معراجٌ نحوَ السَّماءِ
سنة 2013
حينَ استبَدَّ الحُزْنُ بالأرجاءِ=ومَشَتْ إليكَ قوافلُ الأحياءِ
ألقيتُ ذَيَّاكَ السّكونَ معفَّرًا=وبدأتُ أشحذُ للِّقاءِ ولائي
أرخى عليَّ اللَّيلُ كُنْهَ ظلامِهِ=بُرْدَ السَّوادِ .. عباءَةَ الأرزاءِ
وبِجانِبي طِفلُ الحَنينِ مُسابِقي=يجري ويعثرُ في أسًى وعناءِ
بيني وبينَكَ تستَفيقُ حكايةٌ=أبطالُها صفوٌ مِنَ العظماءِ
نَسَجُوا مشاهدَهُمْ بحبرِ دمائهِم=أكرِمْ بها ترتيلةَ الشُّهداءِ
يطَؤُونَ صدرَ الموتِ يصهلُ شوقُهُمْ=لشهادةٍ تدنو على استِحياءِ
يروُونَ ثغرَ السّيفِ فيضَ جراحِهِمْ=بحسامِ إيمانٍ وسهمِ وفاءِ
إذْ إنَّهُمْ رمَقُوا الجِنانَ فأيقَنُوا=أنَّ الحتوفَ بدايةُ الإنشاءِ
أسرى بِهِمْ شوقُ الحسينِ لكربلا=وبحبِّهِمْ عرجوا إلى العلياءِ
ما أُغمِضَتْ عينُ الرّدى مُذْ أغمِضَتْ=عينُ الحُسينِ على ثرى الرّمضاءِ
يا ليتَ أعضائي تُقَطّعَ بالعَرا=تفدي حسيناً مهجَة الزّهراءِ
يا ليتَني أسرجْتُ قلبي شمعةً=تضوي الخباءَ لزينبَ الحوراءِ
أمشي وأحزاني تسابقُ خطوَتي=والزّادُ –إنْ شقَّ المسيرُ عزائي
أمشي على كتفيَّ أمواجُ الورى=كفراشٍ ازدحَمَتْ على أضواءِ
يتهافَتونَ إليكَ ملْءَ عذابِهِمْ=وقلوبُهُمْ ملأىَ بفيضِ رجاءِ
وكأنَّهُمْ طفلٌ تعلَّقَ ثغرُهُ=قبلَ الفِطامِ برشفَةِ استيفاءِ
في قربَتي احتَشدَتْ دموعُ سكينةٍ=أخرى تنامُ بحزنِها الوضَّاءِ
كم طفلةٍ عطشَى توقَّدَ قَلْبُها=ظمَأً توجَّرَ بانتظارِ الماءِ
كم قاسمٍ مزجَ الفراتَ مخضِّباً=قطراتِهِ بالدمِّ لا الحنَّاءِ
وأنا احتمَلْتُ على يديَّ مواعِدي=كالأكبرِ المذبوحِ في الهيجاءِ
قد جئْتُ بعدَ النَّأْيِ أطوِي مُهجَتي=تغفو عليَّ مواجعُ الفقراءِ
والنّهرُ يهوي عندَ رجلِكَ تائباً=متوسِّلاً بمدامعٍ وبكاءِ
وأنا أتيتُكَ لا اعتذارَ أحوكُهُ=ماذا أقولُ لسيّدِ الشُّهَداءِ؟
إنّي هنا .. ومآثِمي .. وجوارِحي=نتلوكَ آخرَ سورةٍ بيضاءِ
حتّى نطيرَ إلى السماءِ حمائماً=شهداءَ عندَكَ أكرمَ العظماءِ