آخرُ أسرارِ الحُزنِ
سنة 2013
يومُ الحُسينِ ويا ذلاً إذا أبِقا = عَنْ حزنِكَ الدمعُ أو في غيرِكَ استَبَقَا
وويلُ كلِّ النُّهى إنْ لم تجدْهُ تقًى= جُنونَها فيكَ عمّا بالنُّهى نَفَقَا
أراكَ في كلِّ آفاقِ العلا سببًا = بهِ الشجى للهدى معتِّقًا برِقا
لا ضيرَ أنّكَ بينَ الخُلْدِ مُعْتِكِفٌ = وفي عُيونِ السّما تُؤجِجُ الوَدَقا
وتَفرِشُ الكونَ أزمانًا وأمكنةً =تسيخُ لولا عليها مِنْ شَجَاكَ بقا
فما يكُنْ أصلُهُ قربانَ مَْن خُلِقَت = لهُ العوالِمُ تسليمًا لِمَنْ خَلَقا
لا شكَّ أنَّ الوُجودَ دونَهُ هَزَلٌ = بلْ دُونَهُ مُذعِنًا للهِ ما اتسقا
فيا عِصَامَ الورى عَنْ جورِ جَامِحَةٍ = سِيقانُها حُجِلَت بِكلِّ مَنْ فَسقا
تُطوَى الدُهُورُ شِقاقًا والشقا نِهِمٌ = ومن جسومِ الإبا مُستأسِدًا لعِقا
نَحوَ الجُرُوحِ أزوفًا كُلّما نَزفَتْ = بِفِتنَةٍ تُذكي في أرزائِنا الأرقا
كَفى بِقَلبِي مَماتًا إن بُلِيتُ بمَنْ = يُؤَبِّنُ النبضَ فيهِ مَنْ لهُ خنقا
أوداهُ شُؤْمُ صِراعاتٍ فَما نَجَمَتْ = إلا لِحربِ جهولٍ أو نديمِ شقا
ماذا سيُبلي الذي قد سلَّ صَارِمَهُ =إنْ كانَ بِالنَبلِ والأحجارِ قد رُشِقَا
تخالُنا يومَ كربٍ حَولَنا حدِقَتْ =كلُّ الأعادي كمَنْ منهُ الرّخا شَرِقا
نَعُدُّ خَطوًا وما زِلنا نَعُودُ لهُ =نعدُّهُ والثرى في عَدِّنا سُلِقا
نرُومُ مجدًا بِما تَهوى جَهالتُنا =ودأبُنا أن نذيقَ العاذلَ الحَنقا
ونَقتَني العِلْمَ أسفارًا مُكدَّسَةً = لا فرقَ أن تَحتوي العقلَ أو الوَرَقا
هل غايةُ العِلمِ إلا أن يُرى عملاً= يَجُودُ عزمًا ومرقًى للسّما ونقا
ما كنتُ مِمّنْ لما أبدى الخيالُ لهُ= كِبرًا بِما يَنْطِقُ الباقونَ قد شَفِقا
ولا الذي قد رأى في هَديِهِ عِظمًا= وفي سِوَاهُ هُدى الديّانِ ما وَثِقا
فَليسَ يُرْدِي الفَتى إلا سَرِيرَتُهُ = إنْ آثرَتْ أنْ تَرى بِالكِبْرِ مُرْتَفَقا
لا مَجدَ إلا لِمَنْ بالحُبِّ مُعْتَصِمٌ = قَد أَشْبَعَ النَفس سِلْمَا أَبْيَضًا يَقَقا
لا مَجدَ إلا لِمَنْ بالصبرِ ملتحمٌ = بالحلمِ مُغْتَنِمٌ ما حلَّ أو رَبقا
لا مَجدَ إلا لِمَنْ تَحكِي حَفِيظَتُه = وَحيًا بِقَلبِ رَسُولِ اللهِ ما نَطَقا
لا مَجدَ إلا لِمَنْ لم يدلِ قَولتَهُ = إلا وفعلٌ بِما يُدلِيهِ قد صَدَقا
لا مَجدَ إلا لِمَنْ قُلوبُهُم جُبِلَتْ = تدلي العطاءَ امتنانًا باسِمِ مَن رَزَقا
فَقُل لِمَنْ رَامَ أَسبَابَ العُلا كَذِبًا = شُؤمُ الوَقِيعَةِ عِندَ الكِذبِ قد نَعِقا
يا صاحِ دَعْنِي على هَمِّي وفي وَجَلي = غيرَ الدُمُوعِ وبؤسي أتَّقِي رُفَقا
أو فَلتقُمْ بِيَ هونًا نُسْتَرَقُّ إلى = أرضِ الطُفُوفِ وَنَروِي بالسَّنَا الحَدقَا
نَسْتَلهِمُ الحُبَّ في نَجوى بَصِيرةِ مَنْ= لولا سَنا بَرقِه للوَدْقِ مَا غَدَقا
قد وَطَّنَ النَفسَ عِشقًا لا تَراهُ بِه = إِلا مِثَالاً لِمَن فِي نَفْسِهِ عُشِقَا
عَباسُ مَنْ في الوَفا لم يدَّخِرْ طُرُقًا = إلا تَراهُ بِها كالبَرقِ مُنطلقا
يَرُدُّ أبصارَ مَنْ جدُّوا لهُ حُسرًا = لا مِنْ فُطُورٍ بِهِ إِنْ فَارَ أَو أَنِقا
تَخَالُهُ عِندَ عَينِ الطِفلِ ثَاكِلةً = أتَتْ تجودُ حَنانًا فَاضَ فاندفَقا
طودًا تَحدَّرَ مِنْ شُمُوخِهِ خَجِلاً= ما بينَ سَيلِ دُموعٍ صَفْصَفًا زَلَقا
ولا تراهُ على الهيجاءِ غيرَ لظًى = لا تَلتقي ظَالِمًا إلا بِها سَحِقا
أيقنْتُهُ مُذ شَكَتْهُ الطِفْلةُ عَطشًا = للحشرِ رُعبٌ بأقدارِ الشّقا حدِقا
فآملٌ إذنَ مَولاهُ على وجلٍ = ومُقْلقٌ بجوابِ السبطِ مُختنقا
شّدَّ اللثامَ على فيهِ التُّقى ومضى = وفَوقَهُ الرُّوحُ عزمًا واللِوا اعْتَنَقا
وجرّدَ السيفَ مِنْ قَعْرِ الجَحِيمِ فمَا= رَأيْتُ مِنْ هُونِهَا إلا بهِ رُتِقا
أفديهِ مِنْ باذلٍ نفسًا معظَّمةً = لكم فدَاها ذبيحُ اللهِ مُستَبِقا
وسابحٌ في جموعِ الكُفرِ نَاضِحُهُ = وطاحِنٌ ما دنا مِنها وما شَهِقا
يذروهُمُ مِثلمَا عَصفِ بِعصافَةٍ = لم تنجلِ غيرَ عندِ الماءِ إذ بَرِقا
أرخى العنانَ وقلَّ الشَطُ مَقْدَمَهُ = وبارِدُ الماءِ رَقراقًا يداهُ رقا
تُؤَبِّنُ النفسُ مِنْ أحشائِهِ يَبَسًا = عَجِبْتُ كيفَ بِهَجرِ الحرِّ ما احترقا
كفى وفاءُ الورى مِنْ كَفِّهِ خَجِلٌ = في حينِ أظمى حشاهُ والسقاءَ سقا
لهُ جزيلُ الثّنا مِنْ أحمدَ المصطفى = عَنْ خُلْقِهِ عن كِتابِ اللهِ حيثُ بَقى
وقامَ في هِمةٍ شعَّتْ بِصعدَتِها = معالمُ الدينِ إجلالا لما دَلَقا
عباسُ هذا الذي روّى الصغارَ أسًى = ففاحَ إيثارُهُ مِنْ صَبرِها عَبِقا
عباسُ هذا الذي مِنْ نسجِ غِيرَتِه = على الفواطمِ خِدرُ العزِّ قد خُلَقا
عباسُ هذا الذي أهداهُ ربُّ العُلا = للسِبطِ مجدًا أثيلاً بالهدى بَسَقَا
هذا رَبيبُ سناهُ بل حسيبُ مُنًى = هذا الذي جسَّدَ الأفضالَ والخُلقا
وعدُ السماءِ الذي بهِ السّما حَفِظَتْ = للذكرِ ذكرًا وللتأويلِ ما صَدقا
هذا بليغُ العُلا ما كانَ مُبلِغَهَا = لولا إلى البذلِ بالكفَّينِ قد ومِقا
ومَنْ وعى ما أفاضَ السبطُ من كُرَبٍ = شاءَ الإلهُ يراها للهدى عُنُقا
فجادَ أقصى مَعانِي الجُودِ ما حُصِرَتْ= والجودُ بالنفسِ أسمى جودِ مَنْ عَشِقا