لنزار قباني
قصيدة في مدح الرسول الاعظم (ص) عندما زار قبره و فيها يشكوا إليه من
منعوه الزيارة و مأساة حال المسلمين من بعده
عز الورود وطال فيك أوام = وأرقت وحدي والأنام نيام
ورد الجميع ومن سناك تزودوا = وطردت عن نبع السنى وأقاموا
ومنعت حتى أن أحوم ولم أكد = وتقطعت نفسي عليك وحاموا
قصدوك وامتدحوا ودوني اغلقت = أبواب مدحك فالحروف عقام
أدنوا فأذكر ما جنيت فأنثني = خجلا تضيق بحملي الأقدام
أمن الحضيض أريد لمسا للذرى = جل المقام فلا يطال مقام
وزري يكبلني ويخرسني الأسى = فيموت في طرف اللسان كلام
يممت نحوك يا حبيب الله في = شوق تقض مضاجعي الآثام
أرجو الوصول فليل عمري غابة = أشواكها الأوزار والآلام
يا من ولدت فأشرقت بربوعنا = نفحات نورك وانجلى الإظلام
أأعود ظمئآنا وغيري يرتوي = أيرد عن حوض النبي هيام
كيف الدخول إلى رحاب المصفى = والنفس حيرى والذنوب جسام
أو كلما حاولت إلمام به = أزف البلاء فيصعب الإلمام
ماذا أقول وألف ألف قصيدة = عصماء قبلي سطرت أقلام
مدحوك ما بلغوا برغم ولائهم = أسوار مجدك فالدنو لمام
ودنوت مذهولا أسيرا لا أرى = حيران يلجم شعري الإحجام
وتمزقت نفسي كطفل حائر = قد عاقه عمن يحب زحام
حتى وقفت أمام قبرك باكيا = فتدفق الإحساس والإلهام
و توالت الصور المضيئة كالرؤى = و طوى الفؤاد سكينة و سلام
يا ملئ روحي وهج حبك في دمي = قبس يضيء سريرتي وزمام
أنت الحبيب وأنت من أروى لنا = حتى أضاء قلوبنا الإسلام
حوربت لم تخضع ولم تخشى العدى = من يحمه الرحمن كيف يضام
و ملأت هذا الكون نورا فأختفت = صور الظلام وقوضت أصنام
الحزن يملأ يا حبيب جوارحي = فالمسلمون عن الطريق تعاموا
و الذل خيم فالنفوس كئيبة = و على الكبار تطاول الأقزام
الحزن أصبح خبزنا فمساؤنا = شجن وطعم صباحنا أسقام
و اليأس ألقى ظله بنفوسنا = فكأن وجه النيرين ظلام
أنى اتجهت ففي العيون غشاوة = و على القلوب من الظلام ركام
الكرب أرقنا و سهد ليلنا = من مهده الأشواك كيف ينام
يا طيبة الخيرات ذل المسلمون = ولا مجير وضيعت أحلام
يغضون ان سلب الغريب ديارهم = و على القريب شذى التراب حرام
باتوا أسارى حيرة و تمزقا = فكأنهم بين الورى أغنام
ناموا فنام الذل فوق جفونهم = لاغرو ضاع الحزم و الإقدام
يا هادي الثقلين هل من دعوة = تدعى بها يستيقظ النوام