لفرات الأسدي
مشيئة الدم
عليه اُغمضُ روحي حلمَه العجبا ! = فكيف فرَّ إلى عينيَّ مُنسربا
ومن أضاءَ له حُزني فغادره = إلى فضاء قصيّ اللمح فاقتربا !
حتى تسلّل من حُبٍّ ومن وجعٍ = دمعاً يُطهّر نبعَ القلب لا الهدبا
رأيتُ فيما رأيتُ الدهشة انكسرت = وخضّبت جسداً للمستحيل كبا
وكان يَلقى سيوفَ الليل منصلتاً = ويستفزُّ مُدىً مجنونة وظبى
وكان يعبر في أشفارها فزعاً = مُرّاً ، وترتدُّ عن أوداجه رُعبا !
تمتد لهفتها حيرى فيُسلمُها = إلى ضلوع تشظّت تحتها نهبا
مَنْ ينحرِ الماء مَنْ يخنقْ شواطئه ؟ = والنهر مدَّ يديه نحوه… وأبى !
فناولني دمه ياليلة عبرت = إلى النزيف جريح الخطو منسكبا
يا نافراً مثل وجه الحلم رُدَّ دمي = إلى هواك… دمي الممهور ما اغتربا
يطلُّ ظلُّك فيه… بوحَ اُغنيةٍ = ظمآنةٍ عبَّ منها لحنُها اللهبا
رأيتُ فيما رأيتُ الليلَ متّشحاً = عباءةَ الشمس مختالاً بها طربا
وفوق أكتافه فجرُ النعوش هوت = نجومُه…والمدى يرتجُّ منتحبا
قبل الحرائق كان الورد يُشبههُ = وبعده لرماد الريح صار سبا
قبل الفجيعة من لون الفرات له = شكلٌ ، ومن طينه وجهٌ يفيض صبا
وبعدها سقطت في النار خضرته = وحال عن بهجة مسحورة ، حطبا
وما تألّق من جمرٍ فبسمتهُ = غارت ، وتحت رمادٍ باردٍ شحبا !
وأنت ، دون عزيف الموت ، صرختنا = وأنت.. تنفخ فيها صوتها.. نسبا
وأنت عندك مجدُ الله… آيتهُ = بيارقاً نسلت… جرارةً حقبا
وأنت تلوي عنان الأرض ثمّ إلى = أقدارها تطلق الأقدار والشُهبا
وعند جرحك مات الموت وانبجست = من الصهيل خيولٌ تنهب الصخبا
فاحملْ دمَ الكوكب الغضّ الذبيح وسر = إلى الخلود فقد أرهقتَه نصَبا
وقف…فحيث مدار الكون صرت له = مشيئةً تكتب التاريخ ، أو قطبا