماً بليغاً فيصلا
حتى تقر الكتب ناطقةً لقد= صدق الأمين (عليّ) فيما علّلا
فاستخبروني عن قرون قد خلت= من قبل آدم في زمان قد خلا
فلقد أحطت بعلمها الماضي وما= منها تأخّر آتياً مستقبلا
وانظر الى نهج البلاغة هل ترى= لأولي البلاغة منه أبلغ مقولا
حِكمٌ تأخرت الأواخر دونها= خرساً وأفحمت البليغ المقولا
خسأت ذوو الآراء عنه فلن ترى= من فوقه إلا الكتاب المنزلا
وله القضايا والحكومات التي= وضحت لديه فحلّ منها المشكلا
وبيوم بعث الطائر المشويّ إذ= وافى النبي فكان أطيب مأكلا
إذ قال أحمد : آتني بأحبّ مَن= تهوى ومَن أهواه يا رب العلى
هذا روى أنس بن مالك لم يكن= ما قد رواه مصحفّاً ومبدّلا
وشهادة الخصم الألدّ فضيلة= للخصم فاتبع الطريق الأسهلا
وكسدّ أبواب الصحابة غيره= لمميّز عرف الهدى متوصّلا
إذ قال قائلهم : نبيّكم غوى= في زوج ابنته ويعذر أن غلا
تالله ما أوحى إليه وإنما= شرفاً حباه على الانام وفضّلا
حتّى هوى النجم المبين مكذّباً= من كان في حق النبي تقولا
أبداره حتى الصباح أقام ؟ أم= في دار حيدرة هوى وتنزلا ؟
هذي المناقب ما أحاط بمثلها= أحد سواه فترتضيه مفضّلا
يا ليت شعري ما فضيلة مدّع= حكم الخلافة ما تقدم أولا
أبعزله عند الصلاة مؤخّرا ؟= ولو ارتضاه نبيّه لن يعزلا
أم ردّه في يوم بعث براءةٍ= من بعد قطع مسافة متعجّلا ؟
إن كان أوحى الله جلّ جلاله= لنبيه وحياً أتاه منزّلا
أن لا يؤدّيها سواك فترتضي= رجلاً كريماً منك خيراً مفضلا
أفهل مضى قصداً بهامتوجّهاً= إلا عليّ ؟ يا خليلي اسألا
أم يوم خيبر إذ براية أحمد= ولّى لعمرك خائفاً متوجّلا ؟
ومضى بها الثاني فآب يجرّها= حذر المنية هارباً ومهرولا
من كان أوردها الحتوف سوى أبي= حسن وقام بها المقام المهولا ؟
وأباد مرحبهم ومدّ يمينه= قلع الرتاج وحصن خيبر زلزلا
يا علّة الأشياء والسبب الذي= معنى دقيق صفاته لم يعقلا
إلا لمن كشف الغطاء له ومن= شق الحجاب مجرّداً وتوصلا
يكفيك فخراً أن دين محمد= لولا كمالك نقصه لن يكملا
وفرايض الصلوات لولا أنّها= قرنت بذكرك فرضها لن يقبلا
يا من إذا عدّت مناقب غيره= رجحت مناقبه وكان الأفضلا
إني لأعذر حاسديك على الذي= أولاك ربّك ذو الجلال وفضّلا
إن يحدوك على علاك فإنما= متسافل الدرجات يحسد من علا
إحياؤك الموتى ونطقك مخبراً= بالغائبات عذرتُ فيك لمن غلا
وبردّك الشمس المنيرة بعدما= أفلت وقد شهدت برجعتها الملا
ونفوذ أمرك في الفرات وقد طما= مدّاً فأصبح ماؤه متسلسلا
وبليلة نحو المداين قاصداً= فيها لسلمان بعثت مغسّلا
وقضيّة الثعبان حين أتاك في= ايضاح كشف قضيّة لمن تعقلا
فحللت مشكلها فآب لعلمه= فرحاً وقد فصّلت فيها المجملا
والليث يوم أتاك حين دعوتَ في= عسر المخاض لعرسه فتسهلا
وعلوت من فوق البساط مخاطباً= أهل الرقيم فخاطبوك معجّلا
أمخاطب الأذياب في فلواتها= ومكلم الأموات في رمس البلى
ياليت في الأحياء شخصك حاضرٌ= وحسين مطروح بعرصة كربلا
عريان يكسوه الصعيد ملابساً= أفديه مسلوب اللباس مسربلا
متوسداً حر الصخور معفّراً= بدمائه ترب الجبين مرمّلا
ظمآن مجروح الجوارح لم يجد= مما سوى دمه المبدّد منهلا
ولصدره تطأ الخيول وطالما= بسريره جبريل كان موكّلا
عقرت أما علمت لأيّ معظّم= وطأت وصدرٍ غادرته مفصّلا ؟
ولثغره يعلو القضيب وطالما= شرفاً له كان النبي مقبّلا
وبنوه في أسر الطغاة صوارخ= ولهاء معولة تجاوب معولا
ونساؤه من حوله يندبنه= بأبي النساء النادبات الثكّلا
يندبن أكرم سيد من سادة= هجروا القصور وآنسوا وحش الفلا
بأبي بدوراً في المدينة طلّعاً= أمست بأرض الغاضرية افّلا
آساد حرب لا يمسّ عفاتها= ضُرّ الطوى ونزيلها لن يخذلا
من تلق منهم تلق غيثاً مسبلاً= كرماً وأن قابلت ليثاً مشبلا
نزحت بهم عن عقرهم أيدي العدا= بأبي الغريق الظاعن المترحّلا
ساروا حثيثاً والمنايا حولهم= تسري فلن يجدون عنها معزلا
ضاقت بهم أوطانهم فتبيّنوا= شاطي الفرات عن المواطن مُوئلا
ظفرت بهم أيدي البغاة فلم أخل= وأبيك تقتنص البغاث الأجدلا
منعوهم ماء الفرات ودونه= بسيوفهم دمهم يراق مُحلّلا
هجرت روسهم الجسوم فواصلت= زرق الأسنة والوشيج الذبّلا
يبكي أسيرهم لفقد قتيلهم= أسفاً وكل في الحقيقة مبتلى
هذا يميل على اليمين معفّراً= بدم الوريد وذا يساق مغللا
ومن العجائب أن تقاد اسودها= أسراً وتفترس الكلاب الأشبلا
لهفي لزين العابدين يقاد في= ثقل الحديد مقيّداً ومكبّلا
متقلقلاً في قيده متثقّلا= متوجعاً لمصابه متوجّلا
أفدي الأسر وليت خدي موطناً= كانت له بين المحامل محملا
أقسمت بالرحمن حلفة صادق= لولا الفراعنة الطواغيت الاولى
ما بات قلب محمد في سبطه= قلقاً ولا قلب الوصي مقلقلا
خانوا مواثيق النبي وأجبّجوا= نيران حرب حرّها لن يصطلى
يا صاحبا لأعراف يعرض كل مخ= لوق عليه محقّقاً أو مبطلا
يا صاحب الحوض المباح لحزبه= حلّ ويمنعه العصاة الضلّلا
يا خير منلبّى وطاف ومن سعى= ودعا وصلّى راكعاً وتنفّلا
ظفرت يدي منكم بقسمٍ وافرٍ= سبحان من وهب العطاء وأجزلا
شغلت بنو الدنيا بمدح ملوكهم= وأنا الذي بسواكم لن اشغلا
وتردّدوا لوفادة لكنهم= ردّوا وقد كسبوا على القيل القلا
ومنحتكم مدحي فرحب خزانتي= بنفايس الحسنات مفعمة ملا
وأنا الغني بكم ولا فقر ومن= ملك الغنا لسواكم لي يسألا
مولاي دونك من «علي» مدحة= عربية الألفاظ صادقة الولا
ليس النضار نظيرها لكنّها= درّ تكامل نظمه فتفصّلا
فاستجلها منّي عروساً غادةً= بكراً لغيرك حسنها لن يجتلى
فصداقها منك القبول فكن لها= يا بن المكارم سامعاً متقبّلاً
وعليكم مني التحيّة ما دعا= داعي الفلاح إلى الصلاة مهلّلا
صلى عليك الله ماسحّ الحيا= وتبسّمت لبكائه ثغر الكلا