أبرق تراءى عن يمين ثغورها
علاء الدين الشفهيني
أبرق تراءى عن يمين ثغورها= أم ابتسمت عن لؤلؤ من ثغورها
ومرّت بليل في بَليل عراصها= بنا نسمةٌ أم نفحة من عبيرها
وطلعة بدرٍ أم تراءت عن اللوى= لعينيك ليلى من خلال ستورها
نعم هذه ليلى وهاتيك دارها= بسقط اللوى يغشاك لئلاء نورها
سلام على الدار التي طالما غدت= جلاءاً لعيني درّة من درورها
وما عطفت بالصب ميلاً إلى الصبا= بها شغفاً إلا بدور بدورها
قضيت بها عصر الشباب بريئة= من الريب ذاتى مع ذوات خدورها
أتم جمالاً من جميل وسودداً= وأكثر كسباً للعلى من كثيرها
وبتُّ بريئاً من دنوّ دناءة= أعاتب من محظورها وخطيرها
لعلمي بأنّي في المعاد مناقش= حساباً على قطميرها ونقيرها
وما كنت من يسخو بنفس نفيسة= فأرخص بذلاً سعرها بسعيرها
وأجمل ما يعزى الى المجد عزوة= غداً سفراً بالبشر وجه بشيرها
أعذرٌ لمبيض العذار إذا صبا ؟= وأكبر مقتاً صبوة من كبيرها
كفى بنذير الشيب نهياً لذي النهى= وتبصرةً فيها هدى لبصيرها
وما شبت إلا من وقوع شوائب= لأصغرها يبيض رأس صغيرها
ولولا مصاب السبط بالطف ما بدا= بليل عذاري السبط وخط قتيرها
رمته بحرب آل حرب وأقبلت= إليه نفورا في عداد نفورها
تقود اليه القود في كل جحفل= إلى غارة معتدّة من مغيرها
وما عدلت في الحكم بل عدلت به= وقايع صفين وليل هريرها
وعاضدها في غيّها شرّ أمّة= على الكفر لم تسعد برأي مشيرها
خلاف سطور في طروس تطلّعت= طلايع غدر في خلال سطورها
فحين أتاها واثق القلب أصبحت= نواظرها مزوّرة غبّ زورها
فما أوسعت في الدين خرقاً ولا سعت= إلى جورها إلا لترك أجورها
بنفسي إذ وافى عصاة عصابة= غرار الضبا مشحوذة من غرورها
قؤولاً لأنصارٍ لديه وأسرةٍ= لذي العرش سرّ مودع في صدورها
أعيذكم أن تطعموا الموت فاذهبوا= بمغفرة مرضيّة من غفورها
فاجمل في رد الندا كلّ ذي ندى= ينافس عن نفس بما في ضميرها
أعن فرق نبغي الفراق وتصطلي= وحيداً بلا عون شرار شرورها ؟
وما العذر في اليوم العصيب لعصبة= وقد خفرت يوماً ذمام خفيرها ؟
وهل سكنت روح الى روح جنّة= وقد خالفت في الدين أمر أميرها ؟
أبى الله إلا أن تراق دماؤنا= وتصبح نهباً في أكف نسورها
وثابوا الى كسب الثواب كأنهم= أسود اثرى في كرّها ورئيرها
تهشّ إلى الاقدام علماً بأنها= تحل محل القدس عند مصيرها
قضت فقضت في جنة الخلد سؤلها= وسادت على أحبارها بحبورها
وهان عليها الصعب حين تأملت= إلى قاصرات الطرف بين قصورها
وما أنس لا أنسى (الحسين) مجاهدا= بنفسٍ خلت من خلّها وعشيرها
يصول إذا زرق النصول تأوّهت= لنزع قني أعجمت من صريرها
ترى الخيل في أقدامها منه ما ترى= محاذرة إن أمّها من هصورها
فتصرف عن بأس مخافة بأسه= كما جفلت كدر القطا من صقورها
يفلّق هاماة الكماة حسامه= له بدلاً من جفنها وجفيرها
فلا فرقه إلا وأوسع سيفه= بها فرقاٍ أو فرقة من نفورها
أجدّك هل سمر العواسل تجتنى= لكم عسلاً مستعذباً من مريرها ؟
أم استنكرت انس الحياة نفاسة= نفوسكم فاستبدلت أنس حورها ؟
بنفسي مجروح الجوارح آيساً= من النصر خلواً ظهره من ظهيرها
بنفسي محزوز الوريد معفّراً= على ظمأ من فوق حرّ صخورها
يتوق إلى ماء الفرات ودونه= حدود شفار أحدقت بشفيرها
قضى ظامياً والماء يلمع طاميا= وغودر مقتولاً دوين غديرها
هلال دُجاً أمسى بحدّ غروبها= غروباً على قيعانها ووعورها
فيا لك مقتولاً علت بهجة العلى= به ظلمة من بعد ضوء سفورها
وقارن قرن الشمس كسف ولم تعد= نظارتها حزناً لفقد نظيرها
وأعلنت الأملاك نوحاً وأعولت= له الجن في غيطانها وحفيرها
وكادت تمور الأرض من فرط حسرة= على السبط لولا رحمة من مُميرها
ومرت عليهم زعزع لتذيقهم= مرير عذاب مهلك بمريرها
أسفت وقد آبو نجيّاً ولم ترح= لهم دابر مقطوعة بدبورها
واعجب إذ شالت كريم كريمها= لتكبيرها في قتلها لكبيرها
فيا لك عيناً لا تجفّ دموعها= وناراً يذيب القلب حرّ زفيرها
على مثل هذا الرزؤ يستحسن البكا= وتقلع منّا أنفس عن سرورها
أيقتل خير الخلق أمّاً ووالدا= وأكرم خلق الله وابن نذيرها ؟
ويمنع من ماء الفرات وتغتدي= وحوش الفلا ريّانةً من نميرها ؟
أجلّ (حسيناً) أن يمثل شخصه= بمثلة قتل كان غير جديرها
يدير على رأس السنان برأسه= سنان ألا شلّت يمين مديرها
ويؤتى بزين العابدين مكبلاً= أسيراً ألا روحي الفدا لأسيرها
يقاد ذليلاً في القيود ممثّلا= لأكفر خلق الله وابن كفورها
ويمسى يزيد رافلاً في حريره= ويمسي حسينُ عارياً في حرورها
ودار بنى صخر بن حرب أنيسة= بنشد أغانيها وسكب خمورها
تظلّ على صوت البغايا بغاتها= بها زمر تلهو بلحن زمورها
ودار عليّ والبتول واحمد= وشبّرها مولى الورى وشبيرها
معالمها تبكي على علمائها= وزائرها يبكي لفقد مزورها
منازل وحي أقفرت فصدورها= بوحشتها تبكي لفقد صدورها
تظل صياماً أهلها ففطورها= التلاوة والتسبيح فضل سحورها
إذا جنّ ليل زان فيه صلاتهم= صلات فلا يحصى عداد يسيرها
وطول على طول الصلاة ومن غدا= مقيماً على تقصيره في قصيرها
قفا نسأل الدار التي درس البلى= معالمها من بعد درس زبورها
متى أفلت عنها شموس نهارها= وأظلم ظلماً أفقها من بدورها
بدور بأرض الطف طاف بها الردى= فأهبطها من جوّها في قبورها
كواسر عقبان عليها تعاقبت= بغاث بغات إذ نأت عن وكورها
قضت عطشاً والماء طام فلم تجد= لها منهلاً إلا دماء نحورها
عراة عراها وحشة فأذاقها= وقد رميت بالهجر حرّ هجيرها
ينوح عليها الوحش من طول وحشة= وتندبها الأصداء عند بكورها
سيسأل تيم عنهم وعدّيها= أوائلها ما أكّدت لأخيرها
ويسأل عن ظلم الوصي وآله= مشير غواة القوم من مستشيرها
وما جر يوم الطف جور أمية= على السبط إلا جرأة ابن أجيرها
تقمصها ظلماً فأعقب ظلمه= تعقب ظلم في قلوب حميرها
فيا يوم عاشوراء حسبك إنك= المشوم وإن طال المدى من دهورها
لأنت وإن عظمت أعظم فجعة= وأشهر عندي بدعة من شهورها
فما محن الدنيا وإن جلّ خطبها= تشاكل من بلواك عشر عشيرها
بني الوحي هل من بعد خبرة ذي العلى= بمدحكم من مدحةٍ لخبيرها
كفى ما أتى في (هل أتى) من مديحكم= وأعرافها للعارفين وطورها)
إذا رمت أن أجلو جمال جميلكم= وهل حصر ينهى صفات حصورها
تضيق بكم ذرعاً بحور عروضها= ويحسدكم شحّاً عريض بحورها
منحتكم شكراً وليس بضايع= بضائع مدحٍ منحة من شكورها
أقيلوا عثاري يوم لا فيه عثرة= تقال إذا لم تشعفوا لعثورها
فلي سيئات بتُّ من خوف نشرها= على وجل أخشى عقاب نشورها
فما مالك يوم المعاد بمالكي= إذا كنتم لي جنّة من سعيرها
وإني لمشتاق إلى نور بهجة= سنا فجرها يجلو ظلام فجورها
ظهور أخي عدل له الشمس آية= من الغرب تبدو معجزاً في ظهورها
متى يجمع الله الشتات وتجبر= القلوب التي لا جابر لكسيرها ؟
متى يظهر المهديّ من آل هاشم= على سيرة لم يبق غير يسيرها ؟
متى تقدم الرايات من أرض مكّة= ويضحكني بشراً قدوم بشيرها ؟
وتنظر عيني بهجةً علوية= ويسعد يوماً ناظري من نضيرها
وتهبط أملاك السماء كتائباً= لنصرته عن قدرة من قديرها
وفتيان صدقٍ من لوي بن غالب= تسير المنايا رهبة لمسيرها
تخا لهم فوق الخيول أهلّة= ظهرن من الأفلاك أعلا ظهورها
هنالك تعلو همّة طال همها= لإدراك ثارٍ سالفٍ من مثيرها
وإن حان حيني قبل ذاك ولم يكن= لنفس (عليّ) نصرة من نصيرها
قضى صابراً حتّى انقضاء مراده= وليس يضيع الله أجر صورها