رسالةٌ إلى نهرِ الفراتِ
سنة 2015
يمشي الفراتُ إليهِ يقتلُهُ الظّما = ونصولُ غدرِ الرملِ تغتسلُ الدّما
حيرانَ أنتَ فراتُ والماءُ الذي = في مقلتَيْكَ بمنعِهِ قَدْ يُتّما
هذي الرمالُ هجيرَها نصلاً رَمَتْ = فرمَيْتَ بالعطشِ الحسينَ وما رمى
خُذْنِي هناكَ أرتِّلُ الصدرَ الذي = قد حُطِّمَتْ أضلاعُهُ وتهشَّما
لأسيرَ في رملٍ تعدّدَتِ الدّماءُ = بهِ فما وجدَتْ لأحرُفِها فما
لغةُ الدماءِ وحيرةُ المَلَكِ الذي = يحيا يرتِّلُ ثغرَها والمبسما
يا ذِبْحَ إبراهيمَ ينحرُ فرخَهُ = واللهُ آثرَ أنْ تكونَ الأعظما
وتراكَ فاطمةُ الحزينةُ مصلتًا = فوقَ الرّمالِ ورايةً تعلو السّما
ودماكَ تنثرُها الرماحُ سخيّةً = فتذرُّ مِنْ زرعِ الإباءِ البرعما
ها قد أتيتُ ونحريَ الدامي معي = يروي النجيعَ لزائرٍ قد سلّما
قرأَ الزيارةَ عَنْ دمٍ متوهِّجٍ = بلهيبِ غادرةٍ تُفجِّرُ بالحمى
فيغيرُ حرملةُ يفجِّرُ داعيًا = يغتالُ زائرةً ويقتلُ مسلما
ويهمُّ شمرٌ فوقَ نحرِ مكبِّرٍ = يفري الوريدَ معاندًا متلثّما
وتدوسُ أضلاعَ الرضيعِ عبوةٌ = نسفَتْ وريدًا كانَ ينصبُ مأتما
ويزيدُ هذا العصرِ في أكذوبةٍ = وبملءِ شدقَيْهِ استباحَ محرَّما
فبَنُوهُ مِنْ آلِ النّضيرِ حمائمٌ = تهَبُ السّلامَ وداعةً وترحُّما
وبنو الحسينِ هُمُ العدوُّ لعُرْبِنا = إذْ نحنُ مَنْ بالجرمِ قامَ وأقدما
ها نحنُ نفترشُ الجنوبَ بكربلا = ونزمُّ نزفَ النحرِ يقطرُ بالدّما
لنعودَ مِنْ وَلَهِ (ابنِ شاكرِ عابسٍ) = أنصارَ ثاراتٍ يحرّرُنا الظّما
هُمْ فتيةٌ صدقُوا وأوفى عهدَهم = دمُّ التشيُّعِ لنْ يُبَاحَ ويُرغَما
ما ذلَّهُم عطشٌ ولم يلو ِ بِهِمْ = جوعٌ وكانوا فوقَ ذلكَ أعظما
قد صاغَ نصرُ اللهِ رايةَ كربلا = بجنوبِهِ فأعادَ نصرًا ملهما
نحنُ الحسينُ رواؤُنا ونميرُنا = يُحْيِي الدماءَ قداسةُ والأعظُما
فإباؤهُ تهويمَتِي عندَ الرّضاعِ = ورُقْيَتِي أحيا بِها مستعصما
لألوذَ بالرمحِ استقرَّ بهامَتي = ويدٍ على نهرٍ تعافُ الزّمزما
فكفوفُهُ لغةٌ أجارِي حرفَها = صاغَتْ قصيدتُها وفاءً مُحْكَما
أستلُّ مِنْ شبهِ النبيِّ جوائزي = صيدُ الملوكِ أذلَّ أنفًا مُجرِما
فأعافُ ذلَّ أمانِهِم بولايتي = وأفاخرُ الدنيا (بأكبرِ) مُقْسِما
فقطيفُ ما عرفَتْ هوًى غيرَ الحسي=نِ ولاؤُها أبدًا إليهِ قَدِ انتمى
وشهودُها بحرٌ يموجٌ بحبِّهِ =ونخيلُ تثمرُ بالولاية (مريما)
ورمالُها السُّمْرُ الخصابُ بحبِّهِ=وَهَبَتْ فكانَتْ للولايةِ موسما