فواصلُ لا تُطفئُها الظلالُ
سنة 2015
عرجَتْ إلى لغةِ الحسينِ قصائدي=فتجزّأتْ منهُ بألوانِ المحنْ
وتجمَّعتْ بيديهِ نهرًا صافيًا=هيهاتَ بعدَ الجمعِ تبقى في العفنْ
وتفتَّحتْ وطنًا على خطواتِهِ=ودروبُهُ الخضراءُ تبحثُ عَنْ وطنْ
مَنْ لمْ يكنْ عشقُ الحسينِ بدارِهِ=فهوَ الذي في الدّارِ ليسَ لهُ سكنْ
هذا هُوَ العشقُ الذي لم ينفتحْ=إلا بأحسنَ ما يكونُ مِنَ الحَسَنْ
مِنْ فكرِ هذا الحُسْنِ تنهضُ كربلا=ونهوضُها لصدى الحقيقةِ قد ذعنْ
وطوافُها في كلِّ زاويةٍ بنى=ونداؤها أحيا المعارفَ والسُّننْ
رُسُلُ الهدايةِ إنْ قرأتَ جميعَهمْ=بدمِ الحسينِ جميعُهم دفعُوا الثَّمَنْ
وبنحرِهِ قلبُوا الوجودَ ملاحمًا=لم ينطفئْ فيها السِّباقُ مَعَ الزَّمنْ
وبصدرهِ المطحونِ أحيَوا عالمًا=لم يشتبكْ إلا بتحطيمِ الوثنْ
وبنزفِهِ الأبديِّ في أعماقِهِمْ=سطعوا قناديلاً بأكبرِ ممتحنْ
باعُوا إلى عطرِ السماءِ وجودَهمْ=والبيعُ مِنْ أفعالِ هذا العشقِ جنْ
وبهِ لهُ كلُّ الجواهرِ أقبلَتْ=والمبحرُون لكشفِها صلواتُ فنْ
ما قيمةُ الكلماتِ إنْ هيَ لم تكُنْ=في العشقِ تستسقي لعالمِها المننْ
بقيَ الحسينُ فواصلاً أبديَّةً=سطعتْ ولم تُطفئْ جوارحَها المحنْ
المصطفى والمرتضى صفحاتُهُ=وجميعُهُ الزهراءُ صالَ بهِ الحَسَنْ
وضميرُهُ الوثَّابُ في لفتاتِهِ=بسوى التفرُّدِ في الشجاعةِ ما ركنْ
إنْ لم يكن روحًا لكلِّ كرامةٍ=ماذا سيبقى للكرامةِ مِنْ بدن
ماذا سيبقى للجوابِ إذا ارتوى=ذلاًّ وأمسى مِنْ نفاياتِ العفنْ
هيهاتَ يبقى العزُّ في مستنقعٍ=وهو الذي بهوى الحسينِ قَدِ افتتنْ
مِنْ كلِّ رائعةٍ تفتَّحَ شامخًا=وصداهُ مِنْ فتحِ الكرامِ قدِ انشحن
ما ذلكَ الرمزُ الجميلُ سيقتني=صورًا تُسافرُ للمذلَّةِ والوَهَنْ
يا سيِّدَ الأحرارِ طابتْ أحرفٌ=خدمَتْكَ في شتَّى المفارزِ والمهن
طابتْ وبينَ مقالِها وفعالِها=صدحَتْ بحبِّكَ روحُ أعقلِ مُستَجنْ
هيهاتَ يظمأُ مَنْ بنهرِكَ يرتوي=كلُّ الوجودِ وفي وجودِكَ قدْ كَمَنْ
بينَ النبوَّةِ والإمامةِ فاصلٌ=فوصلتَهُ بظلالِ أجملِ مؤتمنْ
السرُّ في نصفيكَ يُشرقُ هادرًا=ويلوذُ بالصَّمتِ الكبيرِ بكَ العَلَنْ
ما فارقَتْكَ يدُ السماءِ وأنتَ في=لُججِ المصائبِ ما بقلبِكَ مِنْ ضغنْ
كمْ ذا وهَبْتَ العالمِينَ رسالةً=ودواؤها بسوَى الحقيقةِ ما احتضنْ
كلُّ الجهاتِ إلى الحسينِ تهدَّمتْ=لو صِرْنَ يومًا ضمنَ أمواجِ الفتنْ
ما شاخَ مَنْ شبَّتْ جميعُ صفاتِهِ=وبها مسيرُ العارفينَ قَدِ اتّزنْ
أتريدُ تغسيلَ الجوارحِ كلِّها=فابكِ الحسينَ فَمَا لغسلِكَ مِنْ درنْ
واغزِلْ حياتَكَ للشهيدِ فغزلُها=لجميعِ أوجاعِ الشهيدِ هُوَ الكفنْ
ما عالَمُ الإسلامِ يسطعُ صاعدًا=إلا إذا بيدِ الحسينِ قدِ اقترنْ
كيفَ المسيرُ لكربلا إنْ لمْ يكُنْ=مفتاحُ معرفةِ الطفوفِ هو الشجنْ
كيفَ الوصولُ إلى السّما إنْ لمْ يكُنْ=فيها الوصولُ إلى الجَمَالِ هُوَ الثمنْ
هذا يقينُ السائرينَ إلى الهدى=ما هدَّهُ شكٌّ وما أحياهُ ظنّ
لا يرتقي هذا الرُّقيُّ بعالَمٍ=إلا إذا في مسمعِ الأخلاقِ رنّ
ما ذلكَ التنقيطُ في أسمائِنا=إلا ليتّخذَ الجَمَالَ لهُ وطنْ
ماذا سيبقى للحياةِ إنِ اختفَتْ=لغةُ الحسينِ وعشعشَتْ فيها المحنْ؟
تتوقَّفُ الأوقاتُ عنْ دورانِهِا=إنْ لمْ يكنْ فيها الحسينُ هو الزمنْ