في مقام الامام علي عليه السلام
محمد مجذوب
للشاعر السوري محمد مجذوب
في مقام الامام علي عليه السلام و يصور الشاعر حرم الإمام وما شاء له المهيمن من العزة والرفعة، وما شاء لخصمه العنيد (معاوية) من المهانة والضعة، والعاقبة للمتقين
اين القصور أبا يزيد و لهوها = و الصافنات و زهوها و السؤددُ
أين الدهاء نحرت عزّته على = أعتاب دنياً زهوها لا ينفدُ
آثرت فانيها على الحق الذي = هو لو علمت على الزّمان مخلّدُ
تلك البهارج قد مضت لسبيلها = و بقيت وحدك عبرة تتجددُ
هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه = لأسال مدمعك المصير الأسودُ
كتل من الترب المهين بخربةٍ = سكر الذباب بها فراحَ يعربدُ
خفيت معالمها على زوّارها = فكأنّها في مجهل لا يقصدُ
و القبّة الشماء نُكّس طرفها = فبكل جزء للفناء بها يدُ
تهمي السحائب من خلال شقوقها = و الريح في جنباتها تتردد
و كذا المصلّى !!! مظلم فكأنه = مذ كان لم يجتز به متعبّد
أأبا يزيد و تلك حكمة خالق = تُجلى على قلب الحكيم فيرشد
أرأيت عاقبة الجموح و نزوه = أودى بلبّك غيّها المترصّد
تعدو بها ظلماً على من حبّه = دين و بغضته الشقاء السرمدُ
و رثت شمائله براءة أحمد = فيكاد من برديه يشرق أحمدُ
و غلوت حتى قد جعلت زمامها = ارثاً لكل مذمم لا يحمد
هتك المحارم و استباح خدورها = و مضى بغير هواه لا يتقيد
فأعادها بعد الهدى عصبية = جهلاء تلتهم النفوس و تفسدُ
فكأنّما الإسلام سلعة تاجر = و كأنّ أمّته لآلك اعبدُ
فسأل مرابض كربلاء و يثرب = عن تلكم النار التي لا تخمدُ
أرسلت مارجها فماج ببحره = أمس الجدود و لن يجبّبها غدُ
و الزاكيات من الدماء يريقها = باغ على حرم النبوّة مفسدُ
و الطاهرات فديتهن حواسراً = تنثال من عبراتهن الأكبدُ
و الطيبين من الصغار كأنّهم = بيض الزنابق ذيد عنها الموردُ
تشكو الظما و الظالمون أصمهم = حقد أناخ على الجوانح موقد
و الذائدين تبعثرت أشلاؤهم = بدواً فثمّة معصم و هنا يدُ
تطأ السنابك بالطغاة أديمها = مثل الكتاب مشى عليه الملحدُ
فعلى الرمال من الأباة مضّرجٌ = و على النياق من الهداة مصفّدُ
و على الرماح بقيّة من عابد = كالشمس ضاء به الصفا و المسجدُ
إن يجهل الأثماء موضع قدره = فلقد دراه الراكعون السجّدُ
أأبايزيد و ساء ذلك عثرة = ماذا أقول و باب سمعك موصدُ
قم و ارمق النجف الأغر بنظرةٍ = يرتد طرفك و هو باك أرمدُ
تلك العظام أعزّ ربّك قدرها = فتكاد لولا خوف ربك تعبدُ
أبداً تباركها الوفود يحثّها = من كل حدب شوقها المتوقد
نازعتها الدنيا ففزت بوردها = ثم انقضى كالحلم ذاك المورد
و سعت إلى الأخرى فخلّد ذكرها = في الخالدين و عطف ربك أخلدُ
أأبا يزيد لتلك آهة موجع = أفضى إليك بها فؤادٌ مقصدُ
أنا لست بالقالي و لا أنا شامت = قلب الكريم عن الشماتة أبعدُ
هي مهجة حرى أذاب شغافها = حزن على الإسلام لم يك يهمد
ذكرتها الماضي فهاج دنينها = شمل لشعب المصطفى متبددُ
فبعثه عتبّاً و ان يك قاسياً = هو في ضلوعي زفرة يترددُ
لم أستطع صبراً على غلوائها = أي الضلوع على اللظى تتجلد