ماءٌ مُعشّقٌ بالظمأِ
سنة 2017
غيمٌ .. وشوقُ الحالِمِينَ صَحارَى=هطَلَتْ رؤاكَ فأزهرُوا أقمارا
هامُوا تنادِمُهم حكاياتُ النَّوَى=فالعاشقونَ مِنَ الهُيَامِ سهارى
وسناكَ منعكسٌ على أحداقِهِمْ=لم يرمشوا خوفًا بأنْ يتوارى
عبَرُوا بصوتيَ .. فوّضُوني بَوْحَهُمْ=ياصائغَ الأشعارِ كُنْ مِزْمَارا
واعزفْ لنا لحنَ الملاحمِ .. عُدْ بِنَا=للطفِّ .. واترُكْنا هناكَ أسارى
وكأنّني داوُدُ خلفي أوَّبُوا=لانَ القصيدُ، فحلَّقُوا أطيارا
كنا نزاحمُ في مَداكَ ملائكًا=ونُحِيلُ ليلَ المطفئينَ نهارا
وكأنَّ ذكرَكَ حلْقةٌ صوفيّةُ=ما مرَّ بالٌ فيكَ إلا دارا
ما مرَّ طيفُكَ في متاهةِ وردةٍ=إلاَّ وأوقدَ للفراشةِ نارا
يا سيّدَ الحلمِ السماويِّ ائتلِقْ=بزجاجِنا .. كشِّفْ لَنَا الأستارا
إنّا قناديلُ السؤالِ .. فَتِيلُنا=مِنْ زيتِ هَدْيِكَ يُشْعِلُ الأفكارا
ماذا رأَيْتَ؟ وما وجدْتَ؟ وما أرَدْتَ؟=وأنتَ تُقْتَلُ في الطُّفوفِ مِرارا ؟
لمّا مضيتَ إلى أقاصي التّضحياتِ=وَجُزْتَ قنطرةَ الفِدا مختارا
هل كنتَ توحي ما سيتلوهُ لنا=دمُكَ النبيُّ ليقلبَ الأقدارا؟
هل كانَتْ (الهيهاتُ) أذرعَكَ التي=أورَثْتَنا لنقاومَ التيّارا
هل كنتَ لمّا حاصَرُوكَ ببغضِهِمْ=بالحبِّ تُحكِمُ في الوجودِ حصارا
يا سيدَّ الذبحِ العظيمِ بكربلا=روحي فِداكَ تُسَابِقُ الثوّارا
حشدًا مِنَ الفرسانِ .. جيشَ غيارى=كلٌّ يربّي في الحنايا ثارا
دمَعُوا كأنَّ البرقَ مِنْ أسمائِهِمْ=لطَموا فكانَ هديرُهُمْ موَّارا
حتّى الذينَ على الطّرِيقِ تفرّقوا=كالريحِ تُنفقُ عمرَها أسفارا
(لبّيكَ) تعصِفُ في حناجرِهم إذا=نادَيْتَهُمْ ليفجِّروا الإعصارا
يا ليتَنا كُنَّا .. (وهلْ مِنْ ناصرٍ ؟)=تدوي .. بكفِّكَ صارمًا بتّارا
يا ليتَنَا كُنَّا.. وقربةُ حلمِكَ=القمريِّ تسفكُ للصِّغارِ جرارا
يا ليتَنَا كُنَّا لزينبَ حينما=حجَبَتْ بكفَّيْها السَّنا أسوارا
كلُّ الذينَ تحاوشوكَ توحُّشًا=يا ربِّ لا تتركْ لَهُمْ دَيَّارا
يا سيِّدَ الماءِ المعشّقِ بالظَّما=في كلِّ وِردٍ نستشفُّ مزارا
بابٌ على الفردوسِ كُنْتَ مشرَّعًا=مِنْ خلفِهِ الأسرارُ كم تتجارى!
زهرٌ ينوحُ .. قميصُ فجرٍ أحمرٍ=قربانُ عشقٍ .. والرواةُ حيارى
يا ذا المُنى .. محمومةً تهذي الرُّؤَى=هلّا منَحْتَ الأمنياتِ دثارا؟
خُذْنَا لقبَّتِكَ الحنونةِ مثلَ أمٍّ=يُستجابُ دعاؤها إقرارا
دَعْنَا على الشبّاكِ نزرعُ خدَّنا=فُلًّا .. وتوقَ أكفِّنَا نوّارا
فإذا هَتَفْنَا يا حسينُ نراكَ في=ملكوتِنا تستقبلُ الأحرارا