نحرٌ يومضُ نسرينا
سنة 2013
آنستُ نارَ الحزنِ في أحشائي = وقريحتي ثكلى بكلِّ مساءِ
فغدوتُ كالهُدهُدِ أُنبي خبرًا = من نينوى يفري جوى الشعراءِ
فبكتْ لهُ عينُ الحُجونِ معَ الصّفا =عبراتِها لعظيمةِ الأرزاءِ
فجَرتْ لعمري من حشاشةِ مُهجتي = مندوحةٌ من أدمعي وبكائي
تنعى غريبًا قد تمزّقَ بالظُبى = ومرمّلاً ملقىً على البيداءِ
ما حلَّ تذكارٌ لهُ إلا انبرَتْ = أرضي لهُ تبكي دمًا وسمائي
أحيا الكرامةَ بعدما قد شُيِّعَتْ = وأُلحدَتْ في جدثِ الظلماءِ
أبهرني والسهمُ يفري قلبَهُ = شكرًا إلى اللهِ ارتأى بدعاءِ
وغدَا يصونُ حرائرًا بنزيفِهِ = يدفعُ غدرَ العُصبةِ الشعواءِ
أغدقَنِي ما عجزَتْ عنهُ بحو=رُ الآدميينَ بلا استثناءِ
ما خلتُ نفسي بهواهُ متيَّمًا = بل منهُ سوّتني يدُ الإنشاءِ
أصبحتُ والصبحُ حسينيٌ وفي = ليلي أشمُّ عبيرَهُ بهوائي
وأتوقُ للطفِّ كآدمَ حينَمَا اش=تاقَ إلى الجنةِ في الدهناءِ
كأنّني يعقوبُ مبيضُّ الحشى = وفي ترابِ الطفِّ كانَ شفائي
كأنّني أيوبُ أقضي صابرًا = عمري على الآهاتِ والبلواءِ
أتوهُ في رحمِ السماءِ لعلّها =تومِضُ لي أرجوزةَ العُظماءِ
من كفِّ عباسٍ ويقظةِ قاسمٍ = من ودجِ الأكبرِ والأشلاءِ
مِنْ قلبِ ليلى وعُصارةِ رملةٍ = من صبرِ زينبَ في الرُبى الحمراءِ
من طفلةٍ تبكي لعلَّ دموعَها = تروي الظّمايا من لظى القفراءِ
ما عادَ في نفسيَ مخزونٌ لمَا = تحملُهُ الأيامُ مِنَ أنباءِ
عشقي تغنّى بالحسينِ كأنَّهُ = بدرٌ يشعُّ بكاملِ الأضواءِ
وأرى الملايينَ ترومُ لقبرهِ = جندًا إذا اشتدّتْ رَحى الهيجاءِ
تزحفُ والأملاكُ تخفقُ حولَها = للقبّةِ النوراءِ والشمَّاءِ
ورحمةُ العرشِ تصبُّ لسائلٍ = بالسبطِ يحملُ حاجةً لقضاءِ
قبسٌ يلفُّ ثراهُ من وحيِ السّنا = كنارِ موسى في طوى سيناءِ
يقطينُهُ يرمي الظِّلالَ لمتعبٍ =كانَ الهوى منهُ بعيدًا نائي
جذعٌ إذا اهتزَّ تساقطَ عزةً = وإذا ارتوى أثمرَ بالعلياءِ
نحرٌ تفجّرَ بالحياةِ ولمْ يكنْ = للموتِ منحورًا على الرمضاءِ
هذا هو السبطُ الذي حفرَ العُلى = لمسيرةِ الإنسانِ في الأرجاءِ
منبعُهُ أنمى الهوى من حيدرٍ = وغديرُهُ يجري مِنَ الزهراءِ