فدونكم آل النبي فرائدا
الشيخ جعفر الخطي البحراني
معاهدهم بالابرقين هوامدُ= رزقن عهاد المزن تلك المعاهد
ولولا احمرار الدمع لانبعثت بها= سحائب دمع بالحنين رواعد
وقفت بها والوحش حولي كأنني= بهنّ مليك حوله الجند حاشد
أسرّح في اكنافها الطرف لا أرى= سوى أشعث شجته أمس الولائد
وإلا ثلاثاً كالحمايم جثماً= ونؤباً عفته الذاميات العوائد
وأسألها عن أهلها وهي لم تحر= جواباً وهل يستنطق العجم ناشد
لك الخير لا تذهب بحلمك دمنة= محاها البلى واستوطنتها الأوابد
فما هي ان خاطبتها بمجيبة= وان جاوبت لم يشف ما أنت واجد
ولكن هلم الخطب في رزء سيدٍ= قضى ظمأ والماء جار وراكد
كأني به في ثلّة من رجاله= كما حفّ بالليث الأسود اللوابد
يخوض بهم بحر الوغى وكأنه= لواردهم عذب المجاجة بارد
اذا اعتقلوا سمر الرماح وجرّدوا= سيوفاً أعارتها البطون الاساود
فليس لها إلا الصدور مراكزاً= وليس لها إلا الرؤس مغامد
يلاقون شدّات الكماة بأنفس= إذا غضبت هانت عليها الشدائد
إلى أن ثووا في الأرض صرعى كأنهم= نخيل أمالتهن أيدٍ عواضد
أولئك أرباب الحفاظ سمت بهم= الى الغاية القصوى النفوس المواجد
ولم يبق إلا واحد الناس واحداً= يكابد من أعدائه ما يكابد
يكرّ فينثالون عنه كأنهم= مهىً خلفهنّ الضاريات شوارد
يحامي وراء الطاهرات مجاهداً= بأهلي وبي ذاك المحامي المجاهد
فما الليث ذو الاشبال هيج على طوى= بأشجع منه حين قلّ المساعد
ولا سمعت أذني ولا أذن سامع= بأثبت منه في اللقا وهو واحد
إلى أن أسال الطعن والضرب نفسه= فخرّ كما أهوى إلى الأرض ساجد
فلهفي له والخيل منهن صادرٌ= خضيب الحوامي من دماه ووارد
فأيّ فتى ظلّت خيول أمية= تعادى على جثمانه وتطارد
وأعظم شيء أنّ شمراً له على= جناجن صدر ابن النبي مقاعد
فشلّت يداه حين يفري بسيفه= مقلّد من تلقى إليه المقالد
وان قتيلا أحرز الشمر شلوه= لأكرم مفقود يبكّيه فاقد
لقى بمحاني الطف شلواً ورأسه= ينوء به لدن من الخطّ وارد
ولهفي على أنصاره وحماتِه= وهم لسراحين الفلاة موائد
مضمخة أجسادهم فكأنما= عليهنّ من حمر الدماء مجاسد
تضيء به أكناف عرضة كربلا= وتظلم منه أربع ومشاهد
فيا كربلا طلتِ السماء وربما= تناول عفواً حظ ذي السعي قاعد
لأنت وإن كنت الوضيعة نلتٍ من= جواره ما لم تنله الفراقد
سررتِ بهم إذ آنسوك وساءني= محاريب منهم أوحشت ومساجد
بذا قضت الأيام ما بين أهلها= مصائب قوم عند قوم فوائد
ليهنك أن أمسى ثراك بطيبه= تعطر منه في الجنان الخرائد
وان أنس لا أنسى النساء كأنها= قطاً ريع عن أوكاره وهو هاجد
سوافر بعد الصون ما لوجوهها= براقع إلا أذرع وسواعد
إذا هنهّ سلّبن القلائد جددت= من الضرب في أعناقهن قلائد
وتلوى على أعضادهن معاضدٌ= من الضرب إذ تبتزّ منها المعاضد
نوادب لو أن الجبال سمعنها= تداعت أعاليهن فهي سواجد
إذا هنّ أبصرن الجسوم كأنها= نجوم على ظهر الفلاة رواكد
وشمن رؤوساً كالبدور تقلّبها= رماح كأشطان الركي موائد
تداعين يلطمن الخدود بعولةٍ= تصدع منها القاسيات الجلامد
ويخمشن بالأيدي الوجوه كأنها= دنانير أبلاهنّ بالحك ناقد
وظلن يرددن المناح كأنما= تعلم منهن الحمام الفواقد
فما الورق بزتها البزاة فراخها= وحلأها عن حومة الوكر صائد
ولا رزحٌ هيمٌ تكاد قلوبها= تطير إذا عنّت لهن الموارد
تهمّ بورد الماء ثم يردها= أخيرق مرهوب البسالة ذائد
يدافعها عن ورده وهي لا تني= تدافعه وهو الألد المعاند
فيرجعها حرى القلوب كأنما= يؤجج في أحشائها النار واقد
بأكثر منها تلك نوحاً وهذه= حنيناً وأنى والعيون جوامد
فيا وقعة ما أحدث الدهر مثلها= يبيد الليالي ذكرها وهو خالد
لألبست هذا الدين أثواب ذلة= ترث لها الأيام وهي جدائد
لحى الله قيساً قيس عيلان إنني= عليهم لمسجور الحشاشة حاقد
لأمهم الويلات ما ذنب هاشم= عليهم أما كفواً إذا لم يساعدوا
أغرتم فحللتم أواصر بينكم= لها مضرٌ في سالف الدهر عاقد
وأبكيتم جفن النبي محمد= ليضحك كلب من أمية عاقد
أمية هبّي من كراك فما جنى= كفعلك جان وهو مثلك راقد
لأغرقتم في رمي هاشم بعدما= أحلوكم حيث السهى والفراقد
على غير شيء غير أنكم معاً= إذا حصل الانساب كفّ وساعد
خلا أنه أولى بكم من نفوسكم= بنصّ من التنزيل والله شاهد
أنالهم ما لم ينلكم إلههم= فكلكم بادي العداوة حاسد
أما وأبي لولا تأخر مدتي= وأن الذي لم يقضه الله كايد
لا لفيتموني في رجال كأنهم= ليوث بمستنّ النزال حوارد
بأيماننا بيض كأن متونها= إذا اطردت أمواههن مبارد
وخطية ملس البطون كأنما= أسنتها مما شحذن مناصد
نطاعنكم عنهم بهذي فأن نبت= عواملها ملنا بتلك نجالد
لعمر أبي الخطي ان عز نصركم= عليه فلم تعزز عليه القائد
من اللائي يدنين الخلي من الأسى= ويتركن مثلوج الحشا وهو واجد
فدونكم آل النبي فرائداً= تذلّ لها في سلكهن الفرائد
يزيركموها من فروع ربيعة= فتى عرقت فيه الرجال الأماجد
يمدّ بضبعيه إلى أمد العلا= إذا ما انتمى جدّ كريم ووالد
إذا شئت جاراني بمضمار مدحكم= جوادان لا يشآهما الدهر طارد
إذا ركضا كان المصلي منهما= الفتى حسن والسابق الفحل ماجد
هما أرضعاني درة الرشد يافعاً= فها أنا ذا والحمد لله راشد